رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وقد تهزمه المخدرات!



الولايات المتحدة هى السوق الأكبر للمخدرات فى العالم، ومع دخولها، دخول المخدرات، فى سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقرر إجراؤها فى ٣ نوفمبر المقبل، تزايدت فرص فوز المرشح الديمقراطى، جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، بعد أن تعهدت الأخيرة بتقنين «الماريجوانا» على المستوى الفيدرالى، ومحو السجلات الجنائية للمدانين بتعاطيها، حيازتها، أو الاتجار بها، خلال المناظرة، التى جمعتها بمايك بنس، نائب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
فور انتهاء المناظرة ارتفعت قيمة أسهم الشركات العاملة فى صناعة القنب، وذكرت جريدة «ديلى ميل» البريطانية، فى تقرير، إن الأسهم المدرجة فى الولايات المتحدة لكبار منتجى القنب شهدت، أمس الأول، الخميس، ارتفاعًا، يتراوح بين ٥.٥٪ و١٩.٢٪ فى بورصة «ناسداك»، ما يعنى أن المخدرات قد تتسبب فى هزيمة ترامب، الذى أشرنا، أمس، إلى أنه هزم فيروس «كورونا المستجد»، وأقر بهزيمته، ضمنيًا، على يد حركة طالبان، بإعلانه عن اعتزامه سحب آخر جندى أمريكى من أفغانستان بحلول عيد الميلاد، أى قبل ستة أشهر، من الموعد المحدّد فى اتفاق الدوحة، الذى وقعته واشنطن، فى فبراير الماضى، مع الحركة الإرهابية.
تؤيد كامالا هاريس تقنين الماريجوانا، قبل أن يختارها بايدن نائبةً له، وكانت أحد الرعاة الرئيسيين لمشروع قانون وافقت عليه اللجنة القضائية بمجلس النواب، الذى يسيطر عليه الديمقراطيون، فى ٢٠ نوفمبر الماضى، وطبقًا لما ذكرته شبكة «سى إن بى سى»، وقتها، فإن هذا المشروع يسمح للولايات بوضع سياساتها الخاصة بشأن محو السجلات الجنائية للأشخاص الذين أدينوا فى جرائم تتعلق بالماريجوانا، وفرض ضريبة بنسبة ٥٪ على كل منتجات القنب، يتم توجيهها لمساعدة الفئات المتضررة من المخدرات، ونقلت الشبكة عن أعضاء بمجلس النواب أن تقنين الماريجوانا سيعالج التأثير غير المتناسب لقوانين المخدرات على المجتمعات الملونة.
الماريجوانا هى زهرة نبات القنب، والبانجو هو سيقان النبات وأوراقه وبذوره المجففة، أما الحشيش فيتم تصنيعه من المادة الصمغية «الراتينج» التى يتم استخلاصها من السيقان والأوراق والبذور، التى تحتوى على العديد من المواد، أهمها رباعى هيدرو كانابينول، المعروف اختصارًا بـTHC، والتى تمر بسرعة، حال قيام الشخص بتدخينها، من الرئتين إلى الدم، الذى يحملها إلى الدماغ، فتسبب الشعور بالنشوة، مع تأثيرات أخرى فى الحواس، الشعور بالوقت، ضعف حركة الجسم، صعوبة فى التفكير، الهلوسة أو رؤية وسماع أشياء غير حقيقية، كما ربط تعاطى مشتقات القنب بمشاكل صحية نفسية أخرى، مثل الاكتئاب، القلق، والأفكار الانتحارية.
عدة ولايات أمريكية قامت بتقنين إنتاج، حيازة، بيع، وتعاطى الماريجوانا، إلا أن البنوك والمؤسسات المالية لا تزال ترفض الاستثمار فى صناعتها، ما جعل الشركات الناشئة، العاملة فى تلك الصناعة، تواجه مشكلات تنظيمية، إلى جانب معاناتها من ارتفاع تكاليف الإنتاج، وفى تقريرها، نقلت جريدة «ديلى ميل» عن كيث سيش، الشريك المؤسس لإحدى الشركات المصنعة لمنتجات القنب، أن توفير خدمات مصرفية آمنة لتلك الصناعة سيقلل من مخاطر الاستثمار فيها.
الطريف، هو أن مصطلح «الحرب على المخدرات» أمريكى المنشأ، وبدأ استخدامه، وتداوله إعلاميًا، بعد مؤتمر صحفى انعقد فى ١٨ يونيو ١٩٧١ برعاية الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون، أطلقت بعده الإدارة الأمريكية، وكذا الإدارات المتعاقبة، حملات مدنية، وعسكرية، تهدف إلى مكافحة تجارة واستهلاك المخدرات، أما الأطرف فهو ارتباط غالبية التنظيمات الإرهابية بالمخدرات، على مستويى التجارة والتعاطى.
دراسة حديثة أعدها المعهد التونسى للدراسات الاستراتيجية انتهت إلى أن ٦٣.٤٪ من الإرهابيين العائدين من الخارج تعاطوا مواد مخدرة، وكثيرًا عثرت السلطات العراقية على أطنان من المخدرات، خلال قيامها بإلقاء القبض على أعضاء تنظيم «داعش»، وسبق أن أثبت عبدالله بوزكورت، فى تقرير نشرته «واشنطن إكزامينر» تورط النظام التركى فى تجارة المخدرات بالتعاون مع تنظيمات إرهابية، فى سوريا، العراق، لبنان، ليبيا و... و... وصولًا إلى الصومال.
تأسيسًا على ذلك، احتلت أفغانستان المرتبة الأولى فى زارعة وتصدير وإنتاج القنب، تليها باكستان، بورما، والهند، كما تعد المملكة المغربية أهم الدول الإفريقية الرائدة فى هذا المجال، إقليميًا ودوليًا، ومع زيادة انخراط التنظيمات الإرهابية فى تجارة المخدرات، بدأت تظهر تنظيمات هجينة تعمل فى المجالين معًا، كجماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية، وحزب الله اللبنانى، و... و... وهناك تنظيمات وكيانات هجينة أخرى، فى مختلف دول العالم، ربطتها علاقات قوية بشبكات الجريمة المنظمة وعصابات تجارة المخدرات.
أخيرًا، وحال فوزه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، لا قدر الله، سيكون جو بايدن، الذى سيتم فى ٢٠ نوفمبر المقبل عامه الثامن والسبعين، هو أكبر رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة، ومع أن الأعمار بيد الله، إلا أن الناخبين وقادة الحزب الديمقراطى يرجّحون ألا يُكمل فترته الرئاسية، وبالتالى، صارت كامالا هاريس، هى الرئيس «الاستبن»، البديل، أو الجالس على دكة الاحتياط.