رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"نسمة عبد العزيز" في حوارها مع "الدستور": الموسيقى الشرقية تؤكد هويتنا وتحافظ على ثقافتنا

نسمة عبد العزيز
نسمة عبد العزيز

نسمة عبد العزيز التي فازت مؤخرًا بجائزة الدولة التشجيعية فرع فنون الإيقاع الموسيقي، هي واحدة من ألمع الأسماء في عالم العزف الموسيقي، استطاعت بموهبتها المتفجرة في العزف علي آلة الماريمبا أن تجمع بين الثقافة الشرقية والغربية، ارتبطت بالعزف على آلة الماريمبا منذ دراستها في معهد الكونسيرفتوار وقدمتها في حفلات الأوركسترا التي تعزف فيها مؤلفات الموسيقار عمر خيرت.
وامتد الأثر السحري لعزفها على واحدة من آلات الإيقاع الغربية إلى الفضائيات حيث قامت بتصوير ثلاثة كليبات هم "تيكو تيكو" و"فوجا" و"شرقيات"، تسببوا في شهرة واسعة لها.
وعن مشوارها الفني وحفلاتها في الأوبرا وعن دعم "مبارك" لها، كان لـ "الدستور" معها، هذا الحوار:

قلت من قبل أنك عشت أجمل أيام حياتك بمهرجان القلعة، فماذا عن ذكرياتك مع ذلك المهرجان؟
بدايتي كانت في مهرجان القلعة عندما كنت طالبة في الكونسيرفتوار وعزفت وقتها مع أوركسترا القاهرة الاحتفالي حيث كان افتتاح المهرجان عادة يبدأ بتقديم هذا الأوركسترا، وكنت أعتقد في وقتها أنني أفعل شيئًا عظيمًا جدًا على الرغم من صغر دوري فكنت أعزف على "المثلث"، وأول مرة عزفت صولو كان في هذا المهرجان أيضًا مع الأوركسترا شريف محي الدين ودكتور مصطفى ناجي، فالمهرجان كان بمثابة فرصة كبيرة لاكتشافنا وتعريفنا بالجماهير لاسيما أن هذا المهرجان في بداياته كان مليئا بالحفلات فكان يقدم أربعة حفلات في اليوم الواحد.

وما رأيك في دورته الأخيرة والتي كانت فرقتك ضمن أبرز نجومها؟
أنا سعيدة جدًا بها، فقد أعادت المهرجان للناس مرة أخرى بعد توقفه، وعودته أعطتني أمل بعودة الموسيقى مرة أخرى للشارع، لاسيما أننا لاحظنا إقبالًا كبيرًا على المهرجان من قبل الجماهير، غير أن الحفلات مجانية بخلاف تذكرة دخول القلعة ما يتيح لكافة الناس دخول الحفلات، وأشيد بدور دار الأوبرا المصرية في نشر الموسيقى في الفترة الأخيرة فقد نظمت إدارتها برئاسة الدكتورة إيناس عبد الدايم كم كبير من الحفلات انطلاقًا من حفلات أوبرا إسكندرية ودمنهور مارًا بحفلات المهرجان الصيفي على المسرح المكشوف وحتى هذا المهرجان.

ولماذا تقتصر الحفلات على القاهرة فقط دون الأقاليم؟
في الماضي كنا حريصين على ذلك، وهذا بفضل دار الأوبرا طبعًا، فاستطعت من خلالها أن أحيي الحفلات في جميع أنحاء مصر وجامعاتها ومراكزها الثقافية، أما الآن فالوضع الأمني أصبح عقبة أمام هذا الانتشار والسفر وإقامة الحفلات في المناطق والأقاليم النائية والبعيدة عن القاهرة، ولكني أتوقع أنه في الأيام القليلة القادمة سوف يعود كل شيء إلى طبيعته.

حدثينا عن بدايتك مع الموسيقى؟
بدايتي الحقيقية مع الموسيقى جاءت أثناء دراستي في معهد الكونسيرفتوار، قبلها كنت ألعب على الأكسليفون وأنا طالبة ابتدائي كنت أظن وقتها أنني فنانة كبيرة، وعندما التحقت بالكونسيرفتوار في قسم آلات النفخ والإيقاع اكتشفت أن مشواري الفني أصبح طويلًا مع كثرة عدد هذه الآلات الحديثة التي لم أعهدها من قبل، لعبت على كل آلات الإيقاع، واستقريت في النهاية على أن أكون عازفة "ماريمبا" وهي آلة غربية في الأساس.

وكيف استطعتي أن تقدمي آلة غربية لجمهور شرقي يتأثر بموسيقى بيئته؟
في الحقيقة، كانت معادلة صعبة جداً، وذلك لأن الجمهور الشرقي اعتاد على ضبط إيقاع موسيقاه بالرق والطبلة فقط، وهاتان الآلاتان كانتا مواد إضافية هامشية في الكونسيرفتوار فمعظم دراستنا كانت على آلات الإيقاع الغربي والموسيقى الغربية، فقمت بجلب موسيقى شرقي قريبة من أذن الناس وفي نفس الوقت عصرية وتناسب الاتجاه العالمي في الموسيقى مثل أعمال عمر خيرت، وأوزع آلة الماريمبا داخلها، الأمر عملياً صعب للغاية أن تطوع آلة إيقاع غربي في لحن شرقي معتمد على "السلطنة" أو "المقسوم"، ونجحت في ذلك في النهاية، واستطعت أن أجذب الجمهور بعد حل هذه المعادلة، وعندما بدأت في تكوين فرقتي ضممت لها آلات شرقية مثل القانون والرق، ووزعتهم على العكس في الموسيقى الغربي التي نقدمها لجمهورنا، مع دقة اختيارات الأعمال لأن آلات الإيقاع لا تقبل جميع الألحان ولكن هناك أعمال مخصصة لها.

