رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حماس أم فلسطين؟


لليوم الرابع عشر تواصل إسرائيل حملتها العسكرية التى بدأتها فى 7 يوليو الحالى ضد الشعب الفلسطينى. عدد الشهداء بلغ أكثر من خمسمائة ربعهم من الأطفال، وتجاوز عدد الجرحى الثلاثة آلاف مصاب

... وإذا قرأنا تصريح نتنياهو الأخير بأن العملية الإسرائيلية الحالية فى غزة «جزء من الصراع التاريخى لبلاده»، فسنعلم أن إسرائيل تدرك بوضوح جوهر القضية ألا وهو الصراع التاريخى بين شعب يدافع بالأظافر عن وطنه وحريته واحتلال عسكرى استيطانى وكيل القوى الاستعمارية. صراع برز قبل أن توجد منظمة حماس بعشرات السنين وسيستمر حتى لو اختفت المنظمة. إلا أن البعض لدينا يضغط قضية الشعب الفلسطينى فى علبة من الصراع بين حماس وإسرائيل فيشوه جوهرها التاريخى، ويختصر كفاح الشعب الفلسطينى ومغزى ذلك الكفاح فى منظمة مرتكزاً على أن حماس تنظيم دينى رجعى متناسياً أن ذلك الطابع الدينى العنصرى ذاته هو الأساس الذى تقوم عليه دولة إسرائيل! يختصر ذلك التيار قضية الشعب الفلسطينى فى منظمة. ترى أيمكن أن نختصر تاريخ الشعب المصرى فى منظمة الإخوان المسلمين أوغيرها؟! حماس تنظيم رجعى. لكن هل يمنع ذلك أن الإسلاميين – بمن فيهم الرجعيون- يمكن أن يظهروا مقاومة لاحتلال أوطانهم؟ وهل أن قضية الكفاح ضد الاحتلال كانت – أو هى الآن– مقصورة على الثوريين والقوميين والجيفاريين والمتنورين؟ أم أنها كانت ومازالت قضية أكبر وأضخم اتسعت تاريخياً وتتسع لكل أطياف المقاومة؟. فى المحصلة العملية فإن كل ألوان الهجوم على حماس تصب فى مجرى الهجوم على من «يقاوم» بدلاً من التصدى للاحتلال الإسرائيلى الإجرامى ومجازره، وتشوه جوهر القضية ألا وهو أن ثمة شعباً محتلاً ينتفض ويقاوم حسب قدراته التاريخية، ولا يستطيع أحد أن ينتخب لهذا الشعب مقاومين متنورين! سأظل أختلف مع حماس حتى النهاية لكنى سأظل أؤيدها كلما فتحت نيرانها على العدو الإسرائيلى. أخيرا فإن اختصار القضية فى «حماس – إسرائيل» تشويه لحقيقة أن الشعب الفلسطينى بأكمله هو الذى يقاوم وليست حماس فحسب. وإذا كانت حماس تثير استياء البعض فليعلنوا - على الأقل - تأييدهم لبقية الشعب الفلسطينى ولمبدأ «المقاومة» أصلاً، لكن ما أسهل أن نختصر «قضية شعب» فى منظمة سياسية فيصبح من السهل بتشويه المنظمة أن نشوه الشعب بأكمله. ما لا يريد البعض إدراكه أو ما يغضون عنه النظر أن كل مقاومة تضعف إسرائيل وتنهكها هى عمل فى صالح الأمن القومى المصرى ومستقبل مصر. ليست حماس هى من يجبرنا على التطبيع الاقتصادى مع دولة تجهر بأن حدودها من الفرات إلى النيل، لكنها إسرائيل. ولم تكن حماس من خاض ضد مصر ثلاث حروب ضخمة، لكنها إسرائيل. وليست حماس من يسلط السلاح النووى على رقاب الشعوب العربية ومصر، لكنها إسرائيل. وليست حماس من بذل كل جهد فى تقسيم السودان للتحكم فى المياه الواردة لمصر، لكنها إسرائيل. وليست حماس من شارك فى ضرب العراق، لكنها إسرائيل. وليست حماس من يحتل الجولان وجزءاً من لبنان ويفرض على مصر سيناء منزوعة السلاح لكنها إسرائيل! وستظل المقاومة الفلسطينية خط دفاع أول عن تحرر مصر من شروط تلك القاعدة العسكرية ومن هم خلفها. من المخجل أن يقف المرء بين قاتل وضحية ويدوس بقدميه على صدور الضحايا!

كاتب وأديب