رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الورش الأدبية.. سبوبة أم صناعة كاتب؟ (تحقيق)

حسين حمودة
حسين حمودة


كان مصطلح «محترفات الكتابة» والذي أطلقه الكاتب والأكاديمي جون شولتز، أستاذ الكتابة الإبداعية في جامعة كولومبيا، في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، هو ما فتح الباب أمام الورش الإبداعية التي تزعم أن الكتابة أداة يمكن تعلمها. ولعل أشهر التجارب التي أجريت في هذا المضمار، هي الورشة التي أقامها الناقد والمثقف «كولن ويلسون» في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث دعى من يريد أن يكون مبدعا أن يلتحق بورشته، وكانت هذه الورشة برعاية جامعة أمريكية، إلا أنها لم تحقق شيئا ملموسا، مما اعتبره البعض دليلا على فشل مثل هذه المحاولات.

وكعادة كل شيء وصلت الورش الأدبية إلى مجتمعنا العربي، متأخرة عن ظهورها في العالم الغربي، وذلك منذ قرابة عشرين عاما، وكانت في البداية ورش للكتابة الجماعية، بمعنى اجتماع أكثر من كاتب لكتابة نص أدبي واحد، باعتبار أن ذلك حافزا ومشجعا على الكتابة، إلا أن تلك الورش لم تنتج عملا إبداعيا واحدا يشار إليه باعتباره عملا مميزا.

في السنوات الأخيرة تخطت فكرة الورش كونها عملا جمعيا، بل وصل الأمر إلى كونها ورش لتعلم فنون الكتابة الإبداعية، مثل ورش لتعلم كتابة الرواية وتعلم كتابة الشعر والمقال وورش لتعلم كتابة فن السيناريو، وإن كان الأخير يمكن تقبله من البعض، باعتباره خطوات يمكن تعلمها.

ولكن ما اختلف النقاد حوله، هي الورش الخاصة بالأشكال القائمة على الإبداع تحديدا، فينظر بعضهم إلى مثل هذه الورش، باعتبارها لا تخرج عن كونها «سبوبة»، الغرض الأساسي منها هو المكسب المادي، ومنهم من يرى أنها تساعد على اكتساب الأدوات الإبداعية لا أكثر من ذلك، ولكن ما اتفق عليه الجميع، إن مثل هذه الورش لا تخلق مبدعا حقيقيا، وإن الموهبة هي اللبنة الأولى في بناء أي مبدع حقيقي.

أصحابها: ورش الرواية والشعر «سبوبة».. وأحصل على مقابل لعلمي
في الفترة الأخيرة ظهر الكثير من الورش الأدبية، وبأسعار تصل إلى 1500 جنيه أحيانا، تدعو إلى تعلم صنوف الإبداع المختلفة، مثل الشعر والرواية وغيرهما، وهي الورش التي أقدم عليها الشباب آملين في اكتشاف موهبة كامنة بداخلهم، أو أن يصيروا من مشاهير السوشيال ميديا، سواء من الشعراء الذين تقام لهم الحفلات أو من الروائيين الذين تتهافت عليهم الفتيات.

في بداية حديثه لـ"الدستور" قال أحمد سمير، خريج كلية الآداب قسم اللغة العربية، ويعمل على تحضير ماجستير في الأدب، صاحب ورشة «كتابة من وحي التراث» التي تقدم بسعر 950 جنيها، ومدتها 4 جلسات، تقوم على قراءة نصوص نثرية عربية متنوعة، وتحليلها وتأملها، ثم كتابة نص من وحيها: "نحن نقرأ نص من كتاب عربي قديم ونناقشه، ونتحدث عن الكتاب والكاتب والتاريخ والعصر والبيئة المحيطة وقت كتابة العمل، ثم نحاول أن نكتب نص من وحي ما قرأناه، وقد يكون تحليل أو نقد أو قصة أو خاطرة".

وحول ما إذا كانت الورشة الأدبية قد تساهم في صنع كاتب أضاف: "لا أعتقد أنها تفعل ذلك، فأنا ليس هدفي الأول من الورشة أن تصنع كاتبا، ولكن هدفي أن يكتشف الناس التراث ويستمتعون به "وتجرب الكتابة وتنمي موهبتها إن وجدت".