هل أنت من تقومين بتوزيع الأعمال الموسيقية التي تقدمها فرقتك؟
أنا فقط أقوم بتوزيع آلة الماريمبا داخل العمل المطلوب تقديمه، لكن في النهاية يجتمع كل أعضاء الفريق للتشاور في توزيع الآلات، فكلنا نقوم بالتوزيع ولست أنا فقط.

وما المعايير التي تختاري من خلالها الأعمال المقدمة في حفلاتك؟
المعيار الأساسي في اختيار الأعمال هو أن أصنع توليفة ما بين الموسيقى الشرقي والموسيقى الغربي، فالغربي يمكننا من إبراز مهارتنا ويؤكد أننا عازفون محترفون، والشرقي يحافظ على شعبيتنا ويؤكد هويتنا وثقافتنا واعتدنا على تقديم الموسيقى الشرقي في حفلاتنا خارج مصر ونحرص في هذه الحفلات أن نلعب الموسيقى على آلات غربية رغبة مننا في توصيل رسالة إلى البلدان الأجنبية تقول إن مصر بها موسيقى ترتقي إلى العالمية.

وماذا عن المشاريع الجديدة لدى فرقتك في الأيام المقبلة؟
نحن دائماً في حالة تجديد مستمر ولعب الأغاني بشكل مختلف ونسعى لأن نقحم فقرات فنية مختلفة أثناء الحفل مثل الطبل البلدي أو الغناء بالتعاون مع مطربين.

وكيف بدأت تجربة الكليبات؟
زوجي هو من قادني لخوض هذه التجربة وهو مدير التصوير السينمائي جلال زكي، واعترضت حينها وكان اعتراضي مبني على أن هذه الكليبات تحتاج إلى كلمات وأن الناس لن تفهم فيديو كليب يضم عمل موسيقي بدون كلمات، لكنه أصر على عمل هذا الكليب، وكان "تيكو تيكو" هو أول كليباتي، ونجحت نجاح كبير، أما "فوجا" فكان الإصرار من جانبي أنا، والكليب نجح أكثر من السابق، وقدمت شرقيات بعدها، وكان هناك عملين آخرين أعددناهم ولكن الحظ لم يوافقهم في الخروج إلى النور، وبمجرد إذاعة هذه الأعمال على شاشات التليفزيون، توالت عليا العروض من جميع شركات الإنتاج الفني سواء السينمائي أو الموسيقي وكان شرطهم أن أقوم بالغناء أو التمثيل ولكني رفضت وأصررت على أن أكون عازفة فقط لأن هذا هو مجالي وموهبتي الحقيقية.

بما إنك من المشاركين في فترة "هوجة الفيديو كليب"، ما سبب اختفاءها في 2014؟
لا يوجد شيء يمكنه الاستمرار، غير أن ظروف الحياة الآن لم تعد مثلما كانت في بداية الألفية الثالثة، فالآن لم يعد هناك رفاهية وقت لمشاهدة فيديو كليب بسبب ازدحام جدولك اليومي بالأعمال وأصبح كل شيء يمضي بسرعة بالإضافة إلى ظهور الإنترنت والوسائل التي تتناغم مع عصر السرعة.


ما ردك على اتهام لجنة التحكيم جائزة الدولة التشجيعية بالتواطؤ لإعطائك الجائزة؟
تقدمت إلى هذه الجائزة العريقة مثلي مثل أي شخص آخر، واخترت عمل يناسب الشروط المطلوبة للترشح للجائزة وهي أن يكون العمل من التراث الموسيقي العالمي في العزف على آلات الإيقاع على أن يبرز مهارات العازف ومستوى الصعوبات التكنينيكية، وفي الحقيقة قدمت عمل صعب للغاية أجهدني على المستوى الشخصي واستغرق مني وقت طويل لمحاولة عزفه بالطريقة المثلى، وقدمتها إلى المسابقة منذ عامين ونصف تقريبًا وفوجئت أنني فزت بالجائزة هذا العام، مثلي مثل أي متسابق آخر، وما كتب في ذلك المقال، ما هو إلا إهانة لشخصي واستخفاف بمجهودي وتجني عليا.

كيف حصلت على منحة مباشرة من حسني مبارك بالسفر لدراسة الموسيقى في أمريكا؟
شاركت في حفل كان مقدم بمنسابة الاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو، وكان يحضره الرئيس "محمد حسني مبارك" آنذاك، فأعجب بعزفي، واقترح على دار الأوبرا المصرية إرسالي في منحة لمدة شهر ونصف إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الموسيقى، ذهبت ودرست الموسيقى تحت يد أكبر مدرسي الموسيقي في جامعة "يو سي أيه" وهذه المنحة غيرت مجرى حياتي لأنها علمتني الإيقاع بشكل مختلف على الرغم أنني ذهبت قبلها إلى فرنسا وألمانيا واطلعت على إيقاعات الموسيقى هناك إلى أن دراسة الإيقاع في الولايات المتحدة يبدوا مختلفاً كثيراً وأن تطلع على كل هذه المدارس المختلفة في الموسيقى فهذا شيء مهم جداً في مشوارك الفني.

من أبرز الأسماء التي ساعدتك للوصول إلى ما أنتي عليه الآن؟
الأستاذ الراحل زين الأشقر، أول من علمني العزف على آلات الإيقاع، والأستاذ عادل إبراهيم وهو أول من قام بتعليمي الماريمبا، درست بره وكورسات في مناطق كثيرة والفنان عادل شلبي في الكونسيرفتوار وريتشارد شتراوس الذي ساعدني أن أقدم أعمال مهمة في الأوبرا عزفت هناك وبناءاً عليها حصلت على رسالة الماجستير.