رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستشفى قصر العيني: حالتها ميئوس منها وملهاش علاج عندنا

بالفيديو..إحدى ضحايا الإهمال الطبي .. المرض ينهش في جسد "رشا" ويحولها لـ"هيكل عظمي"

جريدة الدستور

بعيدًا عن صخب المؤتمرات وضجيج أصحابها متحدثين عن إنجازاتهم.. وجولات المسؤولين هنا وهناك التي تبدأ بسجادة حمراء ممتدة لأمتار تنتهي بشريط أزرق يقصه المسؤول وتعلو وجهه ابتسامة عريضة.. يلتقط الصور أمام عدسات الكاميرات في افتتاح صروح طبية جديدة تعمل علي خدمة البسطاء والمرضى من أبناء الوطن، لازال الشعب يعاني الإهمال من تردي سوء الخدمات بمستشفيات الحكومة.

ففي أقصى محافظة الجيزة وتحديدًا بقرية الحوامدية.. ترقد ضحية جديدة من ضحايا الإهمال الطبي بمستشفى قصر العيني، شابة في العقد الثالث من عمرها طريحة الفراش تصارع الموت.. جسدها يتحلل وهي مازالت علي قيد الحياة تحولت ملامحها الجميلة إلى هيكل عظمي ، يتجمع حولها أطفالها الذين لم يحفظوا بعد ملامح أمهم بعدما حرمها المرض من احتضانهم.. دموع أهلها لا تجف والسعادة هجرتهم وباتت لاتعرف لهم طريق.

رشا "24 عامًا" زوجة وأم لأربعة أبناء أكبرهم مهند 8 سنوات، وزياد "7سنوات"، والتوأم سلمي وشهد "4 أشهر".. ترقد فاقدة الوعي بما يدور حولها ليس على لسانها سوى التأوه من شدة الألم.

"القُرح" تهاجم جسدها النحيل بشدة.. تنهش في لحمها حتى تحولت إلى هيكل عظمي وتآكل الجلد و اللحم.. مشهد أشبه كثيرًا بأفلام الرعب التي تنتابنا أثناء مشاهدتها مشاعر الخوف دوما لكننا نظل علي يقين أنها مجرد تمثيل.. لكن حكاية "رشا" مأساة حقيقية لشابة أصابها المرض وأفقدها القدرة على الحركة.

بدأت المأساة في 12 أبريل الماضي بعد مرور أربعة أيام على ولادتها لطفلتيها سلمى وشهد ولادة طبيعية بالمنزل دون الحاجة إلى مستشفى ، حسب رواية زوجها عصام رمضان، حيث ارتفعت حرارة جسمها بشده لتصل إلي 40، فأسرع زوجها باصطحابها إلى مستشفى الإسلامية القريبة من المنزل.

أشار عليهم الطبيب المختص بالذهاب بها إلى مستشفى قصر العيني.. شخّص الأطباء أعراض المرض بالتهاب في الأعصاب أفقدها القدرة علي الحركة بناء على الآشعة والتحاليل وعلى مدار شهرين ظلت تتلقى العلاج في قسم المخ والأعصاب.. لكن الحالة لم تتحسن بل زادت إلي الأسوأ حتى بعد إجراء 6 عمليات فصل البلازما، وفشل الأطباء في تحديد نوع المرض.

وتابع زوجها: "قعدت في المستشفى شهرين بدل ما يعالجوها طلعت من المستشفي بأمراض أكتر، وبعد ما كانت داخلة المستشفة عندها التهاب في الأعصاب، خرجت عندها التهاب في الأوعية الدموية وهشاشة في العظام وأنيميا، وفقدان للوعي والاتزان".

"خلال فترة وجودها بالمستشفى ما كانشي فيه ممرضين بيرضوا يغيروا على الجرح بتاعها إلا مرة في آخر اليوم بالليل، وكانوا بيرفضوا يغيروا ملايات السرير بتاعها بعدما بيتلوث بالبول و البراز ".

بهذه الكلمات التقطت والدة رشا، أطراف الحديث قائلة: "الدواء كنت أنا اللي بديهولها لآن الممرضات مش فاضين ليها.. وفرش السرير والهدوم بغسلها على إيدي في المستشفي لأن الممرضات ممكن يسيبوها باليومين والثلاثة من غير ما يغيروا الفرش، وطبعا أنا صحتي على قدي ومش قادرة أخدمها كويس، ونتيجة إهمال الرعاية بها، زادت القرح في جسمها بسبب نومها المستمر علي جنبها و عدم نظافة السرير".

وتابعت "إدارة المستشفى رفضت استكمال العلاج بعد تدهور حالة رشا وقالوا لينا: حالتها ميئوس منها ومعندناش علاج ليها.. خدوها في البيت تعيش يومين وسط ولادها وأهلها".

ظلت الحالة تزداد سوءًا وبدأ فخذها وظهرها يتآكل وتظهر العظام وفقدت القدرة على الحركة تماما وامتنعت عن الطعام وأصبحت تعيش على السوائل بعدما فقدت جزءًا كبيرًا من وزنها.

أسماء رمضان، إحدى أقاربها، تقول: إن حالة رشا تحتاج إلى رعاية خاصة بمستشفى قصر العيني وتكاليف الرعاية الخاصة مرتفعه جدًا، وتصل إلى 10 آلاف جنيه، بالإضافة إلى رسوم كل ليلة من العلاج داخلها، موضحة أنها حاولت أكثر من مرة أدخلها قسم الرعاية الخاصة للمخ والأعصاب بمساعدة أهل الخير، إلا أن المستشفى أبلغتهم بأن ليس هنا أسرة شاغرة لاستقبال الحالة.

وأضاف "من 8 سنين بعد ولادة ابنها الأول أصيبت بالتهاب بسيط في الأعصاب وارتفاع في درجة الحرارة، روحنا للدكاترة قالوا عندها التهاب علي الغشاء البلوري للمخ توجهنا لمستشفى الحميات بالعباسية ظلت 15 يومًا لحد ما اتحسنت وبعدها ارتفعت نسبة الكيرايتين في الكلي ورحنا القصر العيني لإجراء عملية غسيل كلوي في قسم المسالك البولية بعدها خرجت بقرحة فراش عالجناها في البيت واتحسنت".

وتابعت "قبل ولادة التوأم عملنا آشعة شخصها الأطباء أنها مصابة بمرض تصلب متعدد علي الأوعية والشرايين بالمخ عمل ضمور بالأعصاب"، لكن آشعة قصر العيني أثبتت عدم صحة إصابتها بالمرض.

وذكر التقرير الطبي الصادر عن المستشفي إصابتها بالتهاب في الأعصاب وهشاشة بالعظام وقرحة بأنحاء متفرقة بالجسم.. أما الآن الحالة بتسوء مش بيتقعد وكتر النوم علي جنبها زود القرح لدرجة ظهور العظام وتسبب في حدوث صديد حول الجروح.

وبنبرة منفعلة ممزوجة بالانكسار، قال الزوج: "كل حاجة ماشية بالفلوس والرشوة، لو معايا فلوس كنت قدرت ألاقي ليها سرير في المستشفى لكن أنا بشتغل باليومية علي باب الله في مقهى وسيبت الشغل من شهرين عشان أخدم زوجتي وولادي.. بشيلها عشان تدخل الحمام وبحضر ليها الأكل.. ده غير خدمة ورعاية التوأم".