رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وائل خورشيد يكتب: الجمهور لا يعرف «الحب المتاح»


الحكاية أن نجما أو نجمة، غضب من جمهوره - وهو حق - لأن الأخير تعدى حدود 'الحب المسموح'، نسبة الضريبة البسيطة المستعد لدفعها مقابل شراء المواطن تذكرة السينما، أو مشاهدة العمل، أو التهليل له من بعيد 'بحبك يا نجم'.

القصة تتكرر كثيرا، تتكرر طوال الوقت، السؤال هو من صاحب الحق؟ يمكنني أن أتفهم جدا غضب النجوم، لأن الحدود والحرية الشخصية هي أمر يجب الحفاظ عليه، ولكن أيضا للشهرة ثمن!

أنت تُستدعى وتحصل على الأموال الكثيرة ليس لأنك بارع في أي شيء، فهناك المئات من البارعين، وفي نفس مجالك، ليسوا نجوما ولا يتقاضون نفس أجرك ولا يعانون مشكلتك. أنت تحصل على المال لأن الناس تحبك، وتتابعك، وبالتالي تروج للسلعة التي يعرضها المُنتِج صاحب المال، أو صاحب النادي أو أو.. حسب الحالة، فطالما أنت جزء من المجال العام، وكلما زاد نورك، أصبحت مرئيا أكثر، بكل ما يأتي وراء ذلك.

بعض الناس يحبون النجوم، ومع ذلك يحفظون الحدود، بعض الناس يصل بهم الأمر لأن تكون لهم علاقة - مباشرة وهمية - مع النجم، يعتقد أنه صديق، يعتقد أن حياة النجم الخاصة تعنيه، كما أن الناس تحب النميمة، تحب أن تعرف من أين تلبس، وماذا تأكل، وإلى أين تسافر.

الناس تراك في صورة مصنوعة، صورة أنت جعلت نفسك عليها في المجال العام، أنت قدوة للبعض، ولذلك حينما تخطئ، سيتكالب عليك الكثيرون، بعضهم ممن يحبونك لأنهم صدموا فيك، وبعضهم ممن لا يحبونك لأنك أثبت لهم أنك لم تكن تستحق، وقلة قليلة ستكون حيادية تجاهك.

الناس ليسوا جميعا سواسية، ليسوا كلهم رحماء، الفضاء العام في مجموعه مختل، مجنون، مندفع، تيار جارف لا يتوقف حتى يهدم أو يبني، والهدم دوما أقرب لأن العشوائية هي طريقته، وبالتالي الناس يهاجمون دفاعا عن أشياء ربما على المستوى الفردي لا يفعلها أحد. الناس تأكل النجم، تدافع عن الفضيلة عندما يخطئ، وعن الدين عندما تعتزل إحداهن وتعود، وهكذا.. للتعامل مع النجم حسابات أخرى ليس من بينها المنطق.

ما تحتاج أن تتقنه، هي طاقة تقبل هذا الأمر، الناس لا يهمهم حالتك، سواء كنت غاضبا أو في مزاج جيد، الناس لا يرونك بتلك الطريقة، وإنما أنت طيف خرج من الشاشة تجسد أمامهم، العقل الجمعي ليس منطقي بالمرة.

نذكر جميعا نجوما جسدوا أدوار الشر، ومازال الكثيرون يعتقدون أنهم أشرار فعلا، عادل أدهم، وزكي رستم، وغسان مطر وغيرهم.

أنت تعرف جيدا أن جزء من شهرتك هو أن يتاح جزء من حياتك للمجال العام، لا أقول هذا لأني أرى أن ذلك صواب، ولكن لأن هذا هو الواقع، هذا هو العقد الذي أبرمته مع الناس منذ على بوابات قلوبهم.

أتصور أن حياة الشهرة هي سجن، ففي النهاية لم تعد حرا في أن تفعل ما تشاء وقتما تريد، هكذا هو الأمر، أنت معروف للجميع، وبالتالي الجميع يعرفونك، ويتابعونك، أنت تستفيد منهم، وهم يشبعون رغباتهم، يقلدونك، يتحدثون عن قصتك.

ألم يكن هذا ما بحثت عنه طوال مشوارك، الحب، أن يعرفك الناس ويقدرون موهبتك، أن يتابعونك، وهذا ما حصلت عليه، ولكن الأمر أنه لا يمكنك ضبط كفة الميزان على ما تريد بالضبط.. هكذا هو الأمر.

حينما تتابع المواقع الإخبارية الأوروبية والأمريكية وترى كيف يلتقطون صورا للنجوم وطبيعة الأخبار التي يجمعونها عنهم، ستدرك جيدا، أنك هنا تعيش في رغد وهناء، ومع ذلك يخرج بعضهم ليتطاول!