رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشروعات مهمة لمصر


مشروعات‭ ‬مهمة‭ ‬لمصر‭ ‬

حمدى‭ ‬البطران


من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬يضع‭ ‬نصب‭ ‬عينيه‭ ‬المشروعات‭ ‬الكبرى‭ ‬التى‭ ‬تهم‭ ‬المواطن‭ ‬المصرى،‭ ‬على‭ ‬المديين‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد،‭ ‬وهى‭ ‬مشروعات‭ ‬بدأت‭ ‬تظهر‭ ‬وتعطى‭ ‬ثمارها،‭ ‬وشعر‭ ‬الشعب‭ ‬كله‭ ‬بأهميتها،‭ ‬مثل‭ ‬مشروعات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والطرق‭ ‬والكبارى‭ ‬التى‭ ‬تربط‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬البلاد‭ ‬ومشروعات‭ ‬إعادة‭ ‬توطين‭ ‬العشوائيات،‭ ‬ومشروعات‭ ‬استصلاح‭ ‬الأراضى‭ ‬وزراعة‭ ‬الصحراء،‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالمشكلة‭ ‬المائية‭. ‬

غير‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مشروعات‭ ‬كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬تسير‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬المشروعات‭ ‬التى‭ ‬تبنى‭ ‬عقلية‭ ‬المواطن،‭ ‬وأقصد‭ ‬تحديدًا‭ ‬مشروعى‭ ‬القراءة‭ ‬للجميع‭ ‬ومكتبة‭ ‬الأسرة،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬تمكنت‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬تنشيط‭ ‬هذين‭ ‬المشروعين‭ ‬فإنها‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬حققت‭ ‬عملًا‭ ‬قوميًا‭ ‬يحسب‭ ‬لقوتها‭ ‬الناعمة‭. ‬

من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬المصرى‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬أدوات‭ ‬القوة‭ ‬المصرية‭ ‬الناعمة،‭ ‬وكان‭ ‬يتبوأ‭ ‬عرش‭ ‬القراءة‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬الخمسينيات‭ ‬والستينيات،‭ ‬ثم‭ ‬بدأ‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬عرشه‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬السبعينيات‭ ‬والثمانينيات،‭ ‬وهى‭ ‬الفترة‭ ‬التى‭ ‬شهدت‭ ‬انتشار‭ ‬الفكر‭ ‬الوهابى‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬وبداية‭ ‬انتشار‭ ‬المؤسسات‭ ‬الثقافية‭ ‬الخليجية،‭ ‬التى‭ ‬استقطبت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬نخبة‭ ‬المثقفين‭ ‬المصريين‭ ‬واستثمرتهم‭ ‬فى‭ ‬فترة‭ ‬انحسار‭ ‬المد‭ ‬الثقافى‭ ‬المصرى‭ ‬الذى‭ ‬بدأ‭ ‬فى‭ ‬النمو‭ ‬فى‭ ‬فترة‭ ‬الستينيات،‭ ‬بسبب‭ ‬أوضاعها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والتحولات‭ ‬الجذرية‭ ‬التى‭ ‬حدثت‭ ‬بها‭ ‬وهجرة‭ ‬كبار‭ ‬المثقفين‭ ‬المصريين‭ ‬والأدباء‭ ‬إلى‭ ‬هناك،‭ ‬حيث‭ ‬المردود‭ ‬المادى‭ ‬المرتفع‭. ‬وطغيان‭ ‬الوفرة‭ ‬المالية،‭ ‬وهناك‭ ‬كتبوا‭ ‬وأبدعوا،‭ ‬وشكلوا‭ ‬منافسًا‭ ‬قويًا‭ ‬للثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬والكتاب‭ ‬المصرى‭.‬‭ ‬

