رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العراق- فلسطين- مصر.. صوت الأنين والوطن الحزين


 إن هذه المجزرة الوحشية التى تمت لخيرة شباب مصر من أبناء القوات المسلحة لا يجب ان تمر مرور الكرام، وينبغى أن تتم فى مواجهتها خطط تكفل عدم استمرار قتل المصريين، وعدم تكرارها، نريد دولة قوية قادرة على حماية نفسها من الخونة والمأجورين والعملاء الذين يعيثون فى أرضنا فسادا وقتلا وإرهاباً.

فى أيام شهر رمضان الكريم، وخلال الأيام العشرة الماضية، اشتدت حدة القتال والعدوان وسفك الدماء وارتكاب جرائم ضد الإنسانية فى حق شعوب الأمة العربية. الإرهاب الأسود الذى ترتكبه الجماعات الإرهابية المتطرفة والمتشددة، لا دين ولا وطن ولا ضمير ولا أخلاق لهم. يتساوى فى ذلك ما تقوم به الصهيونية العنصرية المحتلة لأرض فلسطين من عدوان وجرائم حرب وحشية وعقاب جماعى وإبادة وقتل النساء والأطفال وهدم المنازل والمستشفيات وهدم البنية التحتية مما يهدد أهالينا فى غزة بالموت عطشاً وبكوارث إنسانية، يتساوى ذلك مع جرائم الجماعات المتطرفة المتشددة المتاجرة بالدين الإسلامى فى العراق تحت اسم «داعش» تلك الجماعة الهمجية التى تقوم الآن فى الموصل بتهجير المسيحيين وإجبارهم على الخروج من بيوتهم وممتلكاتهم وسلب كل ممتلكاتهم من أرض وحلم ووطن وذكريات وحياة، لأنهم كما يزعم الصهاينة الإرهابيون فى تنظيم داعش نصارى وكفار، فى الوقت الذى يرون فيه أن الله لم يكلفهم بقتال الصهاينة المعتدين على مقدساتنا فى فلسطين.

أليس هذا تطهيراً دينياً وعرقيا ًتقوم به داعش مثل التطهير العرقى والدينى الذى تقوم به إسرائيل فى أرض فلسطين لإقامة الدولة اليهودية؟ هل ما يحدث فى العراق له معنى آخر غير خدمة مصالح أمريكا وإسرائيل فى تفتيت الوطن العربى إلى دويلات على أساس عرقى ودينى وطائفى حتى يسهل السيطرة عليه اقتصادياً وسياسياً واستنزاف ثرواته وبقائه ضعيفا تحت رحمة الدول الرأسمالية المتوحشة المعسكرة الكبرى وعلى رأسها أمريكا. كل ذلك من أجل بقاء دولة إسرائيل اليهودية أقوى دولة وسط تلك الدويلات الضعيفة.

هل ما يحدث فى العراق من قبل الجماعات المتطرفة المتشددة يمكن أن يحدث بعيداً عن مصالح أمريكا وإيران وتقاربهما معاً؟ من وجهة نظرى يصل هذا إلى حد أن كلا من أمريكا وإيران تدعم هذه التنظيمات المتطرفة للإذكاء الفتن الطائفية «سنة وشيعة» لتحقيق مخطط التقسيم من جهة لمصلحة أمريكا ومصلحة إيران من جهة أخرى. أمريكا التى صنعت تنظيم القاعدة ومولته فى أفغانستان هى التى تصنع داعش وتدعمها هى والتنظيمات الإرهابية الأخرى التى خرجت جميعها من عباءة الإخوان المسلمين وتنظيمهم الدولى. أمريكا تخلق فزاعة السنة المتشددين، وفى الوقت نفسه تخلق فزاعة الهلال الشيعى لتهدد به دول الخليج العربى ليسمح لأمريكا بالقواعد الأمريكية على أراضيه.

إن ما يحدث على أرض العراق إحكام للكماشة التى تحيط بها الدول الكبرى مصر بعد خروج شعبها العظيم فى 30 يونيو لإسقاط حكم المرشد الذى يعنى إسقاط المخطط الدولى للتفتيت والتقسيم وإضعاف الجيوش العربية وعلى رأسها جيش مصر الذى يتمتع بكفاءة قتالية ونفسية وبدنية عالية، ويعد الجيش العاشر على مستوى العالم.

هل ننسى قول كوندوليزا رايس- وزيرة الخارجية الأمريكية فى عهد بوش- حول غزو العراق 2003 إن الهدف التكتيكى هو العراق، والهدف الاستراتيجى السعودية، والجائزة الكبرى مصر! الكماشة تبدأ من بوابتنا الشرقية بالزحف من العراق التى يراد تقسيمها إلى كردستان وسنة وشيعة، إلى حدود الأردن وشرق سوريا. ثم إلى السعودية وتقسيمها هى الأخرى إلى ثلاث دويلات: الحجاز ونجد والمنطقة الشرقية، وذلك بالتزامن مع استمرار الكيان الصهيونى فى عدوانه على الشعب الفلسطينى للتطهير الدينى العرقى وطرد الفلسطينيين وتوطينهم فى سيناء، سواء فلسطينيى غزة أم فلسطينيى أرض 1948.

وتصل الكماشة من الشرق إلى جنوب مصر عند السودان، ونرى ما يتم فى الجنوب من إذكاء الحروب والانقسامات فى دولة السودان، وتدريب الإرهابيين وتسليحهم وتهريبهم عبر حدودنا الجنوبية إلى أرض مصر لارتكاب الجرائم الإرهابية من قتل وتخريب وتدمير فى كل محافظات مصر. وتلف الكماشة إلى الحدود الغربية فى ليبيا مع وجود هذه الجماعات ودخول الإرهابيين والسلاح والأموال وتهديد حدودنا الغربية مثلما حدث فى مجزرة «الفرافرة» والاعتداء على جنودنا أثناء إفطا رهم مما أدى إلى استشهاد 22 من جنودنا البواسل على يد صهاينة التنظيمات الإرهابية المتطرفة.

فى مواجهة ما سبق علينا بناء الأمة العربية المكافحة ضد مخططات الاستعمار فى التقسيم والهيمنة وسلب الثروات. ومن هنا تجيئ أهمية مؤتمر الأمن القومى العربى الذى تشارك فيه 22 دولة عربية فى أكتوبر المقبل، والذى يعقده البرلمان العربى التابع لجامعة الدول العربية لمناقشة الأمن القومى العربى فى ظل التهديدات الداخلية والخارجية لمعظم البلدان العربية. وتأتى أهمية محور مكافحة الإرهاب التى دعا إليها السيسى بين كل من السعودية والجزائر ومصر. إن الحزن الذى يلف الشعوب العربية وأصوات الأنين التى ترتفع حسرة على شهداء الشعوب العربية ليزيدنا إصراراً على الصمود وعلى أن تكون شعوبنا هى الصخرة التى يتحطم عليها مخططات الاستعمار.