رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" ترصد ردود الأفعال الغاضبة على تصريحات وزير الثقافة

الدكتور جابر عصفور
الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة

رصدت "الدستور" ردود أفعال الوسط الثقافي على تصريحات الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، المتعلقة باختصاص هيئة الكتاب بالنشر واقتصار النشر بهيئة قصور الثقافة على النشر الإقليمي مما يلغي سلاسل هامة، منها سلسلة الزخائر وذاكرة الكتابة وهوية المكان والمجلات الصادرة عن هيئة قصور الثقافة وغيرها.

وجاءت ردود الأفعال عنيفة من بعض المبدعين، فقال الأديب أحمد زحام، نائب رئيس هيئة قصور الثقافة الأسبق، ومستشار تحرير مجلة قطر الندى، إن مشروع تفريغ الهيئة العامة لقصور الثقافة من مضمونها حاول أن يطبقه الوزير علاء عبد العزيز، ولم يمهله القدر فجاء من يكمل مهمته، واصفًا الأمر بالتجريف الثقافي.

من جانبها، أكدت الدكتورة والروائية هويدا صالح، أم الاستراتيجية التي وضعت من أجلها الثقافة الجماهيرية، أنها يجب أن تصل إلى كل مواطن مصري، وأن تصل الثقافة إلى عموم الشعب، من أجل ذلك أقامت الدولة في كل كفور وقرى ونجوع مصر بيوت للثقافة، وفي المراكز الكبرى والمحافظات قصور للثقافة، إضافة إلى النشر الذي وفر فرصا حقيقية للنشر للكتاب المصريين المهمشين من قبل الإعلام، الذين لا يستطيعون دفع تكلفة النشر الخاص، كما وفر النشر في الهيئة للقارئ المصري الكتاب بأقل سعر، وتميز النشر فيها خلافا لهيئة الكتاب التي تخصصت فقط في النشر.

وأوضحت أنه تميز النشر في الثقافة الجماهيرية بالجودة سواء في التنسيق الداخلي أو في الأغلفة، في هذا الوقت الذي نعاني فيه من الجهل والظلامية والإرهاب يمكن استغلال الثقافة الجماهيرية في تنوير القاعدة الشعبية المصرية، ومن ثم القضاء على الإرهاب.

وقالت: "لن نستطيع ذلك إلا بتنوير القاعدة الشعبية، حاول علاء عبد العزيز وزير الإخوان الأسبق أن يفكك الثقافة الجماهيرية وتصدى له المثقفون، فهل من المعقول أن نقبل بعد ثورة 30 يونيه أن نفرغها مجددا من الداخل بنقل النشر منها إلى الهيئة العامة للكتاب ومجلة الأطفال، التي بذل فيها جهد كبير من قبل القائمين عليها أن تنزع أيضا من الثقافة الجماهيرية؟".

وتابعت: "أن هذه الخطوات سوف تؤثر على وصول الكتاب للقراء في الصعيد والدلتا وبقية المحافظات المصرية، لأن القارئ في تلك المحافظات النائية لا يأتي للقاهرة لشراء الكتب، إنما تصله الكتب في بيوت وقصور الثقافة. أنا شخصيا كانت بدايات القراءة لي مكتبة في قصر ثقافة ديرمواس في المنيا، كم من قرارات ربما تهدم مؤسسة للثقافة في الوقت الذي يجب أن نسعى فيه إلى نشر الثقافة!".

واتفق معهم الدكتور صلاح الراوي، أستاذ الأدب الشعبي، قائلًا: "تعلمون ما يمكن أن تجلبه الطاعة على هذه المؤسسة التي صمدت طويلا وكان النشر أحد علاماتها المضيئة. وها هي الكتائب التي بشّر بها جابر الأمة بدأت تتجلى وسلسلة الخطايا تتقاطر".

