رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمهات الأدباء 6| من علاقة ملتبسة إلى ابن مدلل.. هكذا كانت علاقة محمود درويش بوالدته

محمود درويش
محمود درويش

كان الشاعر الفلسطيني محمود درويش هو الابن الثاني لأسرة تتكون من ثمانية أبناء، خمسة أولاد وثلاث بنات، والابن الأكبر في هذه الأسرة هو "أحمد" وكان هو الآخر مهتمًا بالأدب، وعنه أخذ محمود درويش بدايات اهتمامه الأدبية.

أما أبوه فهو سليم درويش الفلاح البسيط الذي لا يملك شيئًا، أما الأم "الحاجة حورية" فهي من قرية الدامون، وكان والدها أديب البقاعي عمدة الدامون، فقد كانت سيدة فلسطينية لا تقرأ ولا تكتب، ورغم ذلك كان لها تأثير كبير على حياة وشعر درويش، وعنها كتب الكثير من القصائد وأشهرها "أحن إلى خبز أمي".

كانت والدة محمود درويش تحتل مكانة مميزة عنده، وتحديدًا منذ مطلع شبابه وأصبح الابن المدلل لأنه المطارد والبعيد، إذ تم سجنه أكثر من مرة وابتعد عنها، فقد دخل السجون الإسرائيلية نحو 5 مرات، الأولى عام 1961، وكان اعتقال البوليس الإسرائيلي له بدون سبب في مسكنه، وجاء السجن الثاني 1965 بسبب سفره إلى القدس من حيفا دون الحصول على تصريح، وسجن للمرة الثالثة عندما عقد الطلاب العرب في الجامعة العبرية أمسية شعرية ألقى خلالها قصيدته الطويلة: "نشيد الرجال" التي نشرها في ديوانه الثالث "عاشق من فلسطين".

وما بين 1965 – 1967؛ سجن درويش عندما حامت حوله "شبهة" تعاطيه النشاط المعادي لإسرائيل، وفي عام 1969 اعتقل للمرة الخامسة في سجن "الجملة" بعد أن نسف الفدائيون عدة بيوت في حيفا، وأصبح عرضة للاعتقال بعد أي تدبير صهيوني مما أدى إلى نفيه خارج الوطن، وتنقل بين العواصم العربية والأجنبية حتى استقر في بيروت، وبعد سنوات طويلة عاد إلى حضن أمه.

وفي دراسة أعدها حيدر توفيق بيضون بعنوان "محمود درويش.. شاعر الأرض المحتلة" ضمن سلسلة أعلام الأدباء والشعراء؛ كشف "درويش" عن علاقته بوالدته قائلا: علاقتي بأمي في الطفولة كانت ملتبسة، كانت عندي عقدة أن أمي تكرهني لأنها كانت دائما تعاقبني وتعتبرني المسئول عن أي شغب في البيت وفي الحارة، وتقول لي (يا حلس يا ملس).

وبقيت هذه العقدة إلى أن سجن لأول مرة، حيث كان عمره 14 سنة، ومن هنا تغيرت طبيعة فهمه ونظرته للأمور وصار يفهم سبب العقوبة.

وفي أوصافها قال: كانت جميلة، وهي ما زالت حية، جميلة وشعرها أحمر طويل يغطيها كلها، وعيناها زرقاوان لكنها قاسية لا تعبر عن عواطفها إلا في الجنازات، وأنا لم أر أمي في أي عرس، كانت تذهب إلى الجنازات، وفوجئت مرة أنها تنشد الأغاني الشعبية، واكتشفت أيضا أنها تؤلف بكائيات.

وبعد 8 أشهر من رحيله بعد إجرائه لعملية قلب مفتوح في الولايات المتحدة الأمريكية، ودخل على إثرها في غيبوبة، أدت لوفاته، لم تكن تتحمل فراق ابنها، امتنعت عن تناول الطعام حتى غيبها الموت.