رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنقذوا أموال «الصناديق» قبل أن تبتلعها الحيتان


الشىء المحير حقًا بالنسبة لحجم ومصير هذه الأموال.. أن وزارة المالية نفسها لا تعرف عنها أى شىء .. ولا علاقة لها أيضا بميزانية الدولة رغم أنها تجمع من تذاكر مواقف السيارات وتجديد التراخيص وتحصيل قيمة المخالفات والغرامات وتذاكر المستشفيات والمصايف الإدارية والدمغات ورسوم توصيل الكهرباء والمياه

لم أصدق نفسى عندما قرأت منذ فترة تأكيد المستشار هشام جنينة عدم تبعية الصناديق الخاصة للجهاز المركزى للمحاسبات!!.. وسألت نفسى وغيرى عن الجهة التى تخضع لرقابتها تلك الصناديق إذا كانت مستبعدة –فعلاً-من رقابة «المركزى للمحاسبات» ولم أصل إلى إجابة شافية.. ومع ذلك سعدت فى الوقت نفسه عندما شدد «جنينة» على وقوف «الجهاز» بجانب «السيسي» وتسليمه أى ملفات تكشف عمليات الفساد فى أى جهة بالدولة.

وحتى تتضح الصورة أكثر فأكثر.. لابد من الإشارة الى أن أموال هذه الصناديق خلال العام الحالى والماضى-حسب الخبراء- بلغت 240 مليار جنيه.. فى حين أكد خبراء آخرون أن إجماليها تجاوز التريليون جنيه.. والسؤال المطروح هنا : من الذى استفاد ويستفيد من هذه الأموال طوال عهود الفساد التى أكلت الأخضر واليابس.. ثم من هم الذين يطالبون بعدم إخضاعها للأجهزة الرقابية بالدولة؟؟.. هذه النوعية من الاسئلة يجب أن نجد لها إجابة واضحة حتى نستطيع تحديد البوصلة التى نريد السير باتجاهها مع رئيس يرفض الفساد ويطبق العدل على نفسه.

وخيرًا فعل الرئيس عندما أصدر قرارًا بالحصول على 10% من الإيرادات الشهرية للحسابات والصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص لدعم موارد الموازنة ..على أن يتم توريدها فى الحساب المفتوح بالبنك المركزى خلال أيام..بالطبع هذا الكلام أغضب «اللصوص».. ورغم ذلك فإن استقطاع هذه النسبة لم تشف غليل الفقراء ولا المهتمين بالقضية..ليه؟؟تعالوا نشوف مطالب الدكتور سمير صبرى-المحامى- فى دعواه بخصوص هذه القضية .. بيطالب بإصدار قرار يضم ملكية الصناديق الخاصة وإيراداتها للموازنة العامة.. موضحا أن «المفسدين تعمدوا إصدار قرارات بإنشاء صناديق خاصة تابعة للهيئات والمؤسسات والوزارات خارج الموازنة العامة للدولة وبعيداً عن الأجهزة الرقابية».. طيب «الاستهبال» ده كانت نتيجته إيه؟؟.. نتيجته الطبيعية أنه أتاح الفرصة لأصحاب الضمائر «الخربة» بسرقة أموال الشعب بطرق مقننة!!.

ولم لا وقد قرأنا عن وجود 76 صندوقاً خاصاً فى جامعة واحدة يتقاضى رئيسها نسبة من إجمالى إيراداتها تصل إلى المليون جنيه شهرياً !!.. طبعا دى جامعة واحدة من ضمن 23 جامعة .. يا نهار أبوك اسود يادى الراجل.. تخيلوا معى.. رئيس الجمهورية يتقاضى 42 ألف جنيه ثم يخفضها إلى النصف ..فى حين «يلهف» هذا اللص وأمثاله أموال الشعب دون أن يهتز لهم جفن!!.. وما ينطبق على الجامعات سنجده فى المحافظات والوزارات والشركات والمؤسسات والهيئات الحكومية..أى أننا أمام نوعية تستحق الحرق بجاز «وسخ» ..نوعية تدوس على الدستور والقانون بـ«الحذاء».. وكأننا لم نقم بثورتين ضد الظلم والفساد ولم نطالب بعدالة اجتماعية.. وكأننا أيضا نعيش فى دولة غير مصر.

الشىء المحير حقًا بالنسبة لحجم ومصير هذه الأموال.. أن وزارة المالية نفسها لا تعرف عنها أى شىء .. ولا علاقة لها أيضا بميزانية الدولة رغم أنها تجمع من تذاكر مواقف السيارات وتجديد التراخيص وتحصيل قيمة المخالفات والغرامات وتذاكر المستشفيات والمصايف الإدارية والدمغات ورسوم توصيل الكهرباء والمياه.. يعنى أموال «مالهاش» صاحب وينطبق عليها المثل الشائع «ضعف الحائط يغرى اللصوص».. واللصوص عندنا بـ«الهبل».

تلخيصًا.. أطالب – كما الملايين غيرى- بسرعة تحرك الدولة للسيطرة على هذه الأموال قبل أن تبتلعها «الحيتان» فى توزيع المكافآت والحوافز والبدلات وتشغيل المستشارين المختارين على سبيل المجاملة وشراء الهدايا والسيارات وسداد فواتير المحمول والإعلانات والمنح ومصروفات الضيافة..فهل تستجيب الدولة لهذا النداء وتوفير ترليون جنيه لصندوق «تحيا مصر» بدلا من المائة مليار المزمع جمعها؟.