رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر التى فى خاطرى


سؤال خطر على بالى لماذا تقدمت مجتمعات كثيرة بينما ظلت مجتمعات آخرى (محلك سر) كانت متفوقة فى الماضى على المجتمعات التى سبقتها وتقدمت؟

لا شك أن التقدم بمعنى قدرة الفرد على الإنجاز فى الطريق الصحيح مرتبط بعدد من العوامل منها عوامل تشكل مكونات عملية التقدم نفسها وعوامل أخرى محفزة للتقدم ودون الدخول فى تفسيرات نظرية نقول إن عامل الزمن هو الأساس لأن من تقدم استفاد من حركة التطور المفعلة – بكسر الفاء - للزمن.

والذى وقف مكانه عطل حركة الزمن ولم يستغله فمرت الأيام والشهور والسنوات والقرون ولم يحدث التغيير إلى الأفضل حتى وإن حدث تغيير فى لحظة ما إلى الأفضل فيما يعرف بالثورات أى هدم الأنظمة المتخلفة أو الفاسدة لا يعقبها بناء على هذه الخطوة ومن هنا يحدث توقف متعمد لحركة الزمن وعليه الحكم على الثورة ليس فى لحظة أو أسباب قيامها ولكن فيما أسفرت عنه من نتائج إيجابية تحفز المجتمع على التقدم.

وهذا يقدم لنا تفسيراً بشأن اللغط المتعلق بثورة 25 يناير 2011 وما يحاول البعض جهلاً أو تجاهلاً اعتبارها مؤامرة ضد مصر دبرتها قوى خارجية ونفذتها قوى داخلية وأنا أرى فى هذا تسطيحاً وإخلالاً لفهم طبيعة المصريين وإلا لماذا قامت ثورة 30 يونيو 2013 هل قامت على ثورة يناير أم استرداداً لها؟ لو كانت عليها لكان من الطبيعى أن يعود نظام مبارك إلى الحكم من جديد وهذا لم يحدث إذن قامت لاستردادها، لأنها أى ثورة يناير قد سرقت فتحولت النظرة عند الجهلاء إلى مؤامرة وانتهزها من كانوا فى الجحور هاربين ممن روجوا لنظام مبارك أولاً ليعودوا إلى المشهد من جديد ويروجون ثانياً لفكرة مؤامرة 25 يناير يساعدهم فى ذلك أصحاب المصالح ورجال الأموال لا الأعمال، من هنا نجد أنه من الناحية الواقعية أننا أمام ثورة واحدة وليست ثورتين، حيث إن حديث الثورتين يعطى فرصة ذهبية لدعاة التجارة باسم الدين ألا يرون فى المشهد غير ثورة يناير ولأنصار الفساد والنظام الأسبق ألا يرون فى المشهد غير ثورة يونيو وفى الحالتين نحن أمام عملية تشويه متعمدة ليس فقط ليناير أو يونيو ولكن أيضاً للشعب المصرى صاحب المصلحة فى هذه أو تلك.

مما تقدم نقول إن ما يقوم به نظام ما بعد يونيو محاولة لوضع ثورة يناير على المسار الصحيح ويجب أن يبذل كل طاقته لا ستغلال كل الموارد المتاحة لتفعيل الزمن حتى لا نظل (محلك سر) وأنا على ثقة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يدرك ما أقوله ويحتاج لتضافر جهود كل المصريين لتشغيل العوامل المحفزة على التقدم، وقد كرر السيسى كثيراً أنه لا يجب أن يعمل وحده ولعل مشروع تطوير قناة السويس والإقبال الكبير على شهادات استثمار المشروع تدليل على صحة ما نقول وكم نحتاج إلى جهود المصريين جميعاً كى تبدو فى كل المشروعات القومية الخدمية والإنتاجية بنفس نسق وفكر مشروع قناة السويس.

وفى تصورى أن نجاح فكرة التقدم مرتبطة باقتران العلم بالأخلاق فالعلاقة بين العلم والأخلاق مثل العلاقة بين الصفر والواحد إلى جواره كلما زاد عدد الأصفار ازدادت القيمة فإذا حذفنا الواحد فقدت الأصفار قيمتها مهما كان عددها ومن ثم لا قيمة لعلم بلا أخلاق ومن أهم القيم التى كم نحن فى حاجة إليها حب الوطن ليس بالقول فقط ولكن بالفعل أيضاً حتى نضع أقدامنا على طريق التقدم بشرط توافر إرادة قوية لإدارة الزمن بشكل رشيد.

رئيس قطاع الأخبار سابقاً