رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عقب رحيله:

"يسري فودة".."طيب الأوقات" مر سريعًا

يسري فودة
يسري فودة

بهدوء اعتاده الجماهير منه، يناقش قضاياه الهامة ولا يفقد أعصابه، مقدمات نارية يسير دائمًا على خطاها، تحمل في طياتها نبوغ عالي في اللغة العربية، بتلك الكينونة يخرج "يسري فودة" كل يوم من خلال الشاشة الصغيرة على مختلف برامجه وقنواته، عرف عنه اختصاصه في استضافة الجواسيس فلقبوه "بصائد الجواسيس"، وكلماته المفتاحية التي أسر بها قلوب الشباب بقوله: "طيب الله أوقاتكم".
الإعلامي "يسري فودة" الذي استطاع أسر قلوب الشباب من خلال برنامجين اختلفوا فقط في المنصة التي يطل منها، بمواقفه الثابتة، والتي لا تتبدل أو تتغير بتغيير الحكام والسلطات، بتأييده لثورات الشعوب العربية على مختلفها.
على ذلك الجدار المتهالك القابع بشارع محمد محمود، الذي يعتبر بمثابة شاهد على الثورة، طلت صورته على الجدارن حاملة لقبه الذي أطلق عليه منذ ثورة 25 يناير "صوت الثورة الفصيح"، بقامته المرفوعة التي خطت جانبه "الجدع جدع والجبان جبان".
وأيضًا من الألقاب التي حازها عن جدارة "فارس الإعلام العربي"؛ بسبب رؤيته أن مستقبل مصر مشرقًا، ما دام شعار الثورة مستمرة حاضرًا في الميادين، وعقب آخر رحيل له من فضائية "اون تي في"، دشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي صفحات تنادي بعودته مجددًا تحت مسمى: "أنا صوت الثورة أرفض رحيل يسري فودة".
كانت بدايته على شاشة الجزيرة من خلال برنامج "سري للغاية" الذي علق بأذهان المصريين، بسبب الجرأة التي تحملها حلقاته، والتي تبعها بسلسلة حلقات "وكر الجواسيس"، ليدخل بنفسه إلى ذلك العالم المشوش، ويحظى البرنامج بجماهيرية عالية، حتى حصلت أولى حلقات هذا البرنامج على الجائزة الفضية لمهرجان القاهرة للإنتاج الإذاعي والتليفزيون للعام نفسه.
بداية من حلقته الكاملة عن رأفت الهجان الشخصية الغامضة والعميل الخفي، والتي اعتبرت من حلقاته المميزة والنادرة، وصولًا إلى استضافته للكاتب الأمريكي "إريك تراجر"، والذي تحدث معه في حلقة كاملة عن الجواسيس بمصر.
استقالة يسري فودة من قناة الجزيرة عن برنامج "سري للغاية"، الذي بدأه عام 1998، جاءت من خلال "مقالة" له تحمل عنوان "القرار الصعب الذي كان لابد من اتخاذه، وداعًا قناة الجزيرة"، وخرج صوت الثورة من القناة القطرية، مرجعًا الأسباب أنها تتعلق بالإدارة وبالسياسة أيضًا، واعتبرها في ذلك الوقت "استراحة محارب".
ومنها إلى "أون تي في" التي فتحت ذراعيها لفارس الإعلام العربي، ليطل مرة أخرى على مشاهديه من خلال برنامج "آخر كلام"، ليثبت في النهاية أن تلك المحطة بالفعل ستكون "آخر كلام".

ظل في ذلك البرنامج معبرًا عن الثورة ومطالبها لا يتحدث إلا عنها، وأغلب استضافته كانت لشبابها ليعتبر منبرًا مسموعا لهم، والتي استضاف فيها أيضًا رئيس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق، وتقدم بعدها الأخير باستقالته من منصبه بعد مشادة مع الضيف الآخر وهو الكاتب علاء الأسواني.
لتأتي تلك اللحظة الحاسمة، ويطل فودة على موقع "تويتر" بكلمات قليلة لم تتعد الثلاث سطور، ويعلن استقالته من القناة، تحت نفس المسمى وهو خلافات في الإدراة والسياسة.
ليخرج بادئًا آخر حلقاته بتلك النهاية: " أخطأنا أحيانًا؟ نعم، وجل من لا يخطئ، لكننا نحمد الله أن ثبت على الحق خطانا حين كان لقولة الحق ثمن، ويودعهم بقوله: "الآن يستريح هذا البرنامج بين أيديكم وبين أيدي قطعة غالية من تاريخ هذا الوطن، ومن مسيرة الإعلام في هذا الوطن".
اختلفت طريقة الاستقالة واتفقت الأسباب، وهي "الاستراحة والتقاط الأنفاس"، ليعود الإعلامي المنضال إلى صفوف المشاهدين كما بدء، ولكنها لن تكون نهاية أبدية "فمن ولد صحفيًا يموت صحفيًا"، كانت كلماته في استقالته الأولى ليؤكد بها عودته مرة أخرى، في مكانًا وزمانًا آخرين.