وتابع: "أنا مهتم إن الناس تجرب الكتابة، وتطور من أسلوبها في الكتابة مستفيدة من اللغة الفصيحة والأسلوب البليغ والمحتوى الغني للتراث، كما أن اكتشاف التراث جزء أساسي في القصة، وهذا هو مجال تخصصي أكاديميا".

ويشير«سمير» إلى أهمية الورش التي تقام لتعلم فن كتابة الرواية والشعر، ولكن يرى أنها لا تخلق كاتب جيد "وبشكل أولى متخلقش شاعر، لكن هي مفيدة في تطوير المهارات وتنمية وصقل اللي عنده موهبة من الأساس".
ومن جانبها تقول هند مختار، المحاضرة بورشة «الكتابة الإبداعية»، إن التنظير حول الأدب موجود في الكتب، فمن أراد أن يقرأه فهناك عناوين بعينها، عليه أن يقتنيها، ولكن الورشة هي عبارة عن تمارين، لمن يريد أن يتجه إلى الكتابة.

وتضيف صاحبة « قالب سكر» وهي الرواية الصادرة عن المصرية اللبنانية في عام 2010، أن "الكتابة عبارة عن تمارين، مثلها مثل الرياضة، وأن أي شخص مهما كانت موهبته، فهو يحتاج إلى شق احترافي، وهذا ما نسعى إلى تقديمه في الورشة، وذلك من خلال نقد الأعمال، فالأشخاص قد يدركون أن أعمالهم ليست جيدة، ولكن لا يدركون ما السبب في ذلك".

وتؤكد في تصريحات لـ"الدستور" أن "الورشة لا تعلم الكتابة، ولكن هي تمرينات على الكتابة، من حيث كيف نأتي بالفكرة ونعمل عليها حتى يخرج عمل لا أقول فارق ولكن عمل جيد"، مشيرة إلى أن الكتابة أشبه بعملية الإخراج السينمائي، فهو عبارة عن 80 في المئة علم ودراسة، و 20 في المئة موهبة، ولكن قد يكون لدى شخص بعينه النسبة الخاصة بالموهبة، فيكون قادر على خلق صور وتكنيكات جديدة.

وتتابع مختار: "هناك نموذج أدبي هو أكبر دليل على أن الكتابة صنعة، وهو الروائية أحلام مستغانمي، فأنا أطلق عليها، كاتبة المراهقات الأولى، فهي تكتب جمل منمقة وبراقة ولكن في اللاشيء".

وعن كون أن البعض يتعامل مع الورشة الأدبية باعتبارها «سبوبة» تقول: "بالفعل الورشة قد تكون سبوبة، فأنا أحصل على مقابل لعلمي ووقتي، فهذا هو مجال دراستي، فأنا حاصلة على دبلومة في النقد الفني، وإن لم أكن امتلك علم كافي، فعلى الأقل أحصل على مقابل للوقت الذي أهدره في هذه الورشة، فتكاليف الورشة لا تتعدى 200 جنيه، وهي رخيصة مقارنة بأسعار الورش الأدبية الأخرى".

آدم مالك، صاحب المركز الثقافي «الركن النوبي» والذي دائما ما ينظم الورش الأدبية، يرى أن الورش التي تنظم لتعلم الرواية والشعر، هي عبارة عن "سبوبة"، واستغلال للشباب، مضيفا أن الورش التي يقوم على تنظيمها، هي لتعلم أساسيات الكتابة المقالية أو ما شابه، بعيدا عن المنطقة الإبداعية، "فقد يكون هناك من يريد أن يكتب فكرة ما، نحن نعلميه كيف يكتبه، وذلك من خلال تعريفه بطرق السرد وكيفية صياغة فكرته".

أيضا «مدخل لفهم الأغنية وشعر العامية» هو عنوان الورشة التي أقامها الشاعر حازم ويفي، برسوم اشتراك 1200 جنيه وبسعر خاص 1000 جنيه للطلبة، وبحضور كلا من: الفنان أمير عيد والفنان هاني عادل والشاعر اشرف توفيق والشاعرة دعاء عبد الوهاب والشاعر نبيل عبدالحميد، لنقل خبراتهم الكتابية.

