رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عودة آفة التسلط


قد يكون من المؤسف أن يخط القلم هذه السطور فى هذه الأوقات التى تحزمت فيها مصر بشعبها برباط الأمل فى الغد الأفضل.. ولكى ما تبدأ تخط سطور صفحة جديدة من تاريخها من الإنجازات والمشروعات العملاقة التى تعيد لنا سنوات الزمن الجميل.. ولكن بعد ثلاث سنوات عجاف كانت بدايتها ثورة عارمة جاءت لكى تقضى على كل الترسبات والخطايا التى اكتوى بها شعب مصر.. ثورة كانت بمثابة السيل العارم الذى أراد أن يكتسح كل هذه المخلفات والبقايا من الرذائل التى أنتشرت وسرت فى عروق الكثيرين ممن كانوا على رأس هذا البلد والذين حكموه طوال عقود طويلة اكتظت فيها جيوبهم، وجحظت من الشحم والدسم عيونهم التى لم يقصد سوى ملذاتهم ورأينا الأفراح الخرافية التى يتفق عليها مئات الملايين عندما يتزوج أبناء علية القوم بعد أن حدث ذلك الزواج الأرثوذكسى ما بين السلطة والثروة وامتزجا معاً على نحو قد خلف الكثير من الخطايا التى قد جعلت الجسد يمتلئ بالبلايا والأرزاء فجعلت الكثيرين يفرون إلى المقابر لمشاركة الموتى فى سكنهم.. والبعض الآخر يفر خارج أسوار الوطن أى الأمان بعد أن فقد حقيقته كل ذلك قد مهد لهذه الثورة التى رأت أن أسباب ذلك كله يعود إلى فساد النخبة الذى استشرى فيها والذى أتى على الأخضر واليابس.. وجاءت الثورة ورأينا من كانوا يتربعون على العرش قد اهتزت الأرض من تحت أرجلهم .. ولكن بعد كل ما حدث وبعد أن وضعنا أرجلنا على أعتاب الطريق المستقيم.. ورأينا أن هناك من الأذناب والبقايا التى قد عادت وعاودت آفة قد سئمينا منها وهى التسلط والتحكم الذى ينفر النفوس، وعادت من جديد شخصنة المواقف وهزلية فى القرارات وكأنه لم يكن هناك ثورتان سالت فيهما دماء الأبرياء من زهرة الشباب هل كان كل ذلك لكى ما يعود هؤلاء المتربصون بعد تجدد جلودهم وبعد أن ابتدأوا فى التسلق مرة أخرى فى خلسة من الزمن.. إنهم كالثعالب الصغيرة المفسدة لكروم العنب والتى تدلف من خلال الفتحات الصغيرة التى مازالت موجودة بفعل الظروف التى تمر بها البلاد حيث إننا لم نحكم القبضة عليها، ولم يتم التطهير لهؤلاء الثعالب.. بالفعل نحن أمام مأزق ولكن إن تركنا هؤلاء الثعالب الذين تبوءوا مناصب فى تلك المرحلة الانتقالية العاصفة وهم يحاولون الآن أن يتلونوا بألوان مختلفة ويتدثروا فى عباءات لم يرتدوها فى يوم أو لم يكن ذلك ثوبهم.. ولكنهم يا سيادة المشير قد يدمرون الكثير من إنجازاتك ويصبحون حجر عثرة.. إننا بالفعل تحكمنا الظروف ولكن التغيير لابد أن يكون شاملاً: نحتاج إلى من لديهم ضمائر صاحية وقلوب ملؤها الإيمان «بمخافة الله» تعمل وكأنها تراه أمام عيونها ولا تتعامل بالتواء.. إن الوقت بالنسبة لنا قصير لذلك فالإسراع بالتغيير مطلوب وضرورى ولا مفر منه لأن المستقبل قد أصبح على المحك.

دكتوراه فى العلوم السياسية