رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.. وفضيحة قطرية إسرائيلية جديدة


نزاع قانونى، فى تل أبيب، كشف عن تعاقد العائلة الضالة، التى تحكم قطر بالوكالة، مع شركة أمنية إسرائيلية، على تقديم برامج حماية وخدمات تقنية، لتأمين منشآت بطولة كأس العالم لكرة القدم، التى من المقرر أن تستضيفها تلك الدويلة، سنة ٢٠٢٢، لو بقيت على الخريطة، لا قدر الله.
ليس سرًا أن الجنرال هرتسى هليفى، قائد اللواء الجنوبى فى الجيش الإسرائيلى، زار العاصمة القطرية، منذ أيام، برفقة ضباط آخرين. كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن وفدًا ضم قيادات فى جيش الاحتلال والموساد «المخابرات الخارجية» والشاباك «جهاز الأمن العام»، زار تلك الدويلة وعقد لقاءات مع مسئولين فيها. وغير الوساطة القطرية بين «حركة حماس» الإخوانية والإدارة الأمريكية أو الإسرائيلية، يجرى التحضير، منذ سنوات، لاتفاق إسرائيلى مع السودان، الذى خرجت منه «اللاءات الثلاث» الشهيرة: لا سلام، لا اعتراف، ولا تفاوض. أما الفضيحة الجديدة، فكشفها تقرير نشره موقع «إنتلجنس أونلاين» المخابراتى الفرنسى.
طرفا النزاع هما شركة أمنية إسرائيلية اسمها «سديما جروب»، واثنان من الخبراء الأمنيين، هما يوآف مورديخاى، الجنرال السابق فى المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وشاى بيتنر، ضابط الموساد السابق، وكلاهما على علاقة وثيقة بالعائلة القطرية الضالة، الحاكمة بالوكالة، ما دفع الشركة التى تضم مسئولين سابقين فى المخابرات الإسرائيلية، إلى الاستعانة بهما للحصول على عقد الدوحة المغرى، الذى تصل قيمته إلى عشرات ملايين الدولارات.
خلال وجود موردخاى فى الخدمة، أشرف على تنسيق عمليات جيش الاحتلال فى قطاع غزة. وكان على اتصال دائم مع قطر، التى ضخت، بأوامر إسرائيلية، أكثر من مليار دولار لحركة حماس المسيطرة على القطاع. وبعد خروجه من الخدمة، عمل مستشارًا للعائلة القطرية الضالة. وبسيناريو، لا يختلف كثيرًا، صار بيتنر أيضًا مستشارًا لتلك العائلة. وبالتالى، تمكن الاثنان بسهولة من تنفيذ ما اتفقا عليه مع درور مور، مدير «سديما جروب»، الضابط السابق فى «الشاباك»، وتعاقدت قطر على شراء عدد من برامج وخدمات الحماية الإلكترونية.
الشركات الأمنية الإسرائيلية، تديرها جهات رسمية وشبه رسمية، وتخضع لإشراف وزارة الدفاع، التى أبدت تحفظًا على تقديم برامج حساسة إلى قطر، خشية أن تقوم بتمريرها إلى تركيا أو إيران أو أى دول وكيانات أخرى. وبالتالى، تمت مراجعة العقد واستبعاد عدد من البرامج المتفق عليها. ومن هنا بدأت الأزمة بين الشركة الأمنية والخبيرين اللذين يعملان، كما أشرنا، مستشارين لتلك الدويلة، وبعد أن وصل النزاع إلى القضاء، اتفق الطرفان على حله بشكل ودى لأنهما لا يريدان الكشف عن تفاصيل علاقتهما بالسلطات القطرية!
غير موردخاى أو بيتنر، هناك إسرائيليون آخرون يقدمون خدماتهم لقطر. كما أشار موقع «إنتلجنس أونلاين» إلى تعاون قطر مع شركة «جراما كروب» التى تقوم بتطوير برنامج التجسس «فين فيشر»، وشركة «كانديرو» المتخصصة فى تقنيات الاختراق الإلكترونى. وأيضًا مع شركة «إن إس أو» التى يديرها شاليف هوليو، الذى عمل مع الدوحة لمدة طويلة.
تنتج شركة «إن إس أو» برنامج «بيجاسوس ٣» الذى يتحول بعد زرعه فى تليفونات المستهدفين إلى جهاز تصوير وتسجيل ونسخ ونقل المحتويات. ولدى الشركة طاقم متخصص مهمته العمل فى قطر. وفى الآونة الأخيرة، قام صندوق تابع لـ«هيئة قطر للاستثمار» بشراء حصص فى عدد من الشركات الأمنية الإسرائيلية، أبرزها «كانديرو» و«إن إس أو». والأكثر من ذلك، هو أن تقريرًا لمنظمة العدل والتنمية لدراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، صدر العام الماضى، كشف عن وجود مفاوضات سرية بين تميم بن حمد، فتى العائلة القطرية المدلل، ومسئولين إسرائيليين، لإنشاء قاعدة إسرائيلية عسكرية فى قطر على غرار قاعدة العديد الأمريكية.
العاصمة القطرية الدوحة، كما لعلك تعرف، تستضيف منذ سنة ١٩٩٦، مكتبًا لتمثيل المصالح الإسرائيلية. وتحت عنوان «كذبة قطرية إسرائيلية قديمة» توقفنا، منذ أيام، عند ادعاء قطر، فى ٩ نوفمبر ٢٠٠٠، أنها أغلقت ذلك المكتب، قبيل استضافتها مؤتمر القمة الإسلامية التاسع، بينما أكد إيلى أفيدار، رئيس ذلك المكتب، بين عامى ١٩٩٩ و٢٠٠١، عضو الكنيست «البرلمان» الإسرائيلى الحالى، أنه استمر فى عمله، وأن كل ما طلبته منه السلطات القطرية، هو عدم مغادرة منزله، لبعض الوقت، والتزام الصمت، وألا يقوم بتكذيب أو نفى الكذبة: كذبة إغلاق المكتب.
من الكذبة القديمة، المعتادة والمتكررة، إلى الفضيحة الجديدة، لا تنتظر غير الصمت الرهيب من عملاء وغلمان العائلة القطرية الضالة، الذين احترفوا المزايدة على أى دولة تقيم علاقات مع الإسرائيليين. ولا نعتقد أنك تحتاج إلى إثباتات جديدة على أن هؤلاء العملاء والغلمان، وجماعة «الإخوان» وتفريعاتها، خاصة حركة «حماس»، لا تعنيهم القضية الفلسطينية، أو أى قضية أخرى، غير مشروعهم: مشروع التمكين، الذى لن يترددوا فى اللعب مع الشيطان نفسه لتحقيقه.