رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا بعد زيارة السيسى لأمريكا؟


تحدث السيسى أمام رؤساء العالم حديثاً وصف فيه مصر الجديدة الديمقراطية التى تؤمن بالحرية والكرامة الإنسانية وحرية الكلمة والرأى والإعلام واستقلال القضاء ولم يقاطعه أحد ولم ينسحب أحد كما قالوا ولكن تم تحيته واستقباله والحفاوة به

جاء قرار السيسى بالذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور الجمعية العامة الـ 69 للأمم المتحدة فى ظل ظروف غير مواتية فى الداخل والخارج، حيث مازال الاستقطاب السياسى الحادث نتيجة للعمليات الإرهابية فى الداخل وعلى الحدود الشرقية إضافة للتهديدات الواردة من الحدود الغربية لما يحدث من فوضى وصراع أهلى فى الداخل الليبى، إضافة للتسريبات الإرهابية الواردة من الحدود الجنوبية، ناهيك عن التخريجة الأمريكية لما يسمى بـ«محاربة داعش» فى سوريا والعراق عن طريق العرب وبأموالهم ولكن الإشراف أمريكى غربى كالعادة.

جاءت الزيارة بعد مائة يوم من حكم السيسى لمصر وكان قد أرسى فيها قواعد الصدق والمصداقية بينه وبين الشعب المصرى تمثل فى تقبل القرارات الاقتصادية الخاصة بتقليص نسبة الدعم المقدم للمواطن الفقير والأكثر من ذلك وتأكيداً لهذه المصداقية كان هذا الإقبال على شراء شهادات استثمار قناة السويس بشكل غير متوقع وغير مسبوق، أما على الجانب الآخر فمازال تنظيم الإخوان ومن معهم فى الداخل ومن يؤيدهم فى الخارج وعلى رأسهم تركيا وقطر يتصورون ويتوهمون ويتخيلون أن الانقلاب العسكرى - على حد زعمهم - فى طريقه للانكسار حيث إن السيسى ليس رئيساً شرعياً وأنه قد جاء بانتخابات مزورة - على حد وهم أردوغان- وقد ساعدهم على هذه الأوهام موقف أمريكا والاتحاد الأوروبى من 30 يونيو حيث إنها لم تسقط حكم الإخوان فقط، ولكنها قد أسقطت كل المخططات الأمريكية والغربية، حتي إنهم قد توهموا أن عدم زيارة السيسى لأمريكا لحضور القمة الأمريكية - الأفريقية هو نوع من عدم المواجهة للعالم الخارجى. الشيء الذى أغراهم على رسم مخطط وعلى كل المستويات لاستقبال السيسى فى أمريكا بطريقة تؤكد عدم شرعية رئاسته وتظهر حجم المعارضة له ولنظامه، وأعلن هذا فى كل وسائل الإعلام وتم تضخيم الاستعدادات المضادة للسيسى مما جعل البعض يتخوف حتى إن هذا البعض أوصى بعدم ذهابه إلى أمريكا، ومع هذا ذهب السيسى لأمريكا وكانت هناك مفاجآت كثيرة لا يستطيع أحد إنكارها أو محاولة إسقاطها حيث إنه فى مجملها قد مثلت نقلة نوعية لإعلان قدوم مصر الجديدة برئاسة رئيسها المنتخب، وكان ذلك بصوت عال أمام العالم كله، استقبلت الجالية المصرية من كل الولايات الأمريكية وكندا السيسى بشكل مصرى وطنى حضارى فى مقابل استقبال نفر من الإخوان الوفد الإعلامى المصرى بكم هائل من الشتائم والسخائم التى تدل على المضمون وتفاهته وتؤكد على المسلك وفجاجته، فى مواجهة الأعداد الهائلة من المصريين التى استقبلت السيسى بحفاوة غير أقل من عشرة أشخاص وكانت الحجة هى تغيير مواعيد إلقاء الكلمة فى الجمعية من الخميس إلى الأربعاء، استقبل السيسى أهم صناع السياسية الأمريكية -ولا يزالون- منهم الداهية كيسنجر وأولبرايت وكلينتون وهيلارى كلينتون وسكر سكوف وأمام هذا لم يكن أمام أوباما غير أن يطلب مقابلة السيسى.

تحدث السيسى أمام رؤساء العالم حديثاً وصف فيه مصر الجديدة الديمقراطية التى تؤمن بالحرية والكرامة الإنسانية وحرية الكلمة والرأى والإعلام واستقلال القضاء ولم يقاطعه أحد ولم ينسحب أحد كما قالوا ولكن تم تحيته واستقباله والحفاوة به.. أجرى محادثات ومقابلات مع اقتصاديين ورجال أعمال ودعاهم للاستثمار فى مصر وانفتح على الإعلام الأمريكى حتى يتعرف المواطن عليه مباشرة بعيدا عن الحملات الإعلامية المضادة مدفوعة الأجر، هنا نستطيع أن نقول إن السيسى ومصر قبل الزيارة لم يصبحا هما بعد الزيارة، ولكن وهذا هو الأهم فماذا بعد هذه الزيارة؟ لا يجب أن نضخم ونبالغ فى نتائج هذه الزيارة وأن نضعها فى حجمها الحقيقى وأن نستثمر نتائجها ونجاحاتها أحسن استثمار، التف الجميع وراء السيسى لظروف الزيارة الخاصة ولمواجهة مخططات الجماعة وأتباعها.

وهذا كان مطلوباً ولكن فى الوقت نفسه لا يجب لأحد أو للسيسى نفسه أن يأخذ هذا بشكل شخصى أو فى نطاق ذاتى ولكن فليعلم الجميع أن ما تم حتى ولو كان مع السيسى كشخص يمثل مصر، فما تم لمصر أولاً وأخيراً وهذا هو أهم مكاسب 25 يناير و30 يونيو، و هو الالتفاف حول الوطن من أجله شعباً ورئيساً، وهذا ما نراه، وما يحاول أن يثبته السيسي حتي الآن وربنا يحميه من البطانة والمنافقين وأصحاب المصالح، أخيراً كانت كلمة السيسى معبرة أحسن تعبير عن يناير ويونيو الشىء الذى يجب أن يزيل ويقضى على محاولة الفصل بين الاثنين بما يهدد الوطن، وعلى السيسى أن يضع كل المبادئ والتعريفات الواردة فى كلمته موضع التطبيق العملى على أرض الواقع حتى نحول انتفاضة يناير ويونيو إلى ثورة حقيقية تطبق المبادئ المعلنة منذ يناير والتى يسعى الجميع إلى تحقيقها، بهذا ستزداد المصداقية بين الشعب وبين السيسى وسيتم سد أى منفذ يحاول من خلاله أحد الولوج ضد الوطن، وبهذا نستطيع أن نواجه كل المخططات الداخلية والخارجية ونبنى سوياً «مصر الجديدة وطن كل المصريين».

كاتب وبرلمانى سابق