رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زُحمةُ كلام

رجاء الربيعى
رجاء الربيعى




عجلات القطار تلف الطريق، مناظر الطبيعة الخلابة تبعث الراحة فى النفوس، بعد عمل مضنٍ طوال الأسبوع، هى ذى تجلس قرب نافذة الكابينة، إلى جوارها جلس شاب فى مقتبل العمر بدا وسيمًا بوقار، يسابقه شذا عطره الباريسى الأخّاذ، انشرح وجهها بابتسامة خجولة، أناقته توحى بأنه صحفى أو مثقف قدير، أو هو أقرب إلى شاعر، جلس قبالتهما شاب آخر رفقة سيدة متوسطة العمر ترتدى زيًا قرويًا بوجه مألوف، بدا الشخص الجالس أمامها قلق النظرات ينتقل بها ما بينها وبين الشاب، يتكلم بنفس السرعة التى يرد بها على مسائله كمن أثاره موضوع قربه من نساء فى مثل ذلك المكان، بينما تكتفى هى بهزّة من رأسها، وتبدى إيماءات بسيطة لتوضّح متابعتها له، وفهمها ما يقول.. أثار جمالها الشرقى بنقاء بشرتها وبريق عينيها إعجاب الشاب المتكلم، لم تجب سؤاله عن اسمها، كنيتها، ومحل إقامتها، باغتها وهو يختلس النظر إليها مستفسرًا فيما لو كانت تسافر وحدها، وبالمثل لم تُعر سؤاله أى اهتمام، مما أثار حفيظته، فألمّ به الغضب حتى صار يصرخ لائمًا معنّفًا:
«ما ذلك التكبّر؟.. لِمَ هذا التعالى؟.. أولسنا فى كابينة واحدة؟!!»
أشارت بإيماءة ملفتة، ثم سرعان ما احتوت دفتر ملاحظاتها، لتكتب موضحة له ولبقية الركاب المصاحبين أنها تعمل مدربّة لذوى الاحتياجات الخاصة.
فيما ران الصمت والدهشة على جميع مَنْ فى المكان!