رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

آباء الثورة المصرية «7»


وضع «حبيب العادلى» يده فوق مصحف وأقسم بالله أمام نقيب الصحفيين بأن الداخلية بريئة تماما من عملية اختطاف عبدالحليم قنديل وضربه فى الصحراء.. وتركه عاريًا كما ولدته أمه!

فى السادسة من صباح ذلك اليوم نهضت من النوم على جرس التليفون الذى لا يكف عن الرنين وعلمت بالذى حدث عن طريق المهندس «محمد» نجل عبدالحليم قنديل، ومطلوب تواجدى أمام مكتب النائب العام فى الثامنة صباحا.

وقال لى «عبدالحليم» بعدها بيومين إن ميليشيات خاصة تابعة لسوزان وجمال مبارك وراء عملية اختطافه وأن الهدف منها كان إرهابه لئلا يتطاول بعد ذلك على «الكبار»!

ويبدو أنها ذات الميليشيات التى سبق وأن تعرضت للاستاذ «جمال بدوى» رئيس تحرير «الوفد»، وأشبعته ضربًا فى طريق صلاح سالم.

كان عبدالحليم قنديل قد كتب مقالا بعنوان «أشعر بالعار بالعار أنك الرئيس» وفى المقال كتب عبارة «إنى اتقيؤك».

وكان هذا المقال واحدًا من مئات المقالات النارية التى تفضح استبداد مبارك ونظامه، وعمليات التوريث وتسلط سوزان مبارك ونهب ثروات البلاد عبر مبارك وحاشيته.

كانت مقالاته عمليات انتحارية تتم بقلم ناسف وكأنه يمسك قلمه بأصابع ديناميت! كانت حياته مهددة فى كل وقت وكان يكتب وكأنه آخر مقال وكنا نخاف عليه وكنت أنصحه بعد واقعة الاختطاف ألا يمشى وحده، وأن يأخذ حذره وأمازحهه «احنا تعبانين فيك»!

كثيرون كانوا يقولون إن شيئًا لن يتغير وإن عبدالحليم يضرب رأسه فى الحائط، إلا هو كان مؤمنًا أن الثورة قادمة فى الطريق وأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة!

وكانت هذه الخطوة هى حركة «كفاية» التى أسسها ومجموعة من الثوريين وقد تعرض بعدها لمتاعب كثيرة وعاشت أسرته حياة القلق والخوف والرعب عليه، ووجد نفسه بلا عمل بعد تركه لصحيفة «الكرامة» إثر ضغوط دولة مبارك، إذا هدد «زكريا عزمى» «حمدين صباحى» مباشرة حين انتحى به جانبا فى مجلس الشعب وكان تهديده باسم الراجل الكبير قائلاً له: «عبدالحليم» لازم يمشى وإلا سنغلق «الكرامة» واستدعى حسن عبدالرحمن «صباحى» وابلغه بذات الرسالة!

وبدون حاجة لتفاصيل ترك «قنديل» الكرامة، لأن الخيار كان صعبًا إما التضحية بالكرامة أو بعبد الحليم قنديل وضحت الكرامة بعبدالحليم قنديل!

وحين يكتب تاريخ ثورتى يناير ويونيو، لن يغفل المؤرخون دور مئات الكتاب الأحرار الذين حركوا الشارع وقاوموا الاستبداد وحرضوا على الثورة من جميع التيارات السياسية الليبرالية واليسارية والقومية.. وفى المقدمة منهم عبدالحليم قنديل