رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تركيا تلعب مع مصر "لعبة قذرة".. وعلى العرب محاصرتها اقتصاديا

اردوغان
اردوغان

في موقف متناقض يعكس غياب الرؤية والتذبذب، هاجمت وزارة الخارجية التركية -في بيان أصدرته أمس- مصر؛ ردًا على بيان الخارجية المصرية الذي انتقد التدخل التركي في الشأن المصري، في وقت أكد أحمد داوود أوغلو، رئيس وزراء تركيا، أن بلاده تولي اهتمامًا شديدًا بمصر لأنها العمود الفقري للمنطقة.

الخارجية التركية كانت أصدرت بيانًا شديد اللهجة، ردًا على ما أسمته "المزاعم الواردة في بيان الخارجية المصرية"، واصفة إياها بأنها "غير حقيقية"، وليس من الممكن قبولها أو أخذها على محمل الجد".
البيان، جاء في الوقت الذي قال فيه رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، خلال كلمة ألقاها في المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي تستضيفه إسطنبول حاليًا، إن "مصر تشبه تركيا إلى حد كبير وبلاده تولي اهتمامًا شديدًا بمصر؛ لأنها العمود الفقري للمنطقة، وتتمنى أن تكون أكبر شريك استراتيجي لبلاده خلال الفترة المقبلة".

وتعليقًا على هذا التناقض في الإشارات الصادرة من أنقرة، قال الدكتور خالد الزعفراني، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، إن "تناقض الموقف التركي تجاه مصر، يؤكد أن موقف السياسيين بتركيا ليس واحدًا، والأغلبية غير راضية عن موقف أردوغان".

وأشار إلى أن موقف تركيا تجاه مصر "انتقائي"، وادعائها الدفاع عن حقوق الإنسان "كاذب"، متسائلاً: لماذا لم تنتقد الرئيس المعزول أثناء حكمه، عندما أصدر الإعلان الدستوري المكمل الذي أعطى له صلاحيات غير عادية وخرق كل القوانين المتعارف عليها في الدول الديمقراطية، ولماذا لم تنتقد الأوضاع في مصر في عهد المخلوع حسني مبارك الذي تم في عهدة تزوير الانتخابات بشكل فاضح".

وطالب "الزعفراني"، القاهرة بالتنسيق مع الدول العربية للضغط اقتصاديا على تركيا من خلال مقاطعة المنتجات التركية لدفع المؤسسات الاقتصادية التركية والشعب للضغط على "أردوغان".

وقال الدكتور سعيد اللاوندي، الخبير في شئون العلاقات الدولية، إن العلاقات التركية المصرية في طريق مسدود، ومصر لم تكن تريد ذلك، لكن الموقف السلبي لتركيا من ثورة 30 يونيو هو الذي أدى للتصعيد؛ حيث وجه "أردوغان" انتقادات شديدة لمصر في الأمم المتحدة، كما هاجمها السفير التركي في تونس مؤخرًا.

وأكد أن تصريحات "أوغلوا" التي قال فيها إن مصر العمود الفقري للمنطقة، ليست جديدة، ولا يمكن التقليل من حجم مصر، لكن لن تؤدي لتهدئة التوتر بين البلدين لأن "أردوغان" باعتباره رئيسًا للبلاد، هو المعبر الرسمي عن السياسة التركية.

وأشار إلى أن "أردوغان" يريد أن يمارس الوصاية على مصر، وأن تكون تركيا هي "أمريكا" المنطقة وحارس الديمقراطية وحقوق الإنسان، لافتًا إلى أن مصر لن تقبل بذلك لإدراكها أن تركيا مثل إسرائيل كلاهما ينفذ الأجندة الأمريكية بالمنطقة.

فيما رأى يسري العزباوي، الباحث السياسي، أن تركيا تلعب مع مصر لعبة قذرة، باتباع سياسة الشد والجذب، فأردوغان يتطاول على مصر، وفى المقابل يصدر رئيس الوزراء خطابًا أكثر تهدئة وفق نظرية معروفة لا تخيل على المصريين.

وأضاف "التطاول التركي سيستمر بفترة ليست بالقصيرة، الأمر الذي يستوجب تحرك مصري سريع وسياسة واضحة عبر دور مباشر حقيقي لمراكز الفكر وصنع القرار لمحاولة كشف الدور التركي، مؤكدًا على ضرورة اتخاذ موقف عربي موحد تجاه تركيا".

وأوضح حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن النخبة السياسية في تركيا بما فيها النخبة الحاكمة ليست راضية عما يجرى من تدهور في العلاقات المصرية التركية خاصة في ظل خطر الإرهاب الذي تواجهه المنطقة ومحاولات التحالف الدولي في مواجهة داعش.

ولفت إلى أن هذا التناقض في تصريحات أردوغان وأوغلوا ربما تكون بوادر انقسام بين رئاسة الدولة وبين رئاسة الوزراء، خاصة وأن أوغلوا رجل محنك في السياسة الخارجية وله رؤية مختلفة إلى حد كبير، في الوقت الذي يرى أردوغان نفسه زعيمًا وخليفة للمسلمين.

وأشار إلى أن هذا التناقض ربما يفسر كنوع من محاولة توزيع الأدوار، فهناك سياسة ذكية في تركيا وهي الاستفادة من كل التناقضات في المنطقة.