وقال «ويفي» لـ«الدستور» عن المادة المقدمة في الورشة: «في البداية نستعرض تاريخ شعر العامية، بداية من عبد الله النديم وبيرم التونسي، مرورا بكل الأسماء التي أضافت إلى قصيدة العامية، وذلك لأن الكثير من الشباب لم يقرأوا في الشعر ولا تاريخه، ثم بعد ذلك يكون هناك تمارين على القافية والجناس والسجع، وغير ذلك من الأدوات التي يجب على الكاتب معرفتها».

ويشير «ويفي» إلى أن المتقدمين للورشة، يخضعون إلى حالة أشبه بـ«الفرز»، موضحا أنه يطلب من المتقدم أن يرسل نموذجا من أعماله لقرائتها، قبل إشراكهم بالورشة، مؤكدا أن الورشة لا يمكن أن تجعل من عديم الموهبة شاعرا، "وإن اجتمع أهل الأرض على ذلك".

ويؤكد «ويفي» أن الكتابة موهبة بالأساس، وإن كانت الدراسة تصنع شاعرا، لكانت كلية «الأداب» كفيلة بذلك، فهناك دراسون للشعر بالآلاف، ولكن لا يخرج منها شاعر، إلا كل موهوب، ولكن ذلك لا ينفي أن دراستك لتجربة شاعر ما، "وأنت لديك الموهبة بالفعل، فهي بالتأكيد ستفيدك".
- «مجدي»: شاركت في ورشة شعر فأصبحت عازف ترومبيت.. و«كحلة» و«يسرا»: "نعم استفدنا"

بعيون شاردة جلس كريم مجدي يحلم أن يكون كاتبا او شاعرا، هكذا يصبح مثل مشاهير السوشيال ميديا، أو هكذا أوحت إليه بضرورة أن تكون لديه موهبة، وذلك حتى وجد ضالته في دعوة وجهها إليه صديقه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وكانت للانضمام إلى ورشة لتعليم كتابة الشعر.

في البداية يقول كريم مجدي: «علمت بالورشة من أصدقائي، وسعدت جدا بذلك، فهناك مستويات من الكتابة، وأشخاص بعينهم أحلم ان اكتب مثلهم»، مضيفا: «توجهت مسرعا إلى الانضمام إليها، ومن حسن حظي أن كان هناك مكانا فارغا».

يشير كريم مجدي إلى أن الورشة كانت عبارة عن جلسة أسبوعية مع المدرب، وهو في الأساس شاعر صدر له ديوانين شعر بالعامية المصرية، وفيها يقوم المدرب أو المشرف على الورشة ببعض التدريبات الإبداعية، موضحا أن القراءة جزءا من هذه التمارين، كما أن هناك شرح لفكرة الصورة وكيفية خلقها، وهناك أيضا دروس في العروض.

يؤكد «مجدي» أن الإبداع منحة إلهية، فلا يمكن تعليمها، ولكن الورشة تخضع لعملية أشبه بـ"«الفلترة» الدائمة، ومن لم يجد فيهم المدرب تحسن يستبعدهم من الورشة، كما أن المتقدمين للورشة يخضعون لعملية تقييم عند التقدم إليها، ولا يقبل فيها، إلا من كان ليه جزء من الموهبة.

يرجع كريم مجدي السبب في اشتراك الشباب بمثل هذه الورشة، إلى الحالة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبح الكل يكتب، "ومن هنا يرى الشخص العادي أن الكتابة شيء سهل، فلماذا لا يجرب؟!".

كما يؤكد «مجدي» لـ«الدستور» أن الحفلات التي يقيمها الشعراء والعوائد المادية التي يحققونها، كذلك التفاف الفتايات حولهم، سواء في حفلات التوقيع أو من خلال التعليقات على صفحات "فيس بوك"، كان سببا في محاولة الشباب الصغير أن يصبح مثل هؤلاء، فلم يجد سبيل سوى الورش الأدبية.

