رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من "أبلة فضيلة" إلى كرتون" قصص الحيوان في القرآن" ... حين تصبح الحدوتة أفضل معلم

جريدة الدستور

يعود العقل في جلسات عائلية حميمة أو مع الأصدقاء لأجمل لحظات حياته ألا وهي طفولته، فيبدأ بسرد أجمل ما تحمله الذاكرة عن تلك المرحلة، حيث نجد أحدهم يحكي عن الأشياء التي كان يفعلها مع جده، وآخر يقص أطرف المقالب التي نفذها في صغره، وخلال جلسة الذكريات تلك نجد أحد الأشخاص يقول" أكتر حاجة كنت بحبها وأنا صغير حواديت أبلة فضيلة".
ونجد أنفسنا دون وعي نوافقه في رأيه، ونظل نسرد أجمل القصص والحواديت التي قصتها خلال برنامجها، فمع أننا كنا نأخذ هذه الحواديت على سبيل المتعة، إلا أنها بشكل خفي لعبت دورًا كبيرًا في تشكيل شخصيتنا، وجعلنا نتمسك بالقيم والأخلاق، ومن هنا نتساءل هل مازال نموذج الحدوتة له نفس الأثر الذي كان يتمتع به في الماضي أم أنها أصبحت أشياء تراثية لا تلاءم مجمعنا وحاجات أطفالنا؟
ذكر الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن الحواديت لها تأثيرًا كبيرًا على نفوس الأطفال سواء كانت تاريخية أو حديثة، حيث إنها تجعلهم يكونون منهج معرفي تجاه شئ معين دون مرجعية ثقافية أو فكرية، معتمدين في ذلك على ما يسمعونه من أسرتهم، مؤكدًا أنها تتلاءم مع مبدأ توجية النصح إلى الأطفال بصورة غير مباشرة والذي يكون أكثر فاعلية من توجية النصح المباشر لهم.
وأشار فرويز إلى أن الحواديت القديمة كات تنقسم إلى نوعين أحدها تهدف إلى تعليم الأطفال المثل العليا كالصدق والأمانة والعدل، والأخرى تعتمد على التخويف مثل حدوتة "أمنا الغولة"، والتي استعملت لتخويف الأطفال من أجل يحسنوا التصرف في مواقف معينه، وكانت مثل هذه القصص تسبب للأطفال رعبا لا يوصف، لذا نجد أن الكرتون قد جنب الأطفال مثل هذ المعاناة، لأنه يعلم أنها قصة أو حكاية تنتهي بانتهاء الفيلم، وبذلك يأخذ العظة التى ينقلها الكرتون بدون أن تتخلف في نفسه شوائب الخوف والرعب.
وأوضح فرويز أن هذه النوعية من القصص القديمة يكون لها تأثير سلبي على نفسية الطفل، حيث يصبح خائفا، انطوائي، قلق، غير قادر على التعامل مع الآخرين، جبان، بينما القصص التي تهدف إلى التوعية والتعليم والتثقيف تولد لدى الطفل تقة كبيرة بالنفس، وتجعله شخصا سويا.
وقال الدكتور إبراهيم حسين، استشاري الطب النفسي، إن الحدوته شئ تاريخى لا يمكن لأى طفل أن ينشأ بدونها، فهى ثقافة مجتمعية، مشيرا إلى أنها تطورت حال كل شئ في الوجود، ففي الماضي كانت الحدوتة عبارة عن شئ مسموع فقط تحكيه الأم لطفلها، وبعد ذلك تحولت إلى كتاب يصحبه الصور، والآن أصبحت تعتمد على الصوت والصورة معا مثل كرتون قصص الحيوان في القرآن.
وأضاف حسين أن الحدوتة ما زالت لها فاعلية كبيرة كما كانت في الماضي لكن ليس بصورتها القديمة المتمثلة في كون الطفل مستمعا فقط، وإنما في صورتها العصرية المتمثلة في الكرتون، مشيرًا إلى أننا إذا اعتمدنا على الصورة القديمة فلن تحدث أي تأثير في الطفل الحالي، لأنه أصبح يتسم الذكاء مع صعوبة تصديقة لأي شئ، مؤكدًا على النواحي الإيجابية التي تنشأ لدى الطفل كالخيال الواسع وحب الابتكار والخير والمثل العليا.