رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سعاد العتابي: أدب الطفل يرسخ القيم الإنسانية لدى الصغار وينمي وعيهم

سعاد العتابي
سعاد العتابي

أطلقت الكاتبة العراقية المقيمة في مصري سعاد العتابي٬ موقعا الكترونيا بعنوان "نادي الطفل العربي" خاص بأدب الطفل. سعاد العتابي شاعرة وقاصة ورسامة عراقية، تعمل أيضا في مجال تصميم المجلات وأغلفة الكتب والمواقع الإلكترونية.

لها مجموعتان شعرية في قصيدة النثر٬ ومجموعة ثالثة تحت الطبع بعنوان "صباحات لا تنتمي لزمن"، وكتاب نقدي من إعدادها جمعت فيه الدراسات النقدية التي كتبت حول قصائد مجموعتها الشعرية الأولى "تراتيل قمر" بأقلام من مختلف الدول العربية.

وهي بصدد إعداد الكتاب النقدي الثاني لمجموع الدراسات النقدية حول مجموعتها الثانية (صوت المنافي) التي لاقت قصائدها الاهتمام الكبير من قبل النقاد العرب. نُشرِت معظم قصائدها في العديد من المواقع الإلكترونية والصحف الورقية في العراق والوطن العربي. ساهمت في إنشاء وتصميم العديد من المواقع الأدبية والثقافية.
تعمل كرئيسة ومديرة تحرير في العديد من المواقع الأدبية وكمديرة فنية في دار المختار للنشر والتوزيع القاهرة. لها موقعان إلكترونيان تديرهما بنفسها: موقع مجلة سومر الأدبية، وموقع نادي الطفل العربي وحول هذه التجربة كان لــ"الدستور" هذا اللقاء معها.

ــ أطلقتِ مؤخرا موقع نادي الطفل العربي. من أين جاءتك الفكرة ولماذا أقدمت على تنفيذها بالجهود الذاتية؟

الفكرة ليست وليدة اللحظة، وإنما هي رغبة تلازمني دائما من أن أقدّم أي شيء ممكن يدعم عالم الطفل وقد كنت أساهم ولو بالشيء اليسير في هذا الخصوص حينما كنت أعمل في مجال التدريس لفئة عمرية تبدأ من 9 ـ 12 سنة وذلك بعمل ورش للحكي وتأليف القصص، وإعداد مجلات حائط ومجلات ورقية أيضا ومسابقات للمطالعة وقبل انتهاء العام الدراسي أختار قصة من المنهاج وأقوم بتكوين فريق تمثيل من طالباتي يقمن على تقديمها كمسرحية احتفاء بنهاية العام الدراسي.

ومن هنا قررت إطلاق موقع خاص بالطفل على أمل أن يساهم بدعم أدب الطفل ولنصل معا إلى آلية تسهم بالقضاء على أسلوب التلقين الذي يحدّ من تفكير الطفل، ويخلق منه كائنا تابعا لا يحق له الحوار والمناقشة محصورا في زاوية الصمت مسلوب الإرادة تصله الأفكار معلبة جاهزة.

والطفل العربي ـ مثل نظيره في العوالم الأخري ـ له علاقة وطيدة بالتكنولوجيا في عصرنا هذا، وصار من الضروري أن نستثمر هذا الوله بالعالم المرئي ووسائطه المتعددة التي تسحر الأطفال. وهذا ربما سيساهم في المستقبل في تأسيس لأدب رقمي لأطفالنا.
ومن هنا أجدد دعوتي لكافة كتّاب أدب الطفل والمعنيين بعالم الطفل للمساهمة بدعم هذه التجربة والمشروع التطوعي دعما للأدب والثقافة العربية.

ــ ما معايير النشر التي ينتهجها الموقع وما أهميته للطفل العربي؟
أن تكون النصوص ذات قيمة وترسخ القيم الإنسانية في ذهن الطفل وتنمي روح الانتماء، وتعليمية تدفع الطفل للتفكير والعصف الذهني وذلك ليصنع ثقافته بنفسه بعيدا عن أسلوب التلقين الفاشل. وضروري جدا تحديد الفئات العمرية الموجهة لها. مع مراعاة القواعد الإملائية والنحوية.