كريم مجدي، وبالرغم من فشل الورشة في جعله شاعرا، إلا أنه اكتشف موهبته في شيء آخر، فيقول:«اكتشفت بعد فترة أنني أميل إلى العزف على الترومبيت، وبالفعل اشتريت آلة وتعلمت عليها، والآن وصلت إلى مستوى جيد من العزف، وأحلم أن أصل إلى مستوى الاحتراف، فقد تسعى في تعلم موهبة ما، ولكن تكون موهبتك الحقيقية في شيء آخر، لم يكشف لك بعد».
على الجانب الآخر قال عبد الرحمن نبيل كحلة، الطالب بهندسة الميكانيكا، وأحد المشاركين في ورشة «مدخل لفهم الأغنية وشعر العامية» إن الورشة أضافت له الكثير، «فأزمة البداية أن الكاتب يخرج ما بداخله من شحنة إبداعية ولكن دون منهج واضح، ولكن الورشة أضافت لي الكثير، فقد كنت أشعر دائما أن القصيدة بها خلل ما غير قادر على إدراكه، ولكن الورشة ساعدتني في إدراك مثل هذه المشكلات».

ويتابع «كحلة»: «في الورشة ومن خلال برنامج موضوع، تتعرف على أوزان الشعر، وتاريخه، وكيف تكتب الأغنية، وهذا ما انعكس فيما بعد على كتاباتي، فأنا بالأساس أكتب لبند غنائي اسمه «صوت فكرنا» وهناك فرق واضح بين ما كتبت قبل الورشة، وما كتب بعدها».

ويشير «كحلة» في تصريحاته لـ«الدستور» إلى أنه سبق له أن ذهب إلى ملتقى الشعراء بساقية الصاوي، ولكنه لم يستفيد شيء، ويرجع السبب في ذلك إلى أن ملتقى ساقية الصاوي هو عبارة عن مجموعة من الشعراء يستمعون إلى بعضهم البعض، مع إبداء آرائهم في القصائد المعروضة، «ولكن كل ذلك بلا منهجية أو خطة واضحة أو هدف محدد، ولكن الورشة الأدبية كان لها خطة موضوعة بخطوات ثابتة نسير عليها، كما أن هناك اتصال دائم بين أعضاء الورشة والقائمين عليها بعد انتهاء الورشة».

ويوضح «كحلة» أنه قبل الورشة كانت لديه الموهبة، ولكن عندما كان يرسل الأغنية إلى ملحن ما، كان الملحن يواجه مشكلة لا يستطيع إيضاحها، ولكن في الورشة، كان يمكن اكتشاف هذه المشكلة بسهولة، فكان يقال هناك كسر في الوزن أو تغيير في التفعيلة.

من جانبها قالت يسرى سليم، الحاصلة على درجة الماجستير في علوم الوراثة جامعة عين شمس، إن تجربة اشتراكها بورشة «مدخل كتابة الأغنية» تجربة هائلة، مؤكدة أن من يريد أن يتعلم شيء، فعليه أن يذهب إلى المتخصصين وأصحاب التجارب في هذا المجال، وهؤلاء هم القائمون على الورشة.

وأشارت «سليم» لـ«الدستور» إلى أنها تعلمت من الورشة أوزان الشعر المختلفة وقوافيه، كما تعلمت كيفية اختيار موضوع القصيدة، وكيفية كتابتها بشكل أعمق والبحث عن مفردات مختلفة تساعد في إظهار الفكرة وتضيف ثقل لموضوع القصيدة، بديلا عن الكلام السطحي المطروح.

وحول ما إذا كانت الورش الأدبية «سبوبة» يسعى الجميع إلى التربح من خلالها، قالت: «ما دام هناك استفادة من ورائها، فهي ليست سبوبة، وأنا شخصيا استفدت منها، كذلك لا يمكنني الحكم من خلال تجربة واحدة».

وأوضحت «سليم» أن «الشسوشيال ميديا» وتأثيرها قد يكون السبب وراء سعي البعض إلى الاشتراك في مثل هذه الورش الأدبية، مؤكدة أن الموهبة جزء أساسي من الاستفادة من مثل هذه الورش، «فمن لم يكن لديه الموهبة، لن يصبح كاتب أو شاعر سواء بالورشة أو من غيرها».

