رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اهتموا بمشكلات بلادكم


بهذه العبارة، العنوان، ردت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، على السياسيين الأجانب، الذين يطلقون تصريحات «معدة بشكل مسبق» يطالبون فيها بإطلاق سراح المواطن الروسى أليكسى نافالنى. وفى حسابها الرسمى على «فيسبوك» نصحت هؤلاء، وخصت بالذكر جاك سوليفان، مستشار الرئيس الأمريكى الجديد للأمن القومى، باحترام القانون الدولى وعدم التدخل فى شئون الدول ذات السيادة، أو التطاول على تشريعاتها الوطنية.
المعنى نفسه كرره سيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، الإثنين الماضى، حين أكد أن حديث الدول الغربية عن غضبها لاحتجاز نافالنى يهدف إلى صرف انتباه مواطنيها عن مشكلاتها الداخلية. وبعد أن سُئل ثلاث مرات عن الموضوع، خلال مؤتمر صحفى، قال لافروف إن تلك القضية ليست من اختصاص وزارة الخارجية، موضحًا أن «القضاء يجب أن يأخذ مجراه»، ومشيرًا إلى أن القضية «تم تضخيمها أوروبيًا بشكل مصطنع».
مع ذلك، تبنى البرلمان الأوروبى، أمس الأول الخميس، مشروع قرار يدعو الدول الأعضاء إلى مراجعة علاقاتها مع موسكو وتوقيع مزيد من العقوبات. وتم إدراج الموضوع على جدول أعمال مؤتمر سيعقده وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى، الإثنين المقبل.
بموافقة ٥٨١ نائبًا، واعتراض ٥٠ فقط، وامتناع ٤٤ عن التصويت، شدّد البرلمان الأوروبى على ضرورة معاقبة المسئولين الروس المتورطين فى حبس نافالنى، بالإضافة إلى أعضاء الدائرة المقربة من الرئيس الروسى ومَنْ وصفهم بـ«الدعائيين الروس»، فى إشارة إلى الصحفيين والإعلاميين المؤيدين للحكومة الروسية. كما طالب البرلمان الأوروبى بـ«ألا تكون أوروبا مرتعًا للأموال الروسية مجهولة المصدر»، وجدّد الدعوة إلى التحقيق فى حادث التسميم المزعوم الذى تعرض له نافالنى فى أغسطس الماضى.
فى حسابه على «تويتر»، كتب شارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبى، أمس الجمعة، أنه جدّد إدانة الاتحاد لاعتقال نافالنى، خلال اتصاله التليفونى بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ودعا إلى الإفراج عنه فورًا. وأكدت الرئاسة الروسية (الكرملين)، فى بيان، أن بوتين ناقش تلك القضية مع ميشيل، بطلب من الجانب الأوروبى، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. وأشار البيان إلى أن بوتين وميشيل بحثا بالتفصيل واقع العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبى، مع التركيز على ضرورة إقامة التعاون العملى فى المجالات ذات الاهتمام المشترك، وأبرزها محاربة فيروس «كورونا المستجد»، وفرص التعاون فى إنتاج اللقاحات.
يوصف أليكسى نافالنى بأنه «ناشط ومدون روسى»، وتبالغ وكالات الأنباء أحيانًا وتصفه بأنه «أبرز معارضى الرئيس الروسى»، أو «زعيم المعارضة الروسية». وكانت حكومة بلاده قد وافقت على طلب، تقدمت به عائلته، لنقله إلى ألمانيا للعلاج، ثم زعمت برلين أنه تعرض للتسميم بغاز الأعصاب «نوفيتشوك». ومن هناك اتهم نافالنى «فرقة اغتيالات» تابعة للمخابرات الداخلية الروسية، إف إس بى، بتسميمه بأمر من الرئيس الروسى. وعليه، قام الاتحاد الأوروبى بفرض عقوبات على مسئولين رفيعى المستوى فى روسيا بزعم تورطهم فى تلك الجريمة!.
هذه الادعاءات نفتها موسكو بشكل قاطع، وشددت على أن الفحوصات التى أجراها الأطباء الروس لم تكتشف أى آثار لمواد سامة فى جسد نافالنى، واتهمت برلين برفض التعاون فى التحقيقات، وأكدت أنها لم تقدم أى أدلة تثبت مزاعمها. كما اتهم الرئيس الروسى أجهزة مخابرات أجنبية بفبركة القضية.
عاد نافالنى إلى روسيا، الأحد الماضى، مع أن السلطات الروسية كانت قد أكدت اعتزامها إلقاء القبض عليه فور وصوله بسبب انتهاكه شروط وقف تنفيذ عقوبة السجن الصادرة ضده فى جريمة احتيال. وبالفعل، تم احتجازه فى المطار، وصدر حكم قضائى بحسبه لمدة ٣٠ يومًا. ما أثار ردود فعل سريعة لدى الأوساط الغربية، أبرزها مطالبة أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية، «بالإفراج الفورى عنه وضمان سلامته». والشىء نفسه فعلته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعدد من أعضاء حكومتها. وعلى الخط، دخل جاك سوليفان، مستشار الرئيس الأمريكى الجديد للأمن القومى، وطالب هو الآخر بإطلاق سراح المذكور على الفور، ووصف احتجازه بأنه «إهانة للشعب الروسى، الذى يريد أن يكون صوته مسموعًا»!.
قبل مرور ٢٤ ساعة على أداء جو بايدن اليمين الدستورية، رئيسًا للولايات المتحدة، قالت جين بساكى، المتحدثة باسم البيت الأبيض، خلال مؤتمر صحفى، إن بايدن كلف أجهزة المخابرات بإجراء تحقيق شامل بشأن التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفى استخدام السلاح الكيماوى ضد «زعيم المعارضة» أليكسى نافالنى و... و... وأكدت أن حرص الولايات المتحدة على تفعيل مصالحها مع روسيا لن يمنعها من «محاسبة» موسكو على «أعمالها غير المناسبة».
.. وتبقى الإشارة إلى أن كيرا يارميش، المتحدثة باسم نافالنى، دعت إلى التظاهر فى أنحاء البلاد، اليوم السبت، للمطالبة بالإفراج عنه، غير أن الشرطة الروسية ألقت القبض عليها بتهمة انتهاك قوانين التظاهر. ولأننا نهتم بمشكلات بلدنا، اكتفينا برصد ما حدث، دون تعليق أو تعقيب!.