رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسومات فلسطينية بدخان الاحتلال..حينما يتحول الألم إلى إبداع

جريدة الدستور

مجرد سراب بلون أسود، يفوح منه رائحة الموت وهو يقترب إليهم ببطء أو صاعدًا منهم سريعًا إلى السموات الطباق، حاملًا ذكريات وابتسامات قديمة ودعها أبناء فلسطين منذ الاحتلال الغاشم، يغطيه الحزن فكسوه بالسعادة، يفيض بالألم فحولوه إلى راحة، ينشر الخوف حولهم فيقيدوه بالطمأنينة، ورغم أنه يحمل الكثير من الألم، فلا يودع الفلسطينيين دخان الاحتلال الإسرائيلي الصاعد بالدموع والصراخ كالمعتاد، بل بلمسات إبداعية جعلوا بها من الموت حياة، ليكون لهم بمثابة تفريغ للويلات التي يعيشونها كل يوم.

تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك وتويتر"، العديد من الصور الإبداعية التي استطاع فيها أبناء فلسطين من الفنانين، تحويل آلامهم إلى لوحات إبداعية بأدوات بسيطة، يصفون بها معاناتهم من الاحتلال الصهيوني بلمسة فنية غير مسبوقة، فحولوا الدخان الناتج من القصف الإسرائيلي إلى رسومات غاية في الإبداع والروعة، فاليأس والحزن لا يعرف طريقه إليهم.

فكانت إحدى الصور تتمثل في امرأة تنظر إلى الأراضي الفلسطينية المنهوبة من أعلى، تعطي ظهرها للعالم كله غير مبالية إلا بوطنها، وأخرى تمثل وجهًا لرجل عجوز صعد إلى السماء، في لافتة جميلة منهم تدل على الحال الذي وصلت إليه فلسطين حاليًا، فيمثل الدخان بخطيه الأسود والأبيض صراع الاحتلال مع المقاومة الشعبية حاملًا شعار دولة غزة المتعارف عليه في لوحة أخرى، ويتبلور الدخان في أيديهم ليأخذ في النهاية شكل كأس العالم، متناسين به همومهم شديدة السواد.

فتلك الرسومات حينما تنظر إليها تشعرك بأنها تتحرك وتدب فيها الروح وتتكلم، لما تحمله من فن يصارع الموت كل يوم، فأخذوا من الدخان الأسود مساحة للتعبير الأبيض عما يدور بداخلهم، وليصبح أيضًا توثيقًا للأحداث ويظل التاريخ شاهدًا عليهم، فوجهوا للعالم أجمع رسالة بأن الشعب الفلسطيني رغم وجوده تحت القصف الإسرائيلي لمدة 62 عامًا، إلا أن الأمل في الحياة والإبداع لا يموت، فقد يموت أصحابه ولكنه يظل كما هو مثلما بدأ أول مرة.