نقاد: تعطي المفاتيح الأولية وذات طبيعة أداتية
في البداية قال الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق، إن الإبداع يقوم على مجموعة من الدعائم، أولهم الموهبة ثم الثقافة والخيال والدافعية والرؤية، لذلك فأن الورش الأدبية تعطي المفاتيح الأولية للكاتب، ولكن لا تصنع مبدعا حقيقيا، وإن أخرجت فأنها تخرج مبدع محدود القيمة.

وأكد «عبد الحميد» في تصريحاته لـ«الدستور» أن الورش الأدبية بمثابة العامل المساعد للموهوب الحقيقي لا أكثر من ذلك، مضيفا أن المبدع الحقيقي لا يصنع، ولكن يولد مبدعا، والورش الأدبية توجه الكاتب إلى منابع الثقافة فقط.

وحول الأعمال الإبداعية التي يكتبها مجموعة، وتكون نتاج ورشة أدبية، أكد «عبدالحميد» أنها غالبا لا تكون متسقة، مشيرا إلى أن الإبداع عملية فردية، كما أن معاناة الكاتب الخاصة جزءا أساسيا منه، فإن كان به جزءا من الصنعة، لكنها ليست الأساس، كما أن التدفق والتلقائية في الكتابة، لا تكون في جماعة.

من جانبه أكد الدكتور الناقد حسين حمودة، لـ«الدستور» أن الورش الأدبية، يمكن أن تكون مفيدة على مستوى من المستويات، ولكنها ليست كل شيء بالنسبة للمبدعين الحقيقيين، الذين يستطيعون الوصول إلى النتائج التي تقدمها هذه الورش، دون أن يلتحقوا بها، مشيرا إلى أن المبدعون، استطاعوا، عبر تاريخ الإبداع كله، أن يسهموا بإبداعاته المتعددة، دون ان يكونوا اعضاء في ورش إبداعية.

وأوضح «حمودة» أن الورش الإبداعية مفيدة لأنها تتيح تبادل بعض الخبرات، وأيضا تطرح بعض النقاشات حول الإبداع، لكن من المهم لمن يشاركون فيها التأكد من أن التجارب الإبداعية، التي تنهض على مواهب حقيقية، تتنامى بفضل القراءة والتأملات الذاتية، ومراقبة الأعمال الإبداعية التي يصوغها مبدعون آخرون من كل الأزمنة ومن كل الثقافات.. وعلى ذلك كله فالورش الإبداعية فائدتها محدودة، أو على الأقل هي ليست كل شيء بالنسبة للمبدعين الذين يطمحون إلى الارتقاء بمواهبهم وبأعمالهم.
وعن القائمين على مثل هذه الورش قال: «هناك من بين القائمين على هذه الورش من ليسوا موهوبين، أو من لديهم موهبة محدودة، وف الوقت نفسه هم مدرسون ناجحون، ولكن حتى هذا ليس إيجابيا تماما، فالمبدعون الذين يلتحقون بهذه الورش ليسوا مجرد تلاميذ».وتابع: المثال الكبير على هذا المعنى يتمثل في الورشة التي قام بها الناقد والمثقف المهم «كولن ويلسون» في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالرغم من أن «ويلسون» هو من هو، فهذه الورشة لم تقدم نتائج ملموسة. وعلينا أن نلاحظ أن هناك بعض الورش التي تتزايد أعدادها الآن لا تفكر في قيم الإبداع بقدر ما تفكر في الحصول على بعض الأرباح.
وقال الناقد والروائي سيد الوكيل،: «إنها ورشة كتابة بمعنى أنها ذات طبيعة أداتية، مثلها مثل سائر المهن، كأن تذهب إلى ورشة خراطة، بمعنى أنها تعلم كيف تكتب، ولكن لا تعلم الإبداع أو تكسبك الثقافة، فهذه أشياء أخرى تماما.

وأشار «الوكيل» إلى أن مثل هذه الورش، قد تخرج كاتبا بالفعل، ولكن ليس كاتبا مبدعا وحقيقيا، فمثله مثل الكثيرين الذين يكتوب ما يعرف بأدب الرعب أو ما شابه.

وحول أن القائمين على مثل هذه الورشة، منهم من هو أصحاب منتج إبداعي رديء أكد «الوكيل» على أنه ليس بالضروري أن يكون مبدعا حقيقيا، فقد يكون كاتبا ضعيفا لكنه مدرس جيد.