رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحمة الله تعالى وسعت كل شىء


فمن لم يستطع أن يفعل شيئا عمليا اليوم لأهل فلسطين المقهورين والمجال متسع ومفتوح لكثير من الأعمال، فعليه أن يدعو الله تعالى أن يرحمهم، وأن يذل عدوه وعدوهم . وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ . لك الله يا فلسطين.. والله الموفق.

أحيانا كثيرة، ومع نظرة الوعى والادراك والتحقق، يقف الإنسان حائرا، وخصوصا الذى يقر بذنوبه ولا يستعلى بعبادته، والذى يزيده الفهم الإسلامى تواضعا لله وحده لاشريك له .

يقف ذلك الإنسان المذنب حائرا أمام الرحمة الإلهية الواسعة التى وسعت كل شىء، والله تعالى يقول «وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ»، ويعجب كثيرا ممن ينسون هذه الرحمة فى دعوتهم للبشر، ويقصرونها على من يحبون، ويحرمون منها من يكرهون، أو من يختلفون معهم فى أمور تتسع للاجتهاد والاختلاف وأكثر من رأى، وينسون العبرة التى هى بالخواتيم. عجبا لهذا الحديث، فإنه وأمثاله يذكروننا بالرحمة الواسعة، رغم أنف أصحاب الفتاوى الشاذة، بل رغم أنف أبى ذر رضى الله عنه وأرضاه الذى أطال وكرر السؤال أكثر من مرة على رسول الرحمة للعالمين، وليس للمسلمين فقط «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين».

أقف كثيرا عند نص هذا الحديث وأتذكره كثيرا، لأنه يبعد اليأس والقنوط عن المذنبين . نص الحديث يقول (عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم (إن الله سيخلِّص رجلاً من أمتى على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتى الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات! فقال: إنك لا تُظلم، قال: فتوضع السجلات فى كفة، والبطاقة فى كفة؛ فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شىء) انتهى نص الحديث وله أوجه أخرى.

تصور أيها القارئ أهوال يوم القيامة، حيث لاحول ولا قوة لبشر، ولا شفاعة إلا لمن ارتضى الله تعالى من رسول، تصور أيها القارئ رجلا قام بكل هذه المعاصى والذنوب فملأت تسعة وتسعين سجلا كل منها مد البصر فى يوم لا ظلم فيه، لايستطيع أحد أن يظلم أحدا فيه، ولا ان يتخذ قراراً يستوى، فى ذلك الفراعنة الكبار والصغار والحكام المستبدون الذين ظنوا أنهم ظلموا شعوبهم فإذا بهم يظلمون أنفسهم . بل هو يوم القصاص . وشهادة ألا إله إلا الله وحدها تهزم كل تلك السجلات شر هزيمة، تطيش كل السجلات أمام الشهادة . ألا يستحق ذلك، أولا الشكر على هذه الرحمة التى لا تدانيها رحمة، رحمة الخالق سبحانه، ثم التوبة والاقلاع عن الذنوب فى هذا الشهر المبارك، ثم عدم الإضرار بالأوطان فى أى من النواحى التى نراها اليوم فى كل من أركان الأمة باسم الجهاد، وكم أسىء إلى الجهاد فهما ومفهوما وممارسة؟ وبهذه المناسبة العظيمة، فقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس وضرورة الرباط لمواجهة التحديات الصهيونية بشكل خاص، بصرف النظر عن عباس وعن حماس . إنها وصايا الرسل عليهم صلوات الله وسلامه. فمن لم يستطع أن يفعل شيئا عمليا اليوم لأهل فلسطين المقهورين والمجال متسع ومفتوح لكثير من الأعمال، فعليه أن يدعو الله تعالى أن يرحمهم، وأن يذل عدوه وعدوهم . وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ . لك الله يا فلسطين.. والله الموفق.