رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هذا المحتوى بأقلام قراء جريدة وموقع الدستور

لمن يهمه الأمر ويأمل في اصلاح حقيقي لبلدنا العزيز

الشركة المصرية للاتصالات
الشركة المصرية للاتصالات

أما وقد دخلنا لعصر جديد ورفعت الدولة شعارات التنمية الشاملة ومحاربة الفساد وتطبيق المساواة والعدالة الاجتماعية، فهل سيمد الله في عمرنا حتي نري الدولة وهي تقلب في أركان الفساد المظلمة والمستقرة من سنين والتي لم يجرؤ أحد علي اقتحامها لما في ذلك من هدم لمكاسب مالية ضخمة تحصل عليها قيادات المؤسسات؟ حيث استمروا علي مدار سنين في نقل أموال الدولة والشعب الي جيوب حفنة صغيرة من الموظفين العموميين الذين يفترض فيهم العمل علي خدمة المواطن وتوفير حقوقه، فاذا بهم أول من يستحل هذه الأموال ويضعونها في حساباتهم الشخصية.

وليس هناك أوضح من مثال استمرار قيادات الشركات في عضوية مجالس ادارات الشركات التابعة لمؤسساتهم والحصول علي مبالغ مالية هائلة كمكافئات عن هذه العضوية. واعتبارهم هذه المكافئات كحق مكتسب يتقاضونه ثم يتشدقون بحقوق العمال ويتفضلون عليهم بالفتات ويمنون عليهم بها.

وكمثال صارخ لهذا ما يحدث في الشركة المصرية للاتصالات (أو بقرة حاحا كما نسميها نحن ابناء الشركة). وذلك حيث دأبت الحكومات المتعاقبة بالتعاون مع الادارة العليا للشركة علي "حلب" الشركة وتجريدها من كل مزاياها وقصر خير الشركة الوفير علي مجموعة محدودة من الرئيس التنفيذي ونوابه والمقربين لهم. وليس هناك مثال لذلك أوضح من الفرق الشاسع بين المبني الفاخر للإدارة العليا في القرية الذكية وبين المباني البائسة للسنترالات في المحافظات والأقاليم والتي لا يمكن أن يجد فيها الموظف كرسي سليم يجلس عليه لأداء عمله أو دورة مياه نظيفة يستعملها. وبينما يتسع هذا الفارق نجد أن القيادة العليا للشركة تضرب بعرض الحائط توجهات الدولة والممثلة في تصريحات السادة الرئيس ورئيس الوزراء وكمثال علي تفاصيل ذلك ما يلي:

• تـقوم الشركة المصرية للاتصالات بالمساهمة في شركات أخري وتختار من يمثلها من العاملين في الشركة كجزء من وظيفتهم التي يتقاضون عليها أجرهم الشهري. وبالقانون (كالعادة) تقوم هذه الشركات بصرف مكافئات عضوية وبدلات حضور لأعضاء مجالسها. وبدلا من أن تعود هذه المبالغ لميزانية الشركة، يتم صرفها للمحظوظين ممن اختارهم الرئيس التنفيذي لعضوية هذه المجالس.

• ولكي ندرك حجم هذه القضية، يكفي استعراض أسماء السادة أعضاء المجالس فنجد أن نفس الأسماء تتكرر في الشركات. وبنظرة سريعة فان شركة مثل فودافون ( التي تساهم فيها الشركة المصرية للاتصالات) تصرف مكافأة سنوية لعضو مجلس الادارة حوالي ثلاثمائة ألف جنيه سنويا، بينما شركة مثل تي اي داتا (تمتلكها أيضا الشركة المصرية للاتصالات) تصرف للعضو مائتان وخمسون ألف جنيه سنويا.

