رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمل وملل!


الولايات المتحدة، بحسب وزير خارجيتها، لديها «أمل كبير» فى تسوية الأزمة القطرية. ووزير الخارجية الكويتى تحدّث عن «مباحثات مثمرة» جرت خلال الفترة الماضية تتعلق بهذا الشأن. وبينما أشار البعض إلى وجود استجابة ما، نرى أن النهاية السعيدة لهذه الأزمة فى أيدى العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، وأننا سنظل نتابع أحداثًا مملة، لا جدوى منها، إلى أن تمتثل تلك العائلة للشروط الـ١٣، التى لن يتحقق أمن واستقرار المنطقة إلا بها.
لم يظهر أى تغيير، إلى الآن، فى سياسات قطر التخريبية، بل بالعكس تمامًا، لا تزال تحتضن الإرهابيين وتدعمهم، وتحافظ على تحالفاتها الإقليمية المشبوهة، وتواصل التدخل فى شئون دول المنطقة، سواء عبر أذرعها الإعلامية أو عن طريق عملائها أو عملاء من يستخدمونها. ومع ذلك، قال أحمد ناصر الصباح، وزير الخارجية الكويتى، فى بيان تليفزيونى، أمس الأول الجمعة، إن مباحثات الفترة الماضية، التى وصفها بـ«المثمرة»، شهدت حرصًا من «جميع الأطراف» على الوصول إلى «اتفاق نهائى». ووجّه الصباح الشكر إلى جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وصهره، على النتائج التى تحققت فى طريق حل ما زعم أنه خلاف.
لا جديد فى موقف الكويت، إذ سبق أن قاد أميرها السابق صباح الأحمد الصباح، رحمه الله، جهودًا ومحاولات لإنهاء الأزمة بمساعدة الرئيس ترامب. كما سبق أن أعرب وزير الخارجية الأمريكى السابق، ريكس تيلريسون، فى مارس ٢٠١٨، عن قلقه من استمرار الأزمة، وأكد على وجود جهود قوية لحلها. وكالعادة، تناول وزير الخارجية القطرى الأمر ببعض الميوعة وكثير من التدليس، وقال فى نقاش عبر الفيديو مع جلسة منتدى روما لحوار المتوسط، إنه لا يمكنه التكهن بما إذا كان التحرك وشيكًا، أو سيحل بالكامل ما وصفه بالنزاع. ثم وصف، فى حسابه على «تويتر»، بيان وزير الخارجية الكويتى بأنه «خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية». وأشار إلى أن دويلته تشكر الكويت منذ بداية الأزمة على وساطتها وتقدر الجهود الأمريكية فى هذا الصدد، زاعمًا أن أولويات قطر «كانت وستظل مصلحة وأمن شعوب الخليج والمنطقة»!.
ربما كان الجديد، فقط، هو ترحيب نايف فلاح الحجرف، أمين عام مجلس التعاون الخليجى، بالبيان الكويتى، ووصفه له بأنه «يعكس قوة المجلس وتماسكه وقدرته على تجاوز كل المعوقات والتحديات بفضل الله، ثم بحكمة وحنكة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، التى كانت دائمًا المرجع والملاذ فى مواجهة التحديات التى تعترض مسيرة المجلس». ونضيف إلى ما قاله الرجل أن أواصر الوحدة، التى أرسى دعائمها الآباء المؤسسون لهذا المجلس، والتى سار عليها اللاحقون، جعلته مظلة لتحقيق أمن دول الخليج، وأن علاقة دول المجلس بمصر كانت، ولا تزال، هى حجر زاوية أمن واستقرار المنطقة. وبالتالى، لا نبالغ لو قلنا إن تمتين هذه العلاقة، بات ضروريًا لحماية الأمن القومى العربى، ولمواجهة ما نواجهه من تحديات وتهديدات ومؤامرات، إقليمية ودولية، تشارك فى غالبيتها دويلة قطر.
ما قد يثير الدهشة، هو أن فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودى، أعلن فى حسابه على «تويتر» عن تقدير المملكة «لجهود دولة الكويت الشقيقة»، وشكرها لـ«المساعى الأمريكية» وتطلعها إلى أن «تتكلل بالنجاح». مع أن محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى، كان قد أكد من القاهرة، فى مارس ٢٠١٨، أن «أقل من رتبة وزير» هو مَنْ يتولى هذا الملف، وأن الدول الأربع تتعامل مع الموضوع بالطريقة نفسها، التى تعاملت بها الولايات المتحدة مع كوبا، أى بترك قطر على الحال التى هى عليها، حتى تتراجع عن سياساتها المدمرة للمنطقة.
منذ سنة تقريبًا، زار وزير الخارجية القطرى الرياض، سرًا، وعرفنا من تقرير نشرته جريدة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، فى ٢٨ نوفمبر ٢٠١٩، أنه أبدى «استعداد الدوحة لقطع علاقاتها مع جماعة الإخوان». ونقلت جريدة «الشرق الأوسط» السعودية، عن مصادر، أن الرياض لا تزال متمسكة بالشروط الـ١٣، وترى أن إنهاء الأزمة لن يتم سوى باتفاق دول المقاطعة كلها. كما أشارت الجريدة، أو مصادرها، إلى أن «المفاوضين القطريين كانوا متخبطين ولم يبدوا جدية فى التوصل إلى حلول تعالج جذور الأزمة»، ما دفع الرياض إلى وقف المحادثات.
ما نراه الآن، مع اختلاف بعض التفاصيل، يكاد يتطابق مع ما حدث فى مثل هذه الأيام من العام الماضى. ووقتها، جرى الحديث، أيضًا، عن نهاية وشيكة للأزمة، التى يراها البعض خليجية أو عربية، بينما يقول الواقع إنها قطرية، ولم يتضرر منها إلا الشعب القطرى الشقيق، نتيجة قلة حيلته وهوانه على «العائلة الضالة» التى تحكمه بالوكالة. وعليه، نتمنى ألا تفشل محاولة حل الأزمة الجديدة، وأن تكتب تلك العائلة، بأيديها أو بأيدى من يستعملونها، نهايتها السعيدة.