السيارة والتوك توك على سلع البطاقات

استوقفنى بواب العمارة النوبى وسألنى: هم 15 جنيهاً للفرد بتوع سلع التموين ينفعوا بأيه علشان الحكومة تحطلنا 30 سلعة نشترى منها؟! واستطرد: فى النظام القديم كان لى لتر ونصف زيت «والجزازة» فى النظام الجديد بعشرة جنيه يعنى لو أخذتهم خلصت مستحقاتى التموينية وأكون خسرت الأرز والسكر والشاى التى كنت أصرفها من قبل! واستكمل: «جُلت» بلاها زيت أخذت 2 كيلو أرز بثمانية جنيه وكيلو سكر بخمسة جنيه لقيت مستحقاتى خلصت لغاية كده! وأكون خسرت الزيت وكيلو سكر لأنى كنت بأصرف 2 كيلو سكر مع الاثنين كيلو أرز؟! فأضفت إلى كلامه: الوزير أخذ فلوس الغلابة وعمل بيها إعلانات فى التليفزيون دون أن تطلب منه الدولة ذلك لأنها حريصة كل الحرص على دعم الغذاء والخبز وتعلم أنه لا يجب المساس به أبدا بل زيادته دوريا كلما زادت نسبتى الفقر والبطالة.

فيأتى وزير التموين من أكاديمية للتعليم الخاص عالية المصروفات ويعامل الفقراء على أنهم من طلاب الأكاديمية الأثرياء، ثم لا ينسى أنه عمل ومازال مستشارا للغرفة التجارية وتجارها وأصبح صالح التجار وتعظيم أرباحهم هو محور اهتماماته وليس رعاية الفقراء. استكمل بوابنا النوبى الفقير حديثه معنا متسائلا: تفتكر أقل فقير يصرف كام فى الشهر يادكتور على الأكل حتى ولو فطر واتغدى واتعشى فول وطعمية فقط؟ نقول 5 جنيهات فى الوجبه يعنى 15 جنيهاً فى اليوم يعنى 450 جنيهاً فى الشهر؟! قلت له صحيح لأن الأمم المتحدة تعتبر الفقراء حاليا هم من يصرفون على الغداء 2.5 دولار فى اليوم، يعنى 20 جنيهاً فى اليوم وليس 15 فقط؟! قال يعنى لما أصرف 450 جنيهاً كل شهر على أفقر أنواع الأكل والدولة تساعدنى بـ 15 جنيهاً فقط؟

يعنى بتدينى أكل يوم واحد كل شهر وأنا أدبر أكل 29 يوماً، ثم تذيع إعلانات تليفزيونية عن نظام تموينى جائر أخذ 40% من مستحقات السلع التموينية للفقراء وقلص مستحقات الفرد من 22 جنيهاً إلى 15 جنيهاً فقط، وتقولى خد لحمة وفراخ ومسحوق غسيل طيب ماتقول لى بالمرة خد سيارة بالتقسيط ولا توك توك طالما الوزير شايف 15 جنيهاً مبلغ كبير قوى كده ولا حتى لبان وفندام للأطفال طالما الفقراء لا يعرفون كيف يصرفون هذه الملايين من نصيب الفرد من الدعم؟!

سألته طيب ايه رأيك ياعم ركابى فى وزراء التموين فى الثلاث سنوات الأخيرة؟ قال الأولانى (د. جودة عبدالخالق) أعطانا التموين مجانا فى شهر رمضان، واللى جه بعده (أبوزيد ثم باسم عودة ولهما نفس النهج) ساروا على نفس الطريقة وأعطوا الغلابة التموين مجانا فى رمضان لأن موائد الرحمن اختفت بعد وقف الحال؟ وقلت له طيب والحالى؟! قال لى ده بقه ألغى التموين كله فى رمضان ولم نصرف لا سكر ولا زيت ولا أرز ولا شاى، الله لا يسامحه، خلى الفقراء يمدوا أيديهم فى الشوارع للناس وبعدين يقول حنصرف لكم شهرين مع بعض؟! يعنى نجوع شهر ونأكل شهر؟!

هذا مثال للفقراء الذين لا يعرفهم رجل النقل البحرى الذى لم يدرس لا أمن غذائى ولا فقر ولا جوع ولا احتياجات الإنسان من السلع، ثم يلهث الآن وراء سراب كاذب فمرة يقول إن مصر أكبر مستورد للقمح ستصدر القمح؟! فى مسخ غير مفهوم، وثانية إن مصر المستوردة للسكر ستصدر السكر فى مسخ جديد من رجل لا يعلم شيئا عن تجارة السلع الغذائية ولا بورصاتها، فليس لنا ميزة نسبية فى زراعات حاصلات السكر بنجر وقصب لأنهم فى البرازيل والهند أكبر مصدرين للسكر وغيرها يزرعونها على المطر دون نفقات مياه وأسمدة، ولا يمكن مثلا أن نستورد السكر من البرازيل والهند وسنغافورة وندفع فيه نقل بحرى وتفريغ ثم نكرره فى مصر ونعيد تصديره، لأن سعره ببساطة سيكون أغلى من سعره فى بلدانه المصدرة، ومثله القمح فالدول المصدرة فقط هى التى لديها بورصات، أما الدول المستوردة فليس لديها بورصات استيرادية فبائع الطماطم هو من يحدد سعرها وليس مشتريها؟!

الرجل لا يفهم لا كثيرا ولا قليلا فى تجارة الغذاء وسيأخذ البلد إلى متاهات وخرافات لإنشاء بورصات فى مصر لسلع تستوردها وهى نكتة كبيرة، لأنه لا يعلم الفرق بين إنشاء مخازن فى مصر للدول الكبرى وبين إنشاء بورصات فى مصر لسلع تستوردها!؟ عشنا عمرا فى وزارة التموين نعلم أن الرغيف اختصاصات الرئيس فقط وممنوع الاقتراب منه لأنه أمن قومى، فإذا بوزيرنا المندفع يتخطى اختصاصاته ويخفض وزنه ويرفع سعره ويصنع كروتا لصالح ثراء الأفران!!

■ أستاذ بكلية الزراعة - جامعة القاهرة