رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البيضة بجنيه.. والفرخة بخمسين قرشاً فى بلد العجائب


يترك الوزير الذى لا يتمتع بأى شفافية موضوع تخفيض دعم سلع تموين البطاقات إلى 15 جنيها، فيترك الأحد عشر شهرا ويتحدث فقط عن دعم 22 جنيها فى شهر واحد فى السنة
نفجر اليوم العديد من المفاجآت حول الشفافية والعدالة المجتمعية. أولى المفاجآت هو التساؤل عن من الذى يتحمل إقامة وزير التموين فى جناح ملكى بفندق سميراميس منذ تعيينه وزيراً وطوال سنة كاملة؟! وما صحة ما يقال عن أن رئيس الغرفة التجارية هو الذى يتحمل هذه التكلفة كاملة؟ وما المقابل نظير هذه التكلفة العالية؟

الثاني: تصريح المتحدث الإعلامى لوزارة التموين بأن الوزارة ستطرح 400 ألف طن من اللحوم الحمراء فى المجمعات الاستهلاكية فى شهر رمضان! أى 400 مليون كيلوجرام من اللحوم! ولو قسمناهم على نحو 84 مليون مصرى مقيمين داخل البلاد يكون نصيب الفرد 5 كيلو لحمة فى هذا الشهر والأسرة 20 كيلوجراما وهو الرقم الذى يقترب من نصيب الفرد من اللحوم فى السنة الكاملة بما يوضح للعامة الوهم وعدم المصداقية.

نأتى لتعمد وزير التموين بث كلمة «منظومة الخبز الجديدة»!! وهو الذى ألغى هذه المنظومة والتى كانت تتضمن شراء المخابز للدقيق بالسعر الحر فى الأسواق (3000 جنيه حاليا) ثم تشترى الدولة منهم الرغيف وتبيعه بالسعر المدعم وبذلك نمنع تهريب الدقيق المدعم والذى أصبح يتم الآن علانية وبوضوح وفى حماية الوزير، وأصبحت المنظومة هى «توزيع الخبز على البطاقات» فقط لا غير ونقص وزن الرغيف 30% وتحديد حد أقصى بخمسة أرغفة فى اليوم وما زاد عن ذلك يشتريه الفقير بخمسة وثلاثين قرشا مع تسليم كل مخبز عدة أجولة مجانية فوق حصتها لزيادة أرباحها وتسليمها «كارت ذهبى» لتسليم الخبز لمن لا يحمل بطاقة الخبز فتكون مصدرا للفساد وتحصيل الملايين من أموال الدولة.

ثم نأتى أخيرا للخدعة الكبرى التى يمارسها الوزير وأنا أعلم رأيه تماما طوال السنوات التى قابلته فيها حول حتمية إلغاء دعم الغذاء وليموت من يموت ويحيا من يحيا. الخدعة فى إلغاء أسعار السلع التى تصرف على البطاقات فلن يوجد بعد اليوم شىء اسمه كيلو سكر بجنيه ولا كيلو أرز بجنيه ونصف ولا لتر زيت بجنيهين، وستصبح السلع بسعرها الحر فى الأسواق وأكثر شوية كمان، على أن تخفض فرق الأسعار فى سلع البطاقات من 22 جنيهاً لتصبح 15 جنيهاً فقط ويستثنى شهر رمضان فقط من هذا التخفيض وليفتخر الوزير أمام مسئوليه بأنه خفض دعم الغذاء بنسبة 33% دون أن يدرى أنه يمكن أن يتسبب فى وبال للدولة من انفجار الفقراء لو طبقوا حكمتهم «يا واخد قوتى يا ناوى على موتى» وهو لا يدرى شيئا لا عن الفقر ولا عن الفقراء.

يترك الوزير الذى لا يتمتع بأى شفافية موضوع تخفيض دعم سلع تموين البطاقات إلى 15 جنيها، فيترك الأحد عشر شهرا ويتحدث فقط عن دعم 22 جنيها فى شهر واحد فى السنة، ثم يخادع الغلابة بالحديث عن أن كيلو اللحمة سيصبح بجنيه والفرخة بخمسين قرشا وهذا كذب وبهتان وغير صحيح بل إنه يُحمّل أرباح البقال التموينى عن كل سلعة على الفقراء من حاملى البطاقات التموينية وأن تسدد نقدا وفورا لأن التجار لابد أن يحصلوا على مستحقاتهم وفورا ودون أن تتحمل الدولة قرشا من هذه الأرباح الإذعانية التى فرضها الوزير ليجد الفقير نفسه مسددا عشرة جنيهات أرباحا للبقال التموينى بخلاف جنيهين عن كل بطاقة تموينية كربح آخر للبقال التموينى الذى يرعاه الوزير بدلا من أن يرعى الفقراء. الوزير افترض أن كل البطاقات أربعة أفراد ولا توجد بطاقات لزوج وزوجته فقط أو لفرد أو فردين!، وأنهم يصرفون طوال السنة 22 جنيها دعما ماليا للفرد وليس لشهر واحد، وحسبها على مزاجه بأن دعم البطاقة يصبح 88 جنيها (وصحته 60 جنيها فى 11 شهرا فى السنة) فيشترى الفقير كيلو لحمة بخمسين جنيها ويسدد للبقال جنيها، وفرخة بسعر 15 جنيها ويسدد للبقال 50 قرشا وكيلو أرز درجة ثالثة بأربعة جنيهات ويسدد للبقال 50 قرشا وتنتهى مستحقاته عند هذا الحد!!!

وهكذا يستهلك الفقراء كيلو اللحمة والفرخة فى يومين ويظلوا طوال الشهر بدون طعام بدلا من الأرز والزيت والسكر مخزون الفقراء الرئيسى فالوزير يرغب فى تربيح التجار ليفتخر بأن البقالين أصبحوا يربحون الملايين من جيوب الفقراء الخاوية؟! ثم أخيرا نفضح تحالف الوزير مع التجار وضد مصانع الدولة حيث يضع ضمن العشرين سلعة التى يختار منها الفقراء سكر المصانع المصرية بسعر 5.15 جنيه بينما السكر المستورد بسعر 4.5 جنيه وبالطبع سيختار الفقراء الأرخص من المستورد فتغلق مصانع السكر المصرية ويزيد استيراد التجار للسكر وتتضاعف أرباحهم فنعم الوطنية ونعم وزراء الدولة الحاليين الذين يعملون ضد مصانع الدولة.

■ الأستاذ بجامعة القاهرة