رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مُعلّم الآباء بطاركة الكنيسة القبطية «1 - 2»


وُلد إسكندر حنا فى ديسمبر ١٨٨٠، ولا يُعرف بالضبط مسقط رأسه، ولكنه معروف عنه أنه تعلم فى مدارس الإسكندرية، حيث التحق فى مدرسة «مسيو فالو الفرنسية» فى المرحلة الابتدائية، ثم التحق بالمدرسة المرقسية بالإسكندرية فى المرحلة الثانوية، وتخرج فيها وهو ما زال فى السابعة عشرة من عمره، بعدها التحق بمصلحة الفنارات بالإسكندرية.
كان محط احترام الجميع، ولم تشغله احتياجاته المعيشية وإخلاصه لوظيفته عن أن يبحث عن معرفة الله الحقيقية، فواظب على حضور الكنيسة، وطلب روح الفهم والحكمة فى صلوات وسهر وصوم، مواظبًا على دراسة الكتاب المقدس.
لم تكن بالإسكندرية سوى كنيسة واحدة وهى الكاتدرائية المرقسية، وكان إسكندر حنا يصلى فيها أسبوعيًا ويحضر القداس الإلهى، ولم يكن فيها وعظ أو اجتماعات روحية، فأخذ على عاتقه مهمة تفسير الكتاب المقدس، وكان ذلك فى أواخر حياة البابا كيرلس الخامس، البطريرك ١١٢، فى حوالى سنة ١٩٢٢، فكانت الكنيسة تغص بالحاضرين، وانتعشت النفوس روحيًا. لكن عدو الخير كان يطارده ويحاول أن يهدم نشاطه الروحى.
ذهب إسكندر حنا كعادته فى مساء ذات يوم، ليلقى عظته، ويفسر كلمة الله باستقامة، وإذ بباب الكنيسة المرقسية بالإسكندرية قد أُغلق!! وطُرد الحاضرون!! وفكر الشعب فى مكان آخر، والكنيسة المرقسية هى الكنيسة الوحيدة فى الإسكندرية، وذهبوا إلى جمعية «النهضة الروحية» فى حى محرم بك، واجتمعوا هناك، وطلبوا من إسكندر حنا أن يلقى عليهم عظته المعتادة، واستمر إسكندر حنا فى هذه الجمعية يلقى عظاته الأسبوعية، ولم يهدأ بال عدو الخير، ففى صباح يوم توجه إسكندر حنا إلى عمله فى فنارات الإسكندرية وكان هذا فى سنة ١٩٢٨ تقريبًا، فوجد أنه قد صدر له قرار بنقله إلى فنارات السويس، وسأل عن سبب ذلك فقيل له إنه قد رُقّى إلى درجة أعلى ليكون مديرًا لفنارات السويس. ولكنه قرر الاستقالة من مناصب الدنيا، عن أن يذهب بعيدًا عن خدمة كلمة الرب، فقدم استقالته وتفرغ تمامًا لخدمة الكلمة والوعظ والتفسير.
ولم يهدأ عدو الخير فأهاج عليه من اشتكاه إلى الشرطة، وبينما هو واقف يعظ والحاضرون كثيرون إذ قد حضر إليه من يخبره بأن قسم شرطة «باب شرقى» بالإسكندرية يطلبه للتحقيق معه فى وضع هذه الجمعية، فطلب من الحاضرين الهدوء، وذهب مع رجال الشرطة إلى القسم.
ولما طالت غيبة إسكندر حنا خرج الشعب متوجهين إلى قسم الشرطة يطمئنون عليه، وعندما رأى المحقق أن التجمهر يزداد، أمر إسكندر حنا بالانصراف ومعه الشعب على أن يحضر فى وقت آخر. تسبب كل ذلك فى مقاطعة الشعب للكنيسة المرقسية بالإسكندرية وكانوا يذهبون للصلاة فى كنيسة مار مرقس برشيد، متكبدين جهدًا كبيرًا للسفر إلى تلك المنطقة البعيدة.
تدخل بعض وجهاء الإسكندرية وطلبوا من البابا يؤانس، البطريرك ١١٣، أن يعالج تلك الأزمة بحكمة، ويعود الشعب للصلاة بالكاتدرائية، فوافق البطريرك بشرط أن يكف إسكندر حنا عن المهاجمة والتعنيف. وذهب أولئك إلى إسكندر حنا ورتبوا ميعادًا لمقابلة البطريرك الذى عنّفه بشدة!! ووعده إسكندر حنا بالمثول والطاعة، وعاد إسكندر حنا للوعظ بالكاتدرائية، وعاد الشعب للصلاة بالكاتدرائية، واطمأن إسكندر حنا لهدوء الأمور وفرح بعودة السلام.