• ويعني ذلك أن كل من السيد الرئيس التنفيذي للشركة و نائبه الأول المحظوظ ورئيس القطاعات المقرب (وثلاثتهم أعضاء في مجلس ادارة الشركتين بالصدفة!!) سيحصلون في العام علي حوالي ستمائة ألف جنيه مصري في العام (بإضافة بدلات الحضور) وهو ما يساوي خمسون ألف جنيه شهريا خالصة الضرائب. وهو ما يفوق الحد الأقصى للدخل الذي حددته الدولة مع ملاحظة أن هذا الموظف يتقاضى بالفعل مرتب كبير مقابل أداء مهام وظيفته العادية (وهو مرتب ليس بالقليل). فكيف يتماشى هذا مع ما أعلنه السيد الرئيس والحكومة من أولوية تطبيق العدالة الاجتماعية وعلي رأسها الحد الأقصى للدخول.

• يتم اختيار الأعضاء بدون أي قواعد واضحة, واذلك فتجد أن النواب المفضلين للرئيس التنفيذي و الموظفين المقربين له هم من يتم اختيارهم في هذه المجالس مما يضمن لهم الحصول علي مبالغ تساوي الدخل السنوي لنظيرهم (غير المقرب للرئيس) كمكافأة اضافية وهو ما يخل بمبدأ المساواة ويفتح الباب للتقرب للرئيس التنفيذي والموافقة العمياء علي قراراته أملا في الحصول علي هذه المكافآت والاستمرار في هذه المجالس.

• خلال السنوات الماضية التي تلت ثورة 25 يناير تعاقب علي الشركة العديد من الرؤساء التنفيذيين الذين اقدموا علي تغيير كافة اللوائح حتي النظام الأساسي فيما عدا هذا الموضوع الحساس وذلك لكونه يمسهم بشكل شخصي ويخص ما يحصلون عليه من بدلات ومكافئات خيالية تقدر بمئات الألوف واحيانا تتعدي المليون (في حالة الرئيس التنفيذي شخصيا) من الجنيهات.

• بينما يحدث ذلك بهدوء في الشركة المصرية للاتصالات، نجد أن في شقيقتهم هيئة البريد وعلي اثر اعتراض زملاؤنا موظفيها علي عدم توزيع أرباح شركة اتصالات مصر عليهم, أكد السيد الوزير أن شركة اتصالات مصر لم تقم بتوزيع أرباح وانما مكافئات للسادة ممثلي البريد في مجلس الادارة. وأصدر سيادته تعليماته وأكد علي أن يتم ادراج هذه المبالغ في ميزانية البريد ولا تصرف للأفراد (حيث أنهم يمثلون للبريد وليسوا أعضاء بشخوصهم). فكيف يكون هناك مؤسستان تتبعان لنفس الوزارة ويكون هناك هذا الفارق في المعاملة.

• يفوق اجمال هذه المكافآت مبلغ الخمسة ملايين جنيه بكثير توزع علي عدد أفراد لا يتعدى أصابع اليدين. ونتساءل بسذاجة: ألم يكن من الأولي أن تحصل الشركة المصرية للاتصالات علي هذه المبالغ لتشتري كراسي سليمة للعاملين؟ أو لشراء معدات للعاملين تساعدهم في اصلاح الأعطال أو حتي توزيعها علي المساهمين (وهو الشعب بصفته مالك الشركة) لبناء مدرسة أو علاج بعض أفراد الشعب.

اننا نثق بشدة في النوايا المخلصة للقائمين علي الأمور في بلدنا العزيز. ونعتقد أن بعض مثل هذه الأمور قد تكون خافية عليهم. ونشعر أن من واجب كل منا في مكانه أن يلقي الضوء علي ما قد يراه من أمور مختلة حتي يتم اصلاحها وبعد ذلك نراقب كيف سيتصرف المسئولون وهو ما يحدد درجة الرغبة في الاصلاح. وفي كل الأحوال فلن نيأس وسنستمر في رفع الأمر للاعلام والجهات الرقابية حتي تستقيم الأمور عما قريب.

ألا هل بلغنا؟ اللهم فاشهد. وفقكم الله لما فيه صالح البلد والعباد.

أبناء الشركة المصرية للاتصالات وأعضاء نقابتها العامة والمستقلة.