رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيلول الأسود.. والأكثر سوادًا


سينما ديانا أعادت عرض فيلم «غروب وشروق» بناء على طلب الجماهير. ومليون كتكوت زيادة فى إنتاج محطات تفريخ هذا الموسم. وقرية طوخ القراموس، التابعة لمركز أبوكبير بمحافظة الشرقية، أقامت حفلًا أعدمت خلاله ٣٠٠ ختم تحمل أسماء ٣٠٠ مواطن تم محو أميتهم. وحديد الواحات البحرية سيصل إلى حلوان ابتداء من يونيو القادم «يونيو ١٩٧١». وبنجاح، انتهت قمة إنقاذ الأردن من الانهيار وإنقاذ منظمة التحرير الفلسطينية من نفسها.
بعد يوم من العمل المكثف، توصل الرؤساء والملوك العرب، مساء الأحد، إلى اتفاق بين الأردن والمقاومة الفلسطينية، لإنهاء العمليات العسكرية وسحب قوات الطرفين من العاصمة الأردنية عمّان، وإعادة الأوضاع فى الشمال إلى ما كانت عليه، قبل ما صار معروفًا باسم أحداث «أيلول الأسود»، وبعد أن حققت القمة العربية الطارئة التى انعقدت بالقاهرة أهدافها، أو هدفها الرئيسى، قام الرئيس بتوديع الرؤساء والملوك الذين شاركوا فى القمة، وفى السادسة وعشرين دقيقة مساء الإثنين، ٢٨ سبتمبر «أيلول» ١٩٧٠، انتقل جمال عبدالناصر إلى رحمة ربه.
خمسون عامًا مرت على غياب الزعيم الراحل، وخمسون عامًا ويوم، مرت على مقولة ياسر عرفات، وهو فى طريقه إلى قاعة الاجتماعات فى الدور الثانى لفندق هيلتون: «له الله.. كُتب عليه أن يحمل هموم العرب كلهم.. وخطاياهم أيضًا»، ومع ذلك، لم ينضبط، إلى الآن، أداء منظمة التحرير، السلطة الفلسطينية لاحقًا، ولا نعتقد أننا كنا متجاوزين حين قلنا إنها مسئولة عن جانب كبير، إن لم يكن الأكبر، من الضعف الذى أصاب القضية الفلسطينية.
عند «أيلول الأسود»، أحد أبرز هموم العرب التى تحملها الزعيم الراحل واحتواها، سنتوقف غدًا، معتمدين على وثائق أمريكية رسمية، أظهرت جزءًا مما كان خافيًا أو مِن غير المعلن رسميًا، أما اليوم، فسنتحدث عن إصرار الفلسطينيين على إضافة هموم جديدة، بتوجيههم طعنات متتالية ليس إلى مصر فقط، أو إلى العرب جميعًا، بل أيضًا إلى قضيتهم، القضية الفلسطينية، بقيام الرئيس الفلسطينى وقادة أو أمناء الفصائل ببيع قرارهم وأنفسهم للرئيس التركى والعائلة الضالة، التى تحكم قطر بالوكالة، ما يجعلنا أمام «أيلول أسود» جديد، أكثر سوادًا من سابقه.
من أجل تركيا، غابت السلطة الفلسطينية، الثلاثاء الماضى، عن حفل توقيع اتفاقية إطلاق «منظمة غاز شرق المتوسط»، التى شاركت، أو أشركتها مصر، فى تأسيسها، وتنفيذًا للأجندة التركية القطرية، اعتذرت عن رئاسة الدورة الحالية لجامعة الدول العربية، بزعم اعتراضها على رفض مشروع قرار إدانة التطبيع، متجاهلة وجود فاصل زمنى مدته ١٧ يومًا بين الرفض والاعتذار، ولم تتوقف حفلة خلع الملابس وصولًا إلى رد فعل محمد اشتية، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، على تصفية قواتنا البحرية لعناصر حمساوية حاولت اختراق المياه الإقليمية المصرية، بعد أن حلت «البركة التركية» على حركتى «فتح» و«حماس» فى إسطنبول، وبعد حصولهما على دعم مالى سخى من الدوحة، التى طار إليها وفدا الحركتين، الخميس الماضى.
طوال السنوات السبع السابقة، لم تتوقف السلطات المصرية عن توجيه التحذيرات لحركة «حماس» بعدم اختراق المياه الإقليمية المصرية بغرض الصيد، أو لأى غرض آخر، ومنذ ٢٠١٤، يوجد سياج فاصل، وبداية العام الجارى، أصدرت حركة «حماس»، بحسب زعمها، قرارًا يمنع دخول الصيادين الفلسطينيين إلى المياه المصرية، ثم فوجئنا برئيس وزراء السلطة الفلسطينية، يتجاهل ذلك كله، وينعى «بألم شديد»، فى حسابه على «فيسبوك»، من وصفهم بأنهم «شهداء لقمة العيش»، فى تواطؤ فج، لامس حد الوقاحة، مع حركة «حماس».
فى بيان أرسلته إلى شبكة «الجزيرة» القطرية ووكالة أنباء «الأناضول التركية، قالت الحركة الإخوانية إنها تستنكر بشدة «استهداف الجيش المصرى بالرصاص الحى للصيادين فى عرض بحر محافظة رفح، فجر الجمعة، ما أدى إلى استشهاد الشقيقين، محمود وحسن الزعزوع، وإصابة الشقيق الثالث ياسر واعتقاله»، زاعمة أنه «لا يوجد أى مبرر لتكرار هذا التعامل العنيف مع الباحثين عن قوت أولادهم ولقمة عيشهم فى ظل الحصار الصهيونى المطبق والخانق على سكان قطاع غزة». وأعربت الحركة التى توصف بأنها «حركة المقاومة الإسلامية» عن «رفضها القاطع لهذه السياسات الخطيرة»، ولم تنس أن تشير إلى أن «الواجب القومى والدينى والإنسانى يتطلب من الجميع العمل على إنهاء معاناة أهلنا فى قطاع غزة المحاصر».
ادعاءات وأكاذيب تلك الحركة الإخوانية عادية وطبيعية، أما الغريب، فهو تواطؤ السلطة الفلسطينية معها، وانسياقها خلفها، مع أن دخول تركيا على الخط، بعد البيان الأمريكى القطرى، الذى تبنى الرؤية الأمريكية للسلام المعروفة باسم «صفقة القرن»، يعنى بمنتهى الوضوح أن هناك ترتيبات جديدة، لوضع القرار الفلسطينى، تحت سيطرة «حماس»، مقابل سلطة صورية، أو شكلية، لحركة «فتح»، مع وضع «طرطور» جديد على رأس محمود عباس، أو من سيخلفه.