رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثقافة ووزارة الثقافة


ظهرت الأفكار الهدامة، وسادت كتب العلوم السفلية، وكتب السحر والدجل والشعوذة، والجان، وكتب الجنس، وكتب الطبخ والتخسيس، وغير ذلك من كتب الثقافة التافهة التى لا تفيد الشعوب.

لا يختلف أحد حول الدور المهم الذى تلعبه وزارة الثقافة فى تكوين الوجدان المصرى، ففى الستينيات نجحت ثورة 23 يوليو 1952فى تعبئة كل الشعب المصرى ليسير وراء الثورة ويتبنى أهدافها، كما نجحت فى تسويق صورة جمال عبدالناصر ورجال الثورة لدى جماهير الشعب، وخلقت نوعاً من التعاطف الطاغى بين الشعب وقادته، هذا التعاطف هو الذى جعل الشعب يتقبل طواعية هزيمة الجيش فى 1967، وكان قائد الجيش والقائد العام للقوات المسلحة، فى تلك الفترة هو المشير عبدالحكيم عامر، وكان من رجال الثورة.

كما أن وزارة الثقافة هى التى جعلت الشعب يتقبل فكرة التضحية بضروريات حياته من أجل أن تحصل القوات المسلحة على احتياجاتها، وإعادة بنائها، وإزالة آثار العدون على مصر، وهو ما فعله الرئيس أنور السادات فى أكتوبر 1973، وكان الشعب كله يقف خلفه بسبب التعبئة الإعلامية والثقافية التى كانت فى ذلك الوقت. لأن وزارة الثقافة وقتها كان لها قضية، تبنتها، وحاولت توصيلها للجماهير بطريقتها وأقنعت جماهير الشعب من خلال أجهزة الإعلام، بالرغم من محدودية أجهزة الإعلام وقتها ولم تكن كثيرة ومنتشرة مثل اليوم.

وفى تلك الفترة قامت وزارة الثقافة بتشييد قاعدة ثقافية تمثلت فى مؤسسات وزارة الثقافة، وهى الهيئة العامة للكتاب، التى ساهمت فى انتشار الكتاب المصرى وتسويقه فى كل البلاد العربية، وهو ما ساهم إلى حد كبير فى وصول مصر إلى دور الريادة الثقافية للعالم العربى فى الوقت، وأصبح الكتاب المصرى هو الكتاب الذى يقتنيه كل العرب. بعد تلك الفترة ومنذ الثمانينيات، تعاقب على وزارة الثقافة الكثيرون من المغامرين وذوى الطموح المحدود، وأصبحت متخمة بالموظفين الذين لا شأن لهم بالعمل الثقافى، كما دخلتها أمراض البيروقراطية المصرية، فتهاوى الإبداع الثقافى، ولم تعد هناك خطة ثقافية قومية مطروحة تتبناها الوزارة، وتخطط من أجل نشرها، ولكن سمعنا عن مشروعات لا تسمن ولا تغنى من جوع، مثل ثقافة الضجيج، وهو المصطلح الذى سمعناه من الوزير فاروق حسنى، وبالفعل أصبح الضجيج هو شعار وزارة الثقافة. فتراخى دورها كثيرا، وعجزت تماما عن نشر رسالتها. مع أنها لم تكن لها رسالة. وظهرت الأفكار الهدامة، وسادت كتب العلوم السفلية، وكتب السحر والدجل والشعوذة، والجان، وكتب الجنس، وكتب الطبخ والتخسيس، وغير ذلك من كتب الثقافة التافهة التى لا تفيد الشعوب . وتوارت خجلا الكتب الجادة، وتراجع دور الكتاب المصرى تماما فى الدول العربية، وظهرت شركات ودور نشر الكتب، وهى مؤسسات لم تخدم الثقافة كثيرا، لأن منتجاتها غالية الثمن، ولم تقدم لنا كاتبا أو أديبا يمكن اعتباره من القمم المصرية التى كان لها شأن فى كل العربية. وبعد ثورة يناير 2011. تعاقب على وزارة خمسة وزراء للثقافة بعضهم لم يمض عليه عام واحد، وآخر لم يجدوا غيره، فكلفوه بالوزارة ثلاث مرات متتالية. حتى جاءوا بالوزير الحالى. ونتمنى أن يصعد بالثقافة ويحقق آماله التى كان يتحدث عنها قبل أن يصبح وزيرا.

كاتب