كان‭ ‬الكتاب‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬هو‭ ‬عماد‭ ‬الثقافة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الدول،‭ ‬وبه‭ ‬انتشر‭ ‬الفكر‭ ‬الغربى‭ ‬والشرقى‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬أتذكر‭ ‬أنه‭ ‬فى‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬الستينيات‭ ‬ومطلع‭ ‬السبعينيات،‭ ‬كان‭ ‬الكتاب‭ ‬الروسى‭ ‬هدف‭ ‬كل‭ ‬المهتمين‭ ‬بالأدب‭ ‬والثقافة‭ ‬والعلوم،‭ ‬وبأسعار‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬رمزية،‭ ‬والسبب‭ ‬معروف،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬يسمى‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتى‭ ‬قبل‭ ‬انهياره‭ ‬فى‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬كان‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬رقعته‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬وفى‭ ‬الوطن‭ ‬العربى‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الكتب‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬كتابًا‭ ‬علميًا‭ ‬أو‭ ‬كتابًا‭ ‬أدبيًا،‭ ‬كانت‭ ‬صناعته‭ ‬جيدة‭ ‬وأوراقه‭ ‬مصقولة،‭ ‬وكان‭ ‬مجلدًا‭ ‬تجليدًا‭ ‬فاخرًا‭ ‬بغلاف‭ ‬مقوى،‭ ‬كان‭ ‬الباحثون‭ ‬والطلاب‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬فروع‭ ‬المعرفة‭ ‬يقبلون‭ ‬على‭ ‬الكتاب‭ ‬الروسى،‭ ‬لرخص‭ ‬سعره‭ ‬وغزارة‭ ‬مادته‭. ‬وكنا‭ ‬ككتاب‭ ‬وأدباء‭ ‬ومثقفين،‭ ‬نقبل‭ ‬على‭ ‬كتب‭ ‬الأدب‭ ‬الروسية،‭ ‬وقرأنا‭ ‬لديستوفسكى‭ ‬وليو‭ ‬تولستوى،‭ ‬وباسترناك‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬والشعراء‭ ‬والفلاسفة‭ ‬الروس‭. ‬

من‭ ‬الممكن‭ ‬للكتاب‭ ‬المصرى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مصدرًا‭ ‬للدخل‭ ‬القومى،‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬لو‭ ‬اعتبرناه‭ ‬إحدى‭ ‬الصناعات‭ ‬الرئيسية‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬سائدة‭ ‬عندنا،‭ ‬والتى‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬عواملها‭ ‬الأولية‭ ‬هى‭ ‬الورق‭ ‬والأحبار‭. ‬كانت‭ ‬لنا‭ ‬شركات‭ ‬لتصنيع‭ ‬الورق‭ ‬ومنها‭ ‬شركة‭ ‬الورق‭ ‬الأهلية،‭ ‬وكان‭ ‬إنتاجها‭ ‬جيدًا‭ ‬وراقيًا،‭ ‬ولكن‭ ‬الدولة‭ ‬تخلَّت‭ ‬عنها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تلتفت‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تغذى‭ ‬أهم‭ ‬صناعة‭ ‬مصرية‭ ‬تتوافر‭ ‬كل‭ ‬خاماتها‭ ‬الأولية‭ ‬هنا‭ ‬فى‭ ‬مصر‭. ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬الكتاب‭ ‬قوامها‭ ‬عاملان‭ ‬رئيسيان،‭ ‬العامل‭ ‬الأول‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الورق،‭ ‬والعامل‭ ‬الثانى‭ ‬الأفكار‭ ‬التى‭ ‬يحتويها‭ ‬الورق‭. ‬

وكلا‭ ‬العاملين‭ ‬متوافر‭ ‬عندنا‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬ولا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استيراد‭ ‬شىء،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬اهتمت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بالعامل‭ ‬الأول‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬الكتاب‭ ‬المصرى،‭ ‬وهو‭ ‬الجزء‭ ‬التكنولوجى‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬الكتاب‭ ‬وهو‭ ‬الورق،‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬مدبولى،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬فى‭ ‬يوليو‭ ‬2018،‭ ‬عن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الجديدة‭ ‬لصناعة‭ ‬الورق‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬المخطط‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬تنفيذها‭ ‬بنهاية‭ ‬2022‭ ‬على‭ ‬5‭ ‬محاور‭ ‬مهمة‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬سد‭ ‬فجوة‭ ‬الاستيراد،‭ ‬التى‭ ‬تمثل‭ ‬60‭% ‬من‭ ‬حجم‭ ‬استهلاك‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬سنويًا‭ ‬وتضغط‭ ‬احتياطى‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبى‭ ‬للدولة،‭ ‬إذ‭ ‬بلغت‭ ‬فاتورة‭ ‬الاستيراد‭ ‬السنوية‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭.‬

‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬بمثقفيها‭ ‬وكتابها‭ ‬وشعرائها‭ ‬ومؤلفيها‭ ‬وجامعاتها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬البحثية‭ ‬وعقول‭ ‬أبنائها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية‭ ‬وكتابها‭ ‬ونقادها‭- ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬إبداع‭ ‬وفنون‭ ‬وعلوم،‭ ‬تجعل‭ ‬للكتاب‭ ‬المصرى‭ ‬مكانة‭ ‬كبيرة‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سنفرد‭ ‬له‭ ‬مقالًا‭ ‬مستقلًا‭. ‬