وأضاف الراوي أن الأمر يقتضي مواجهة مترابطة لكل صور المعالجات الفوضوية والتراكمات الفاضحة في هذه المؤسسة خطيرة الشأن دون الاقتصار على تجزئة المشكلات، مما يؤدى (في كل التجارب) إلى المداورات والمناورات والتسكينات والاستقطاب؟".
وقال الأديب عبده الزراع، رئيس تحرير قطر الندى، وعضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب: "أنا وأبناء جيلي ممن كانوا يقطنون الأقاليم تربينا على كتب ومجلات هيئة قصور الثقافة، فكانت هي الزاد الثقافي الحقيقي لنا، أولا: لرخص ثمنها الذي كان لا يزيد عن نصف جنيه للديوان والقصص القصيرة والرواية والدراسات النقدية، وكنا نختطف هذه الكتب بل ونحجزها عند باعة الصحف، ثانيا: لانتشارها ووصولها إلينا في أقاليمنا البعيدة، كوَّنَّا جُلَّ مكتباتنا من كتبها بقروشنا القليلة، ولازلت أحتفظ بتلك الكتب القيمة في مكتبتي بالقرية، وكلما ذهبت إلى هناك تزودت منها مناشدا السيد الوزير الدكتور جابر عصفور أن يتسع صدره لأبناء الهيئة ممن يقبضون على الجمر-وهو المثقف الكبير لمناقشة ما طرحه في حواره بالأهرام أول أمس-، ربما بآرائنا البسيطة نضيء له زاوية غائبة عنه، فنحن عاشقين لهذه الهيئة لأننا تربينا فيها ونعرف دورها الحقيقي في خدمة أدباء مصر، وهدفنا الأسمى خدمة هذا الوطن الذي يسكن خلايانا على حد تعبيره".

ويرى د. مصطفى الضبع "وكيل كلية دار العلوم بالفيوم وعضو مجلس إدارة جمعية النقد الأدبي" أن مشروع النشر في قصور الثقافة ناجح جدا، ومن الظلم التخلص منه، وأن هيئة الكتاب تعاني مشكلات كبيرة في التسويق والتوزيع والوزارة فعلا تحتاج لإعادة هيكلة؛ ولكن ليس على طريقة الوزير فما زال وزير الثقافة مصرا على خطاب قديم تجاوزه الزمن وفي اعتقاده أنه يقدم خطاب التنوير من ربع قرن مضى.

بينما يرى الشاعر محمد سمير مصباح من شباب الأدباء أن قرار الوزير سيرفع سعر الكتاب في مصر كلها نتيجة ارتفاع أسعار الكتب والسلاسل التي ستنقل إلى هيئة الكتاب، فكتب هيئة قصور الثقافة هي ملجأ المثقفين مع الإمكانيات الضعيفة، ولو قارنا بين سلسلتين كسلسلة التراث بهيئة الكتاب وسلسلة الدراسات الشعبية بهيئة قصور الثقافة، فالفارق شاسع جدا بين كتاب ينتجه متخصص وكتاب مبني على الاجتهاد، وكتاب المتخصص أقل سعرا.

في حين يرد دكتور هيثم الحاج على نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب قائلا: أظن أن الأمر له علاقة بتوزيع الأدوار بمعنى أن هيئة الكتاب هي الناشر الرسمي للدولة وبالتالي فهي يجب أن تضطلع بكل أدواره وإذا كان ثمة مشروع نشر بهيئة قصور الثقافة، فهي يجب أن تقوم بدور المنسق فيه.. يعني هيئة الكتاب تنشر ما تخطط له هيئة قصور الثقافة من كتب يتم بها التعامل الجماهيري.. أظن أن هذه الرؤية تقضي كثيرا على الفوضى المتعلقة بالنشر في الوزارة.. وبالتالي يجب أن يكون مشروع مكتبة الأسرة قائما على هذه الركيزة وهو ما يمثل الداعم الأصلي لثقافة جماهيرية.. وبذلك أيضا ينتهي الفصل التعسفي بين ما هو نخبوي في كل القطاعات وما هو جماهيري في قصور الثقافة لتقترب المسافات بينهما.. على أن يكون ذلك في إطار من الدعم الكبير لسعر الكتاب.

فهل يتراجع دكتور جابر عصفور عن قراره أم يراهن على رؤيته للأمر حتى النهاية وما تأثير ذلك على كون د. جابر عصفور أول وزير ثقافة لا يلقى اعتراضات الأدباء عند ترشيحه، ومن الجدير بالذكر أن هذه الخطوة هي أولى خطوات التشابه بين مشروع دكتور جابر ومشروع علاء عبد العزيز، الذي كان السبب الرئيسي في قيادة المثقفين لاعتصام وزارة الثقافة الذي قاد لثورة 30 يونيو.