رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احتفال الرئيس بالفلاح


انتظر الفلاحون أيضا صدور توجيهات بإنشاء النقابة الموحدة للفلاحين بدلا من عشرات النقابات المتنازعة وغير المتناسقة بحيث يكون شأنها شأن نقابة الزراعيين.

خمسة قوانين قوية ومهمة صدرت من رئاسة الجمهورية فى احتفالات عيد الفلاح والتى تأخرت عشرة أيام عن موعدها دون اعتناء وزارة الزراعة بصدور تصريح يوضح أسباب التأجيل والذى هو حرص الرئيس على مشاركة الفلاحين فى عيدهم ولأول مرة منذ سنوات طويلة. قانون التأمين الصحى على الفلاحين يعتبر من قوانين رعاية الدولة لأبنائها الفقراء وليس هناك أفقر من الفلاح، ثم قانون صندوق المخاطر والكوارث الذى يعطى الفلاح طمأنينة على محصوله إذا ما تعرَّض لمهاجمة الآفات مثل الجراد أو الأمراض، أو السيول مثلما حدث فى العالم الماضى حين دمرت السيول أكثر من ألفى فدان فى قرى محافظات الصعيد دون أن يتحرك المسئولون!!. هناك أيضا قانون صيد الأسماك ورعاية الدولة للصيادين وإعداد الزريعة لمختلف صنوف الأسماك فى المياه العذبة والبحيرات الشمالية. هناك أيضا قانون حق الفلاح فى صرف معاش شهرى فى سن الستين بدلا من المقترح السابق بأن يكون فى سن الخامسة والستين. كانت هذه هى المحصلة المفيدة لعيد الفلاح ولا شك أن جميعها قوانين قوية انتظرها الفلاح طويلا، ولكن كان هناك قرارات وقوانين أخرى انتظرناها بعد تصريحات المسئولين بوزارة الزراعة بقرارات سارة تهم الفلاحين. انتظر الفلاحون قرارات خاصة بديون بنك التنمية والائتمان الزراعى والتى تمس 44 ألف فلاح ينتظرون أحكاماً ونحو 22 ألفاً صدرت ضدهم أحكام فعلية من صغار المزارعين الذين لم تتجاوز مديونياتهم الأصلية عشرة آلاف جنيه فقط ولكنها أصبحت مائة ألف!! نتيجة للتعثر فى السداد بسبب أحوال الزراعة فى زمن الركود الحالى، وشراء الأسمدة من السوق السوداء بأكثر من ضعف ثمنها، واستنزاف أموال الفلاحين فى أسمدة مغشوشة أو منتهية الصلاحية أو قاتلة وسامة تصيبه وأسرته بالمرض وتنتج غذاء غير صحى. انتظر الفلاحون أيضا صدور توجيهات بإنشاء النقابة الموحدة للفلاحين بدلا من عشرات النقابات المتنازعة وغير المتناسقة بحيث يكون شأنها شأن نقابة الزراعيين والتى اختفت بفعل سيطرة الإخوان عليها وضعف رئيسها المتقدم فى السن وحرصه على المنصب أكثر من حرصه على صالح الزراعيين. انتظار الفلاح يبدو أنه سيطول فى ظل حرص وزارة الزراعة على أن تبقى جهود الفلاحين مشتتة ومتنازعة، لأن اتحادهم سيزيد من قوتهم فى مجابهة سطوة وزارة الزراعة ومحاسبتها على التقصير فى حقوق الفلاحين.

أهم ما فى الاحتفالية هو شعور الفلاحين بأن وزير الزراعة تعمد وضع العديد من المعلومات المغلوطة أمام الرئيس فيما يخص أحوال الفلاحين بدءاً من أن عددهم 51 مليون فلاح، وفى الحقيقة فإن توزيع السكان رسمياً فى مصر يشير إلى أن نسبة سكان الريف 55% مقابل 45% فقط لسكان الحضر، وبالتالى يكون عدد سكان الريف من إجمالى 85 مليون مصرى هو 47 مليوناً وبالطبع ليسوا جميعا من الفلاحين ففيهم المدرس والطبيب والمهندس والفنى والميكانيكى وغيرهم وأن قطاع الزراعة يستوعب رسميا 33% فقط من إجمالى العاملين فى مصر وليس من إجمالى سكان مصر. الشىء الثانى: إظهار الفلاحين بمظهر الكسالى الذين يستنزفون 85% من موارد مصر المائية ولا يشاركون إلا بنسبة 14% فقط من إجمالى الناتج المحلى لمصر. هذا الأمر يحمل تجنياً كبيراً جداً على قطاع الزراعة والذى يشارك فعلياً بأكثر من 50% من إجمالى الدخل القومى لمصر ويوفر فرص عمل بشكل غير مباشر لنحو 50% من إجمالى العمالة فى مصر، فعلى سبيل المثال: إن مصانع الألبان ومنتجاتها من الجبن بمختلف أنواعه و«الزبدة» وغيرها وهى منتجات زراعية بحتة إلا أنها تنسب لقطاع الصناعة والتجارة فى الدخل القومى ومثلها أيضا محلات الجزارة وبيع اللحوم ومصانع زيوت الطعام ومصانع المكرونة ومضارب الأرز ومصانع الأعلاف النباتية ومحلات العلافة وبيع البقوليات الجافة من فاصوليا بيضاء أو لوبيا وبسلة وفول وعدس وأرز وغيرها وهى تحسب أيضا لصالح قطاع الصناعة والتجارة على الرغم من اتجارها فى سلع زراعية بحتة. هناك أيضا محلات بيع التقاوى والمبيدات ومصانع تجميد وتعليب الخضروات والأغذية كاملة أو جزئية الطهى والتجهيز والتى تمثل 60% من مبيعات أى سوبر ماركت ومعها مصانع الصلصة وأفران الخبز البلدى والإفرنجى ومطاحن الدقيق وشركات تعبئة الحبوب والأرز ومحلات بيع الأسماك و«الكبدة» والأطعمة الجاهزة وغيرها الكثير والتى تحسب ظلماً لصالح قطاع التجارة والصناعة بينما هى فى الحقيقة تتاجر فى سلع زراعية وهى أساس رأس مالها وأرباحها وما توفره من فرص عمل وما تشارك به فى الدخل القومى لمصر.

وأخيراً لم يعجبنى الإشارة إلى حتمية رفع الدعم عن الفقراء خلال خمس سنوات أمام مجتمع الفقراء فلا المكان ولا المناسبة تسمح بذلك.

أستاذ بكلية الزراعة - جامعة القاهرة