رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى وفاته:

يوسف شاهين من "الكومبارس الصغير" إلى "المخرج الثوري"....قصة كفاح عنوانها المثابرة

جريدة الدستور

ببساطته المعهودة، ووجهه الذي يشبه الأطفال في برائتهم، استطاع أن يبهر العالم بكل أعمال، فقد قيل عنها أنها ليست بالمفهومة، ليس لأنها كذلك ولكن لأن عقلية المخرج الراحل يوسف شاهين كانت أكبر من أن يستوعب العامة أفلامه، ورؤية ما ورائها، فقد كان فنانًا يحمل كل صفات الفن، من حس مرهف، وإبداع، وقدرة على الخلق والتقاط جمال التفاصيل، فقد توفي الراحل يوسف شاهين لتبقى أعماله شاهدة عليه ومتحدثة باسمه.
يوسف جبرائيل شاهين، ولد لأسرة من الطبقة الوسطى عام 1926 في مدينة الإسكندرية، كانت تنتمي للمسيحية الكاثوليكية، وكان أبوه لبناني من شرق لبنان، وأمه من أصول يونانية، وكمعظم الأسر التي عاشت في الإسكندرية في تلك الفترة، فقد كان هناك عدة لغات يتم التحدث بها في بيت يوسف شاهين.
ولكن على الرغم من انتمائه للطبقة المتوسطة، إلا أن أسرته كافحت من أجل تعليمه، فتمت دراسته بمدارس خاصة منها كلية فيكتوريا، والتي حصل منها على الشهادة الثانوية.
وعقب إتمام دراسته في جامعة الإسكندرية، انتقل إلى الولايات المتحدة، حيث أمضى سنتين في معهد "پاسادينا" المسرحي يدرس فنون المسرح.
بدأ شاهين حياته المهنية عقب بعد رجوعه إلى مصر، حيث ساعده المصور السينمائي "ألڤيزي أورفانيللي" بالدخول في العمل بصناعة الأفلام، فكان أول فيلم له هو "بابا أمين"، وبعد عام واحد شارك فيلمه "ابن النيل" في مهرجان أفلام كان، وحصل على الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاچ.
ومن نوارد شاهين التي عُرف بها طوال مشواره الفني ظهوره في العديد من الأفلام التي قام بإخراجها، حيث ظهر شاهين في مشهد من فيلم حدوتة مصرية؛ مبررًا ذلك بأنه يؤمن بضرورة التعبير عن رأيه، وعاود شاهين الظهور مرة أخرى كممثل في فيلم "باب الحديد"، وكانت له مشاهد قصيرة في فيلم "إسماعيل ياسين في الطيران".
وبانتقال إلى شخصه، كان له آراء سياسية واجتماعية واضحة، ففي الفترة بين 1964 و 1968 عمل يوسف شاهين خارج مصر بسبب خلافاته مع رموز النظام المصري، وقد عاد إلى مصر بوساطة من عبد الرحمن الشرقاوي.
كما كان معارضًا لجماعات ما يسمى "الإسلام السياسي"، كما تتضح آراءه في عدد كبير من أفلامه كفيلم "العصفور" سنة 1973، الذي كان يشير إلى أن سبب الهزيمة في حرب 1967 يكمن في الفساد داخل البلد.
"إذا أردنا أن نعرف الفنان الملتزم فهو الذي يتقبل مسئوليات اختياره بسلبياته وإيجابياته"، من كلمات الراحل يوسف شاهين الذي فارق الحياة عقب إصابته بنزيف حاد في المخ ونقله إلى مستشفى الشروق بالقاهرة ومات على أثرها، ليترك كنزًا لن ينفى بالسينما العربية.