رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حليف رئيسى خارج الناتو!



ازدحام إمارة قطر بالقوات الأجنبية أربك، غالبًا، تيموثى لاندركينج، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكى لشئون الخليج العربى، وجعله يقول إن بلاده تأمل، تتطلع، أو تتمنى إعلان قطر حليفًا رئيسيًا خارج حلف شمال الأطلسى، الناتو. فى حين يقول الواقع إن تلك الإمارة حصلت على هذه الصفة، أى تم إعلانها حليفًا رئيسيًا خارج الحلف، منذ ١٦ سنة و٣ أشهر!.
فى المؤتمر الصحفى، الذى عقده أمس الأول الخميس، عبر التليفون، بدا أن «نائب مساعد» وزير الخارجية الأمريكى يتحدث إلى غائبين عن الوعى منذ ربع قرن تقريبًا، فلم يحمل كلامه عن سجل قطر الحافل فى العمل مع إسرائيل، أى جديد. وكانت إشارته إلى أن الدوحة «منفتحة جدًا» للتعامل مع تل أبيب، تحصيل حاصل. أما «الاتفاق الأوسع»، الذى يعتقد أنه سيحدث، فقد حدث فعلًا، إذ لا يوجد أوسع من السيطرة الإسرائيلية على العائلة الضالة، التى تحكم قطر بالوكالة، التى كان أبسط نتائجها افتتاح مكتب تمثيل المصالح الإسرائيلية فى العاصمة القطرية، سنة ١٩٩٦، واستقبالها مئات المسئولين الإسرائيليين، بدءًا من درجة رئيس وزراء وأنت نازل.
حليف رئيسى خارج الناتو، أو «MNNA»، هى صفة يمنحها الحلف أو الإدارة الأمريكية لأى دولة لديها معها علاقات قوية، لكنها ليست عضوًا فى الناتو، حتى تستفيد من عدة مزايا، فى صفقات الأسلحة والتنسيق الأمنى، كتلبية احتياجاتها بشكل عاجل من المعدات والتكنولوجيا العسكرية الأمريكية، وتزويدها بالمواد الفائضة مجانًا، وإعطاء قواتها أولوية فى التدريبات.
هناك، إلى الآن، ١٧ دولة حاصلة على صفة أو وضع «حليف رئيسى» خارج الحلف: مصر، أستراليا، إسرائيل، اليابان، وكوريا الجنوبية (١٩٨٩)، الأردن (١٩٩٦)، نيوزيلندا (١٩٩٧)، الأرجنتين (١٩٩٨)، البحرين (٢٠٠٢)، الفلبين وتايلاند (٢٠٠٣)، الكويت، المغرب وباكستان (٢٠٠٤)، أفغانستان (٢٠١٢) وتونس (٢٠١٥). ولو عددت هذه الدول ستجدها ١٦، وسيكتمل العدد بإضافة إمارة قطر، التى تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى منطقة الشرق الأوسط.
بهذه الصفة، شاركت قطر فى القمة ٢٩ للحلف، وزعمت الصحف القطرية أن الدول الأعضاء فى الحلف رحبت بحضورها و«انخراطها الناجع». وفى ٢٢ مارس الماضى، ذكرت وكالة الأنباء القطرية، قنا، أن «حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثانى أمير البلاد المفدى»، تلقى رسالة خطية من يانس ستولتنبيرج، الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، الناتو، أكد فيها أن «دولة قطر ظلت خلال الخمسة عشر عامًا الماضية شريكًا مهمًا وموثوقًا للحلف». وأعرب عن شكره «لسمو الأمير المفدى على الدعم الشخصى الكبير من سموه لتعزيز العلاقات».
الشراكة القائمة منذ خمسة عشر عامًا، بحسب رسالة أمين عام الحلف، أو منذ ستة عشر عامًا، طبقًا لوثيقة يونيو ٢٠٠٤، التى تم توقيعها فى إسطنبول، تم تطويرها فى مايو ٢٠١٦ بمصادقة قطر على برنامج الشراكة الفردية، الذى يعد إطارًا شاملًا للتعاون، وزاد تطورها بتوقيع اتفاق تبادل المعلومات، فى ١٨ يناير ٢٠١٨، واتفاقية زيادة التعاون العسكرى والأمنى.
لو تشككت فى هذا الكلام، يمكنك الرجوع إلى عدد يونيو ٢٠١٨ من مجلة «الطلائع»، التى تصدرها وزارة الدفاع القطرية، وستجد فيها حوارًا مع المدعو خالد بن حمد العطية، وزير الدولة لشئون الدفاع، أكد فيه أن العلاقات بين الدوحة وحلف الناتو تتطور يومًا بعد يوم، وأن التعاون بينهما قد يفضى إلى استضافة قطر لإحدى وحدات الحلف، وقال، بمنتهى الوضوح، إن قطر «حليف رئيسى خارج حلف الناتو»، وتطمح فى عضوية كاملة.
وقتها، تهكّم مسئولون فى الحلف، بشكل ضمنى، على طموحات الوزير القطرى، وأوضحوا، لوكالة الأنباء الفرنسية، أن المادة العاشرة فى وثيقة واشنطن لا تتيح ذلك. لكن، لم تمض أسابيع، حتى قالت روز جوتيمولر، نائبة أمين عام «الناتو»، لجريدة «الشرق» القطرية، فى ١٢ يوليو ٢٠١٨، إن قطر «دولة حليفة وطرف فعال» فى الحلف، وجزء أصيل ومهم من مستقبله.
مع قاعدة «العديد»، مقرّ القيادة الأمريكية الوسطى (سنتكوم)، والواقعة على بعد ٣٠ كيلومترًا من العاصمة القطرية، هناك قوات تركية، قوامها ٣٠ ألف جندى، وسرب عملياتى جوى بريطانى، بالإضافة إلى قوات فرنسية متمركزة فى قاعدة العديد، زارها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى ديسمبر ٢٠١٧، قبل أن يلتقى الفتى تميم، حاكم قطر بالوكالة، وكنا قد أشرنا، فى مقال سابق، إلى أن الجيش التركى هو ثانى أقوى جيش فى تلك الإمارة، وأن الجيش القطرى يتذيل القائمة بعد قوات أمن «سيتى سنتر» الدوحة!.
إمارة قطر، باختصار، ليست مجرد «حليف رئيسى خارج الناتو»، بل إنها تكاد تكون المقر الرئيسى لذلك الحلف الأطلسى، اسمًا أو شكلًا، الأمريكى موضوعًا وأهدافًا، الذى أحكم سيطرته على تلك الإمارة وابتلع ثروات شعبها وأسند إلى العائلة الضالة، التى تحكمها بالوكالة، دور السمسار المنحط أو الوسيط القذر.