رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ذئاب رمادية فى القوقاز


مقطع فيديو جديد كشف عن وجود عناصر من منظمة «الذئاب الرمادية» بين المرتزقة والإرهابيين، الذين أرسلتهم تركيا إلى إقليم ناجورنى قره باغ، للقتال إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا، وبالتزامن، اتهمت الخارجية الأرمينية أنقرة بمحاولة زعزعة الاستقرار فى المنطقة، وتقويض اتفاق وقف الأعمال العدائية، الذى تم التوصل إليه، السبت الماضى، بمبادرة من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وتم انتهاكه أمس، الثلاثاء، لليوم الرابع على التوالى!.
كنا قد توقفنا، أمس، عند الانتخابات الرئاسية، التى جرت، الأحد الماضى، فى الثلث الشمالى من جزيرة قبرص، تلك الدولة الوهمية، أو المزعومة، غير المعترف بها إلا من تركيا، التى تحتلها أو تديرها بحكم الأمر الواقع، وأشرنا إلى مشاركة منظمة «الذئاب الرمادية» فى تأجيج الصراع بين القبارصة الأتراك واليونانيين، وقلنا إنها قاتلت فى حربى الشيشان الأولى والثانية ضد الروس، وساندت تتار شبه جزيرة القرم، وشاركت إلى جانب أذربيجان فى حربها ضد أرمينيا، التى بدأت منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضى، ولم يوقفها اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع سنة ١٩٩٤، بوساطة من «مجموعة مينسك»، التى تضم روسيا والولايات المتحدة وفرنسا.
يبدأ مقطع الفيديو، الذى نشره المركز الأرمينى الموحد، بثلاثة مسلحين يتحدثون بالعربية والتركية، ويشيرون بعلامة «الذئاب الرمادية»، ما ينسف مجددًا مزاعم أذربيجان بعدم مشاركة إرهابيين ومرتزقة، أتراك وشرق أوسطيين، فى النزاع الذى تجدّد أواخر سبتمبر الماضى، والذى يوصف بأنه الأعنف منذ حرب ١٩٩١-١٩٩٤. وغالبًا، سيكون استمرار هذا الصراع أو إخماده مرهونًا بنتيجة المساومات أو المقايضات التركية مع روسيا فى الملفين الليبى والسورى.
تطور الصراع بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين إلى حرب شاملة، ينذر بعدم استقرار جنوب القوقاز، ممر خطوط أنابيب النفط والغاز إلى الأسواق العالمية، وفى المقابل، فإن تفجير الأوضاع يحقق مصالح أمريكية، تركية وإسرائيلية، ويضغط على روسيا، المرتبطة بتحالف دفاعى مع أرمينيا، وتربطها أيضًا علاقات تعاون مع أذربيجان فى مجالات عديدة.
تأسيسًا على ذلك، وبعد محادثات استمرت ١٠ ساعات مع نظيريه الأرمينى والأذربيجانى فى موسكو، قال سيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، إن البلدين المتنازعين وافقا على مبادرة موسكو لوقف القتال، بدءًا من الساعة ١٢ ظهر السبت بالتوقيت المحلى، وقالت وزارة الخارجية الروسية فى بيان، إن «أذربيجان وأرمينيا ستباشران بوساطة الرؤساء المشاركين فى مجموعة مينسك، مفاوضات جوهرية بهدف التوصل إلى تسوية سلمية»، غير أن الخارجية الأرمينية أكدت، فى بيان أصدرته الأحد، أن تركيا لم تتوقف عن نقل الإرهابيين أو عن رعاية حملة باكو الإعلامية والسياسية من أجل تقويض اتفاق وقف الأعمال العدائية.
هذه الاتهامات أكدتها وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، وأعربت عن قلقها من نقل مسلحى تنظيمات إرهابية من الشرق الأوسط إلى إقليم ناجورنى قره باغ. وجاء فى بيان، أن سيرجى شويجو، وزير الدفاع الروسى، نقل قلق موسكو إلى نظيره التركى خلوصى أكار، خلال محادثات تليفونية يوم الإثنين، ثم جاء مقطع الفيديو، الذى نشره المركز الأرمينى الموحد، ليقطع الشك باليقين، ويؤكد استمرار الممارسات التركية الاستفزازية، التى تستهدف تحويل تلك المنطقة، ومناطق أخرى مجاورة، إلى منصة لطموحاتها التوسعية أو الاستعمارية.
ذئاب تركيا الرمادية، تنشط فى الثلث الشمالى أو فى جمهورية شمال قبرص، المزعومة، منذ غزت القوات التركية الجزيرة سنة ١٩٧٤، وتنشط أيضًا فى قطر، التى تشترك مع تركيا فى دعم التنظيمات الإرهابية، مثل جماعة الإخوان، جنبًا إلى جنب مع الجنود الأتراك، المنتشرين فى تلك الإمارة، ويتمركزون فى قاعدة «طارق بن زياد» جنوبى العاصمة الدوحة، وكذلك فى الصومال، حيث تتواجد منذ سنة ٢٠١٧، أكبر قاعدة عسكرية لتركيا خارج أراضيها، وطبعًا فى العراق، سوريا، ليبيا و... و... وفى كل مناطق الانتشار العسكرى والاستراتيجى التركى.
بعد الاتحاد الأوروبى والبابا فرنسيس، أعربت إيران، الدولة المجاورة للبلدين، عن أسفها «لانتهاكات وقف إطلاق النار»، ودعت، أمس الأول، الإثنين، الطرفين «إلى ضبط النفس»، ومع ذلك، شن الجيش الأذرى هجومًا ثلاثيًا، الثلاثاء، جنوب وشمال وشمال شرقى الإقليم، شارك فيه المرتزقة والإرهابيون الذين أرسلتهم تركيا، بالإضافة إلى مقاتلى منظمة «الذئاب الرمادية»، إحدى الأذرع التركية لنشر الفوضى والإرهاب، والتى تعمل، أيضًا، فى تجارة المخدرات، بدعم وحماية النظام التركى، مقابل القضاء على خصومه، فى الداخل والخارج، كما سبق أن استخدمتها المخابرات الأمريكية، فى الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتى السابق.
.. وأخيرًا، لن تستقر الأوضاع فى جنوب القوقاز، أو فى ليبيا، سوريا، العراق، الصومال، أو... أو... أو فى غيرها، كما لن تنتهى المفاوضات، المرتقبة، بين جمهورية قبرص وثلثها الشمالى، إلى أى نتائج إيجابية، ما لم يتم التخلص من الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وذئابه الرمادية، وكل الجماعات والتنظيمات الإرهابية، التى يحركها فى شرق العالم وغربه.