رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عالجوهم ولا تصالحوهم


أغلب من تعاملوا مع الإخوان يعرفون أنهم كاذبون، وأغلب من تعاهد مع الإخوان يعرف أنهم خائنون، يقولون ما لا يفعلون، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، أما من عاشوا داخل الإخوان فيعرفون أن الكذب هو أحد أهم الركائز الرئيسة فى فكر تلك الجماعة! ومنذ أن وصل الإخوان للحكم لاحظنا أن خللاً ما أصاب نفسياتهم ، ثم تصاعدت حدة هذا الخلل بعد أن ثار الشعب عليهم
وإلى الآن وهم يعيشون فى وهدة الخلل النفسى ، ولكننى وفى هذه الأيام أسمع فحيح بعض الأصوات وصرير بعض الأقلام وهى تتحدث أو تكتب عن صلح مرتقب بين الدولة والإخوان، وأن من مقدمات هذا الصلح الإفراج الذى تم عن عبد المنعم عبد المقصود محامى الجماعة، وحلمى الجزار أحد الكبراء فى التنظيم، ومحمد العمدة أحد أهم حلفاء الجماعة، ويقولون إن فى الطريق إفراجات أخرى قد يكون فى لائحتها أبو العلا ماضى وغيره، وأن من بشائر هذا الصلح المرتقب البيان الذى كتبه حزب الوسط بشأن خروجه من ذلك الكيان الهزيل والهزلى المسمى «تحالف دعم الشرعية»! كل هذا يدعونى للدهشة والسؤال: هل فعلاً من الممكن أن تقع الدولة فى فخ الصلح مع الإخوان ولو على أمد طويل؟.دعونا نتكلم بصراحة، فهذا الصلح إن تم، ومهما كانت مبرراته فهو مجرد شكل من أشكال تصدير المشكلة للمستقبل، وليس القضاء عليها، وقد يكون هذا المستقبل أقرب مما نتوقع، أما الفحيح الذى نسمعه من أن الدولة لا تستطيع إقرار الأمن والهدوء بالبلاد إلا بعد أن يتم الصلح فهذا هو تبرير العاجز، والادعاء بأن الدولة لا تستطيع أن تلقى فى البحر أكثر من مليون شخص هم أفراد الإخوان والمتعاطفون معهم فهو عذر أقبح من ذنب، لأن واجب الدولة هو أن تقاوم المشروع الفكرى والعقائدى الفاسد لهذه الجماعة بمشروع فكرى وعقائدى صحيح، ولكن للأسف وإلى الآن لم تتقدم الدولة خطوة واحدة نحو إطلاق مشروعها الفكرى الذى يعبر عن القراءة المصرية للإسلام، لم نر أحداً من أزهر أو من غير الأزهر يتقدم بهذا المشروع المفقود ليرى النور، ولم يصدر من الأزهر الشريف أى بيان يفيد أنه سيقود المواجهة ضد هذا التطرف وسيعيد للحياة مدرسة الإمام محمد عبده رائد الوسطية والفهم المستقيم للإسلام، ما زلنا نتحرك بسرعة السلحفاة فى الوقت الذى لا يزال مشروع الإخوان يقوم باستقطاب الشباب وخديعتهم مستغلاً مشاعرهم الدينية المتأججة الفياضة، ومع ذلك فإن فكرة الصلح مع الإخوان لن تضر إلا مصر وأهلها، لعدة أسباب لا مجال لغض البصر عنها.أول هذه الأسباب أن رؤية تلك الجماعة للوطن تختلف تماماً عن رؤيتنا، فنحن نعرف مصر الوطن، والأمة العربية، وندرك أننا ننتمى إليهما ولا يمكن أن ننفك عنهما أبداً، ندرك أن مصر بحدودها الجغرافية بالنسبة لنا هى التاريخ والثقافة والأهل والجدود، ففيها دُفن الآباء والأجداد، وفيها سيطوينا الثرى، وأظن أن مسألة بديهية عند أى مصرى أنه من الممكن أن يضحى بعمره من أجل مصر، لا أن يضحى بأى بقعة فيها ولو كانت متراً واحداً ليغنم مغانم كثيرة، فعلاقتنا ببلدنا هى علاقة انتماء، أما علاقتنا بديننا فهى علاقة «إيمان».ولكن ما الحال بالنسبة للإخوان؟ سأقول لك ـ ولا ينبئك مثل خبير ـ إنهم يعتبرون أن الانتماء للوطن بحدوده الجغرافية هو جاهلية كجاهلية القرون الأولى، ولكن الانتماء ينبغى أن يكون للدين، فالدين عند الإخوان نؤمن به وننتمى إليه، فيكون الدين هو الوطن، ومن يشاركهم فى العقيدة فهو من بنى وطنهم ولو كان يسكن أو يعيش فى أقاصى الأرض، ونظراً لأن دائرة العقيدة عند الإخوان تضيق وتضيق، فإن بنى وطنهم ليسوا هم المسلمين، ولكن هم الإخوان، هل عرفت الفرق؟ نحن نؤمن بالدين وننتمى للوطن، وهم يؤمنون بالدين وينتمون إليه، لذلك فإننا لسنا من بنى وطنهم وإنما من بنى وطنهم من ينتمى إليهم ولو كان من ماليزيا أو أفغانستان، فهل تصدقون أنهم سيتصالحون معنا وليست لنا أرضية مشتركة أو فهم واحد للوطن والوطنية. ولكن ماذا نفعل مع الإخوان؟ نواجه مشروعهم بمشروعنا الراقى الواعى، ثم نعالج الإخوان من الأمراض النفسية والعقلية التى اقتلعت عقولهم، فهم مرضى وأطباء النفس يعرفون هذا يقينا، والمريض لا تتصالح معه وإنما تعالجه