- ألم تخشي من أن فكرة الموقع مخصصة للأطفال فقط؟
مطلقًا. لم أخشَ. فهي كأيّ تجربة معرّضة للنجاح أو الفشل، لكني كلّي أمل بدعمها واحتضانها من قبل المختصين بعالم وأدب الطفل والأخذ بها وتطويرها وجعلها مختلفة عن أيّ زاوية خاصة بالطفل موجودة في بعض المواقع الإخبارية أو الثقافية.

- إلى أيّ مدى استجاب الكتَّاب لدعوتك للمشاركة في الكتابة للأطفال من خلال الموقع؟
لاقت الفكرة ترحابا شديدا من قبل العديد من الأدباء والإشادة بالموقع ومن هنا ومن خلال هذ المنبر الرائع أجدّد دعوتي لجميع كتّاب أدب الطفل والمعنيين بعالم الطفل؛ للمساهمة بدعم هذا المشروع التطوعي للارتقاء بالأدب والثقافة العربية.


- لماذا تعدّ الكتابة للطفل شائكة؟ وما الصعوبات التي تواجه الكتابة للطفل؟
الكتابة للطفل ليست شائكة. يتميز أدب الطفل عن أدب الكبار بخصائص تتناسب وعقل الطفل بعيدا عن الحشو والتلقين، إنه جنس يساهم في تنمية المهارات اللغوية عن طريق استخدام لغة سهلة بسيطة ليس فيها إطناب ولا تقعر، تعابير واضحة لا تحمل أكثر من معنى، فرموز أدب الطفل لا ينبغي أن ترهق القدرة العقلية للطفل وتكلفه جهدا يفوق إمكاناته المتواضعة، نراعي خصائص النمو الجسمي وقدرات العقل على التفكير والتحليل مع وجود المقومات النفسية الجذابة كالحوار البسيط والحدث والحبكة السهلة في القصة، وأن يشمل على خصائص فكرية تتعلق بالخيال وأن يبتعد عن التجريد وينشد المحسوس ويتناول الصوَّر ذات الصلة بالحياة. والكتابة للأطفال تخضع لثلاثة اعتبارات أساسيّة حسب ما صرح بذلك الباحثون والمربون، اعتبارات تربوية، واعتبارات فنية عامة وأخرى خاصة.

ولكل كاتب أهداف يرسمها ووسائل يستعملها لبلوغ غاياته، فنحن نكتب من أجل بناء جيل قارئ يتذوق ما يقرأ، ويوظف ما يكتسب، وأدب الطفل يساهم في تحرير الطفل من العنف والقمع والوصاية ويساعده في تفتق ما لديه من كوامن ويعمل على تمهير مواهبه، يرسخ في ذهنه القيم الإنسانية وينمِّي فيه الوعي بالخصوصيات الثقافية والتراث ويحبب إليه البيئة، فيكتشف ذاته ومحيطه ويقبل الحق في الاختلاف ويرضى برأي الآخر، ويسهم في إذكاء روح البحث وحب الإطلاع.

- أين تقف الكتابة للطفل في العالم العربي من مثيلتها في بقية العالم؟
لم نصل بعد للحدّ الذي يجعلنا منافسة بقية العالم في هذا المجال طالما نحن متمسكين بآلية التلقين وإلغاء عقلية الطفل في التحاور وعدم إعطائه المجال لإبداء ما يجول في خاطره والحدّ من خياله. انتهى عصر التلقين في أوروبا فأصبح الأطفال يشاركون في صنع ثقافتهم، لأن هناك من ينصت إليهم وليس من ينهرهم وإسكاتهم. لن نتقدم إلا بعد تحرير أذهاننا من الخوف لنتمكن بعدها من تحرير عقلية الطفل وإطلاق فرس خياله ليصهل بكل ما لديه من طاقة إبداعية لتخرج إلى النور. لنكفّ عن محاولاتنا من جعل أطفالنا نسخا منّا. لا حاجة لنا من نسخ مكررة بل إلى صنع جيل جديد يسمو بنا، ولنلحق بركب التطور ولنكون ندِّا في منافسة العالم.

