رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هدنة غزة.. حسابات المكسب والخسارة

جريدة الدستور

في السابع من يوليو الماضي، بدأت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة، مستهدفة كسر شوكة حركة حماس، بهدف كسر المقاومة الفلسطينية، وإنهاء أي أمل في المصالحة الفلسطينية، التي شرعت الفصائل الفلسطينية فيها واتخذت خطوات كبيرة لإنجازها.
لكن إسرائيل بعد 50 يومًا من الحرب على قطاع غزة وجدت نفسها، في حاجة لإنهاء هذه العملية المسماة "الجرف الصامد"؛ لتكبدها الكثير من الخسائر، وفشلها في تحقيق أي هدف من أهدافها التي من أجلها بدأت العملية العسكرية.
الاحتلال الإسرائيلي، بدأ حربه بهدف القضاء على البنى التحتية لحركة "حماس" من مخازن للصواريخ والأسلحة، وتدمير الأنفاق التي تخرج من قطاع غزة إلى الأراضي الإسرائيلية، لكنها بعد 50 يومًا من حربها، وفشلها، بحثت قبل الفصائل الفلسطينية، عن التهدئة، وهو ما تم التوافق عليه أمس، وبرعاية مصرية، وهو ما اعتبرته "حماس" والفصائل الفلسطينية انتصارًا لها، فيما رأتها الصحف الإسرائيلية هزيمة لحكومة نتنياهو الذي بات مصيره السياسي على المحك.
وعلى نقيض أجواء الاحتفالات التي سادت قطاع غزة عقب الإعلان عن الهدنة واعتبار "حماس" أنها انتصار للمقاومة، طغت مشاعر من الخيبة على الرأي العام الإسرائيلي الذي بدا منقسمًا على نفسه تجاه ما حدث.
ووقف وزير المخابرات والشؤون الإستراتيجية يوفال ديسكين، عقب الإعلان عن الهدنة يدافع عن موقف حكومته، وقال إنه "لم يكن أمامنا سوى أحد خيارين؛ "إما تسوية أو اجتياح مكلف جدًا فاخترنا الخيار الأول".
وبينما وصف رئيس بلدية عسقلان إيتمار شيمعوني، الاتفاق بأنه "استسلام للإرهاب"، اعتبر المعلق البارز في القناة الإسرائيلية الثانية أمنون أبراموقيتش، النتيجة أنها "مُرة" بالنسبة للإسرائيليين، مشيرًا إلى أن "حركة حماس خرجت "طرفًا معترفًا به وجسمًا مهيمنًا أكثر بكثير مما كانت عليه قبل الحرب".
ورغم أن عدد ضحايا العدوان على قطاع غزة تجاوز الألفي شهيد، والعشرة آلاف مصاب في الجانب الفلسطيني، مقابل مقتل 64 جنديًا إسرائيليًا و4 مستوطنين، وإصابة أكثر من ألفين موزعين بين الجنود والمدنيين، إلا أن الجانب الفلسطيني خرج من هذه الحرب وهو منتصرًا.
حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، يقول: "إن المكسب والخسارة لا يقاس بعدد الضحايا والمصابين، وإنما يقاس بالأهداف من الحرب، وماذا حقق كل طرف؟".
يضيف "نافعة" عندما بدأت إسرائيل العدوان، كانت تسعى إلى تدمير حماس والأنفاق والإبقاء على الحصار، وهو ما يمكن القول إن إسرائيل لم تحقق أي من هذه الأهداف.
"نافعة" يتابع "رغم الدمار الكبير الذي أصاب قطاع غزة، إلا أن صمود الشعب الفلسطيني واستمرار الوحدة الفلسطينية من خلال حكومة الوحدة الوطنية ساعد على الصمود وتحقيق مكسب كبير"، مشيرًا إلى أن التوصل لاتفاق الهدنة يصب في صالح الشعب الفلسطيني والمقاومة وربما يفتح الطريق إلى تسوية أكثر عدلا للقضية الفلسطينية.
وأوضح أن "الحرب على غزة كشفت أن حكومة عباس بدون المقاومة لا تملك شيئًا، وكذلك تستطيع المقاومة إلحاق الأذى بإسرائيل، بجانب أن التفاوض اتخذ أبعادًا مختلفة لصالح الفلسطينيين".
طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، خالف "نافعة"، ورأى أن الحرب حققت للطرفين الحد الأدنى من المكاسب، فحركة حماس كانت لها مخاوف من انفراد السلطة الفلسطينية بالمشهد، ونجحت في فرض تواجدها.
أما الجانب الإسرائيلي، فنجح من حربه في كشف مخازن أسلحة حماس، بالإضافة إلى معرفته قدرة المقاومة الفلسطينية على ضرب مواقع استراتيجية، وهو ما يمكنه من وضع حلول للتعامل مع هذا مستقبلا".