رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تورطوا مصر فى حلف أمريكا صانعة الإرهاب


فى حربها ضد روسيا فى ثمانينيات القرن الماضى صنعت أمريكا تنظيم القاعدة المتطرف المتشدد لإخراج روسيا من أفغانستان. وذهب إلى أفغانستان الشباب تحت شعار الجهاد فى سبيل الله. مولت أمريكا هذا التنظيم الإرهابى وأرسلت جماعة الإخوان المسلمين وقتها شبابها إلى أفغانستان من الدول العربية للتدريب على العنف وفنون القتال مستغلة الشعارات الدينية والجهادية وملأت أدمغة الشباب بالأفكار المتطرفة...

وعندما عاد هؤلاء الشباب إلى بلدانهم بدأوا فى تكوين الجماعات الجهادية والتكفيرية والتى قامت بأعمال الحرق والسرقة والتدمير والاغتيالات وخاصة فى مصر والجزائر. واشتد عود هذه الجماعات واحتضنتها بلدان الخليج وأمريكا وألمانيا وإنجلترا.

ترعرعت هذه التنظيمات وأنشأت مؤسسات للتمويل وبدأت الدول الكبرى الاعتماد عليها من أجل إشعال الفتن والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد لإضعاف البلدان وتفتيتها ليسهل السيطرة عليها للحصول على ثرواتها وخاصة نفط البلدان العربية فى منطقة الخليج وغاز بحر قزوين فى أفغانستان. واستطاعت أمريكا فى السنوات الأخيرة أن تخلق فزاعة الهلال الشيعى للدخول إلى دول الخليج وإنشاء وتثبيت وتوسيع قواعد أمريكية فى هذه المنطقة تنطلق منها الصواريخ والأسلحة لمواجهة أى دولة فى المنطقة. كل ذلك بتمويل دول الخليج العربى.

وبعد وصول تهديد تنظيم القاعدة إلى أمريكا فى عقر دارها فى 11 سبتمبر 2001، روجت أمريكا لنظرية الحرب الاستباقية على الإرهاب وقادت العديد من الدول للحرب على الإرهاب. وأصبح تنظيم القاعدة الذى كان مجاهداً أيام حربه ضد الروس فى أفغانستان، تنظيماً إرهابياً. وجاءت الفرصة لأمريكا التى تريد نفط وثروات أفغانستان والعراق، أن تشعل الحرب والعدوان عليهما فى 2001 و2003. وبدأ تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير بتدمير وهدم الدول والجيوش العربية وفى مقدمتها العراق. وبالطبع كان لذلك أثر كبير فى إدارة عجلة مصانع السلاح للدول الكبرى فى أمريكا وأوروبا لمد هذه الجماعات بالسلاح، والإشراف على تمويل وتدريب وتسليح هذه الجماعات الإرهابية. وواصلت أمريكا اتصالاتها بجماعة الإخوان المسلمين للاعتماد عليها بزعم أنها جماعة معتدلة حتى جاءت اللحظة المناسبة بعد انطلاق الثورات العربية فى تونس ومصر وامتدادها لليمن وليبيا وسوريا.

وبدأ استبدال الأنظمة الاستبدادية الفاسدة التابعة بأنظمة تابعة أيضاً تعتمد على جماعة الإخوان الإرهابية. ووصل الأمر إلى التدخل المباشر من حلف الأطلنطى بقيادة أمريكا فى ليبيا.

وتمر السنوات والشهور والأيام ويشتد عود الجماعات الإرهابية بمسمياتها المختلفة لتحقق الحلم الأمريكى وتدخل دول الخليج لتمويل بعض هذه المنظمات حتى لا تمتد الثورات إلى أرضها، وتهدد عروشها. ولكن تتطور الأمور، وينقلب السحر على الساحر، وتجد الدول العربية نفسها فى مواجهة هذه التنظيمات التى ساعدت فى تمويلها وتسليحها. كما أصبحت هذه الجماعات فى مواجهة بعضها البعض، وفى مواجهة الأنظمة والشعوب مهددة لأمن واستقرار البلاد وعلى رأسها تنظيم داعش الدموى صناعة أمريكا الذى خرج عن دوره المرسوم فى تقسيم وتفتيت وإضعاف الدول والجيوش فى سوريا والعراق، وتهديد دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات عقاباً لها على دعم مصر فى ثورتها وموقفها سياسياً واقتصادياً بعد 30 يونيو 2013، وخاصة بعد اكتشاف مخطط تقسيم كل الدول العربية وظهرت خريطة السعودية فى ثوبها الجديد فى ثلاث دويلات هى الحجاز ونجد والمنطقة الشرقية. خرج تنظيم داعش الإرهابى عن دوره المرسوم والمطلوب فى إسقاط سوريا نظاماً وشعباً ووطناً، والقضاء على جيشها. وفى الاقتتال بين العراقيين لتقسيم دولتهم إلى دولة السنة ودولة الشيعة ودولة الاكراد. وبدأ التنظيم يقترب ويهدد منابع النفط فى العراق التى تضخ بترولها إلى أمريكا. كشرت أمريكا عن أنيابها وبدأت فى تشكيل حلف دولى لمكافحة المنظمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم «داعش» فى العراق وسوريا.

إن أمريكا ياسادة لا تريد القضاء على هذه التنظيمات الإرهابية ولكنها تريد فقط استثمارها لصالح أهدافها مع تقليم أظافرها وإضعافها حينما تتجاوز دورها المرسوم. كما أن هناك دولاً فى الخليج تساعد عدداً من هذه التنظيمات لإسقاط النظام فى سوريا، وفى نفس الوقت نجد تركيا التى تأوى فى أرضها قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان الإرهابى الهاربين من مصر وترفض حضور مؤتمر السعودية لمكافحة الإرهاب ويلجأ إليها الجرحى والمصابون من تنظيم «داعش» للعلاج فى مستشفياتها. كما تخطط لعودة جماعة الإخوان مرة أخرى إلى حكم مصر.

أمريكا التى تدعم التنظيمات الإرهابية وتدعم جماعة الإخوان الإرهابية والتى منعت تسليم طائرات الأباتشى لمصر رغم علمها باحتياج مصر لها فى مكافحة الإرهاب، هى نفسها التى تعمل على توريط مصر الآن للانضمام إلى حلف دولى بزعم مكافحة الإرهاب، وتقوم على توزيع الأدوار لكل دولة فى هذا الحلف، ومنها الاعتماد على قوات برية من الدول العربية. بل وتريد ضرب سوريا والقضاء على جيشها تحت شعار مكافحة «داعش» الموجودة على الأرض السورية. إن أى غارات على سوريا بدون التنسيق مع النظام السورى وموافقته تعتبر عدواناً على سوريا، مما يهدد الأمن القومى المصرى والأمن القومى العربى. الشعب المصرى لا يقبل توريط مصر فى انتهاك سيادة سوريا العربية