- لماذا سحبت الرواية البساط من تحت أقدام الشعر حتى صارت "ديوان العصر" وزمنه؟
ما نراه في المشهد الأدبي العربي في ما يخصُّ الرواية، ربما يعود سببه إلى: إنشاء جوائز أدبية تنافس الجوائز العالمية التي ساهمت بدورها في تحريك مياه الرواية الراكدة، وحفزت الروائيين للتنافس على تقديم أعمال جديدة في شكلها ومضمونها". ولا ننسى أيضا حقيقة الواقع العربي الذي يعيش حالة التشتت والتيه بسبب تردي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمستقبل الغامض بعد توالي ثورات الربيع التي نتجت عنها صراعات سياسية، كل هذا يدفع القارئ إلى البحث عن عالم يلجأ إليه ينشد فيه الأمان فيجد في عوالم الرواية الواقعي منها والخيالي ذلك الأمان المنشود.

وبرأيي الاتجاه لكتابة الرواية لا يعني زيادة عدد قرائها بالضرورة، فمعظمها مع الأسف لا تتوفر على أدنى قيمة أدبية.

وفيما يخص الشعر فهو يختلف عن الرواية فالشعر الجيد كان دائما نخبويا، والجمهور يفضّل الاستماع إلى الشاعر بدلا من القراءة، والدواوين دائمًا تباع بعدد محدود، والحقيقي منها فقط يبقى في الوجود إلى ما لا نهاية مثله مثل باقي الأجناس الأدبية، فالبقاء للأصلح.وأعتقد التنافس بين الأجناس الأدبية يساهم بتقديم الأجود ولا مجال لأخذ جنس أدبي مكان الآخر فلكل منهم مقومات وعناصر وفنيات تجعله مختلفا عن غيره.

- كيف يكون الإبداع والشعر خاصة درعًا واقيًا في الأزمات الإنسانية ووسيلة مقاومة؟
عندما كان العالم يواجه حربا عالمية ثانية والتي كانت تعتبر من أكبر الأزمات على مر التاريخ، توجه الروسي ميخائيل إلى المستشفى بعد إصابته في هذه الحرب بعملية عصف ذهني أدت إلى ابتكاره تصميم الكلاشنكوف، وأصبح هذا السلاح من أشهر الأسلحة في العالم، ومن القصص المعروفة أنه عندما كان "نيوتن" يدرس في جامعة كامبريدج، وكانت لندن تعاني من تفشي الطاعون سنة 1665، قرر الانعزال في مكان في الريف يبعد مسيرة ساعة عن المدينة، وبقي هنالك مدة 18 شهرا، انكبَّ خلالها على إجراء البحوث والدراسات حتى توصل إلى نظرية الجاذبية، وهناك أيضا مجموعة من مشاهير العالم خرجوا من رحم الأزمات بإنتاجات أكثر إبداعًا خلَّدها التاريخ..

فالأزمات تنتج الإبداع والأدب بشكل عام نتج عنه عبر العديد من الأزمات التي مرت بها شعوبنا العربية إبداعات وثقت من خلال الشعر والقصة والرواية ونحن اليوم نمر بأزمة عالمية نعيشها في ظل زمن (وباء الكورونا) التي دفعت بالأقلام المبدعة توثيق مجريات الأحداث والمعاناة التي يواجهها الإنسان المجرد من أي سلاح يحميه من فتك هذا العدو الجائح وغيرها من أزمات الثورات والحروب والكوارث الطبيعية. والشاعر جزء لا يتجزأ من منظومة الإبداع والمبدعين في شتى الميادين.

- هل أفسدت الجوائز المشهد الثقافي العربي؟ وماذا تعني الجوائز لك؟
الجوائز ليست مكافأة مالية فقط، إنها خطاب إعلامي للعالم، وهذا الجانب لا تفكر فيه الجوائز العربية كلها؛ لأنها تجهل مفردات وفلسفة الخطاب، كيف نوصل صوت الفائز واسمه إلى العالم؟ لأن ما نراه هو تسليط الضوء على الفائزين فقظ وقت إعلان النتائج والأهم من ذلك الجهة الراعية للمسابقة..
وبالنسبة لي لا أهتم بالجوائز والمسابقات لأنها ليست معيارا حقيقيا للإبداع وذلك بعدما أصيبت الجوائز بفيروس الفساد والمصالح وتأطير الإبداع حسب معايير تخدم رعاة المسابقات فقط. جائزتي الكبرى هو القارئ الواعي والناقد الموضوعي الذي يدعم قلمي بالتقييم والتقويم الصادق.