رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إخوان فى صندوق القمامة


هل أنبئك أحدهم عن اليوم الحقيقى لزوال حكم الإخوان؟ إذن اسمع منى عن ذلك اليوم الحقيقى لسقوطهم، «ولا ينبئك مثل خبير» فهو يوم الأربعاء الموافق 21 نوفمبر من عام 2012، وفيه أصدر محمد مرسى عيسى العياط الذى كان وقتها رئيساً للبلاد إعلاناً دستورياً، لم يكن له سابقة، وبه يعيد قول فرعون الذى قال «أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى» ...
... ثم تطور به الأمر فقال «أنا ربكم الأعلى»! وهذا هو دأب الفراعين والقياصرة والكياسرة الطغاة من كل الأجناس، ولكن ما هى قصة هذا الإعلان الدستورى؟.كانت شعبية الإخوان قد تآكلت تماماً، فقبل أن يحكموا البلاد زعموا أنهم يحملون الحل السحرى لكل المشاكل والعقبات، ووضعوا فى أمانى الناس أن لديهم المشروع الأعظم، وأطلقوا عليه «مشروع النهضة»! وزعموا أنهم يحملون الخير لمصر وأنهم من أجل ذلك أعدوا هذا المشروع العملاق منذ سنوات بعيدة! وقبل يوم الانتخابات النهائى قال مرشحهم محمد مرسى: سأقضى على كثير من المشاكل فى المائة يوم الأولى من حكمى، واختار بعض المشاكل الثانوية وجزم بأنها ستنتهى تماماً.وجاء مرسى حاكماً، وجلس الإخوان على سدة الحكم، وإذا بهم بدلاً من حل المشكلات يفتعلونها، وبدلاً من أن يرفعوا الأعباء عن كاهل المواطنين يزيدون من ثقلها، ومرت المائة يوم الأولى الذى وعد وأقسم عليها محمد مرسى، فلا مشاكل حُلت، ولا أعباء رُفعت، ثم إذا بخيرت الشاطر لسبب أو لآخر يصرح بأنه ليس لديهم ما يسمى بـ«مشروع النهضة»، وأن الإعلام فهم الأمر خطأ فأشاع أن هناك مشروعاً للإخوان! .وفى حكم البلاد يجب لكى تنجح أن تعمل على تحقيق طموحات شعبك، قد لا يطالبك الشعب بالنتيجة، ولكنه قطعاً يريد أن يراك وأنت تأخذ خطواتك الأولى صوب هذه الطموحات، ولكن جماعة الإخوان لم تدرك هذه الحقيقة، إذ كانت قد وضعت الشعب فى خانة «الدرجة الثالثة» وهذه آفة الديكتاتوريات الحمقاء، فمنذ زمن وبعضهم لم يكن يحسب حساباً لشعبه، فإذا بالشعب بعد ثورة يناير يصبح طرفاً أصيلاً ومؤثراً ولا يمكن التغاضى عنه أو عن طموحاته، وحين جاء حكم الإخوان وقع فى ظنهم أن الشعب لا يزال بعيدا عن التأثير، أو أنه لم يصبح طرفاً فى معادلة الحكم بعد، وظنى فى ذلك أن الإخوان لم يعتمدوا على الشعب أبداً فى أى مرحلة من مراحلهم، لأنهم كانوا لا يثقون فيه، بل إنهم كانوا يعتبرونه عدواً لهم، ألم يقل لهم حسن البنا فى رسالة المؤتمر الخامس «إن الشعب حين يعرفكم ويعرف صدق عقيدتكم سيقف ضدكم»! لذلك كان رهان الجماعة دائماً على التنظيم لا على الشعب، أما غاية ما تمنوه فى الشعب أن يكون طرفاً محايداً سلبياً لا يتحرك، وقد سوَّل لهم غرورهم أن أقنعوا أنفسهم أنهم هم الذين حركوا الثورة، وهم الذين انقضوا على الحكم، وأن الشعب لم يكن إلا عرائس خشبية بين أيديهم، وهل العرائس الخشبية تستطيع أن تثور عليهم أو تغضب منهم؟! لذلك كانت تحركات الإخوان ومرسى فى مقدمتهم تتجه دائماً صوب طموحات الجماعة لا طموحات الشعب، فقرار عودة مجلس الشعب الذى أبطله حكم الدستورية لم يكن يتغيا مصلحة الجماهير، ولكنه كان يبحث عن مصلحة الجماعة، وحصار المحكمة الدستورية لم يكن أبدا لتحقيق صالح الشعب، ولكنه كان خطة ترمى إلى الحفاظ على مكتسبات الجماعة، وقرار إقالة النائب العام لم يكن استجابة للثوار، ولكنه كان استجابة لقرار مكتب الإرشاد.ومن أجل البحث عن غنائم للجماعة صدر الإعلان الدستورى فى وسط جو شديد الاحتقان، فقبله حدثت بعض الكوارث التى أغضبت الرأى العام وقطعت أن مرسى والإخوان لا يهمهم فى شىء مواجهة الفساد الكامن فى بعض مؤسسات الدولة العتيقة، وكان من هذه الكوارث حادث قطار أسيوط البشع عند قرية المندرة التابعة لمركز منفلوط، والذى أدى إلى مقتل سبعة وأربعين تلميذاً، مما أغضب الرأى العام الذى صب نقمته على رأس مرسى وجماعة الإخوان التى فشلت حتى فى إدارة منظومة النقل العام بالبلاد، وتفرغت لخلق مشاكل مع القضاء والقضاة من أجل أخونة المنظومة القضائية، فى وسط هذا الجو يصدر مرسى إعلانا دستوريا يجعل فيه قراراته محصنة لا يجوز الطعن عليها، ولا أظن أن مرسى قرأ بيت الشعر الشهير لأمير الشعراء أحمد شوقى حينما قال «زمان الفرد يا فرعون ولَّى ودالت دولة المتجبرينا» فدالت دولة الإخوان، وذهبت مباشرة إلى أكبر صندوق قمامة فى التاريخ