رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كذبة قطرية إسرائيلية قديمة


بتفاصيل أكثر قد نتوقف، لاحقًا، عند إيلى أفيدار، عضو البرلمان «الكنيست» الإسرائيلى الحالى، الضابط السابق فى جيش الاحتلال، وأحد أهم رجال المخابرات الإسرائيلية. أما اليوم، فسنعود إلى «القمة الإسلامية التاسعة»، التى أشار إليها المذكور، بشكل عابر، فى حواره مع قناة «سكاى نيوز عربية»، فاضحًا بأثر رجعى كذبة قطرية قديمة، شهيرة، معتادة، ومتكررة.
معروف أن انقلاب حمد بن خليفة آل ثانى على والده، فى ٢٧ يونيو ١٩٩٥، كان مشروطًا بتحول قطر إلى صندوق بريد لخدمة إسرائيل، وعليه، كان طبيعيًا أن تشارك الإمارة الصغيرة فى تشييع جنازة إسحق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، فى ٦ نوفمبر ١٩٩٥، وأن تستقبل فى ٢ أبريل ١٩٩٦، شيمون بيريز، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، رئيسها السابق، لافتتاح مكتب تمثيل المصالح الإسرائيلية فى الدوحة، وبعده تم ربط شبكتى التليفون بين الجانبين وإنشاء بورصة الغاز القطرية فى تل أبيب، وتوقيع اتفاقيات أمنية وصفقات تسليح و... و... تكرر ظهور مسئولين وسياسيين وكتّاب إسرائيليين على شاشة «الجزيرة».
مع تولى بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية، فى ١٨ يونيو ١٩٩٦، تنصل من عملية السلام وزاد الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. وبزعم تضامنها مع الشعب الفلسطينى، ولتهيئة الأجواء لانعقاد القمة الإسلامية، أعلنت قطر، فى ٩ نوفمبر ٢٠٠٠، عن إغلاق مكتب تمثيل المصالح الإسرائيلية فى الدوحة، وقبلها بأيام، تحديدًا فى ٢٢ أكتوبر، كانت قد أكدت أنها ستعيد النظر فى علاقاتها مع إسرائيل وأنها تدرس بهدوء وحذر وضع ذلك المكتب.
مؤتمر القمة الإسلامية التاسع، انعقد فى العاصمة القطرية الدوحة من ١٢ إلى ١٤ نوفمبر ٢٠٠٠، وكان أبرز القرارات التى تضمنها البيان الختامى، أو إعلان الدوحة، التعهد بمواصلة بذل الجهود من أجل نشر الصورة الحقيقية للإسلام و... و... وتأكيد قادة وزعماء الدول الإسلامية، مجددًا، على تضامنهم مع نضال الشعب الفلسطينى من أجل استرداد حقوقه الوطنية الثابتة، بما فيها حقه فى العودة إلى دياره وممتلكاته، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
بعد تحية صمود الشعب الفلسطينى وشجاعته، وبعد الإشارة إلى أن قضية المسلمين الأولى هى تحرير فلسطين، أشار البيان إلى أن السلام العادل والدائم فى الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بتنفيذ جميع قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين، و... و... فى هذا السياق، أكد القادة والزعماء على بيان انتفاضة الأقصى، الذى اعتمدوه خلال تلك الدورة، و... و... وعهدوا إلى رئيس المؤتمر بإجراء مشاورات منتظمة مع الدول الأعضاء واتخاذ كل التدابير اللازمة لتنفيذ هذا الإعلان، بالتعاون مع الأمين العام والأجهزة المختصة فى منظمة المؤتمر الإسلامى.
كان رئيس الدورة التاسعة للمنظمة، أو مؤتمر القمة الإسلامية التاسع، هو حمد بن خليفة آل ثانى، حاكم قطر، التى كذبت قبيل المؤتمر، كما أشرنا، وقالت إنها أغلقت مكتب تمثيل المصالح الإسرائيلية فى الدوحة، بينما أكد إيلى أفيدار، أو أبودرة، رئيس ذلك المكتب وقتها، أنه استمر فى عمله، وأن كل ما طلبته منه السلطات القطرية، هو عدم مغادرة منزله، لبعض الوقت، والتزام الصمت، وألا يقوم بتكذيب أو نفى الكذبة «كذبة إغلاق المكتب».
ممثل إسرائيل فى الدوحة، بين عامى ١٩٩٩ إلى ٢٠٠١، الذى كان كسابقه، والتالى له بدرجة سفير، أرجع ذلك إلى أسلوب الخداع الذى تنتهجه قطر فى إخفاء علاقاتها بإسرائيل، التى تعود إلى «ما قبل سنة ١٩٩٥». وقال إن «الحاجة المضحكة» هى أنها كانت تهاجم، عبر قناة «الجزيرة»، أى دولة ثانية تريد إقامة علاقات مع إسرائيل. وأضاف، بعد أن أبدى دهشته من معارضتها الاتفاق الإماراتى الإسرائيلى: «هذه هى قطر كما تعوَّدنا عليها».
ما يؤكد كلام «أفيدار»، هو أن شيمون بيريز عاود زيارة الدوحة، فى بداية ٢٠٠٧، وأجرى مباحثات مع حمد بن خليفة، حاكم قطر آنذاك. ووصفت المتحدثة باسم بيريز تلك الزيارة بـ«أنها تتعلق بتعزيز العلاقات الإسرائيلية القطرية». وقالت إن بيريز، الذى كان وقتها نائب رئيس الوزراء، تحدث أمام ٣٠٠ طالب فى الدوحة، خلال لقاء نظمته مؤسسة قطر للتربية والعلوم والتنمية، التى تترأسها موزة المسند، زوجة حاكم قطر السابق، والدة الحاكم الحالى.
لو صادفت مقطع الفيديو المتداول لـ«أفيدار»، أو إيلى إسحق أبودرة، المولود بالإسكندرية، قد تعتقد أنه لطيف وظريف، وربما تضحك حين تراه يتحدث بالعامية المصرية، ويقول لزميله فى الكنيست: «نقطنا بسكوتك»، غير أن تاريخه، غير المخفى، يقول إنه لعب أدوارًا قذرة، خلال خدمته فى لواء «ناحال»، أحد ألوية «النخبة» بجيش الاحتلال، وطوال فترة عمله فى المخابرات العسكرية الإسرائيلية، قبل أن يلعب لمصلحة الأخيرة، أو لمصلحة أجهزة أخرى، بغطاء دبلوماسى، سياسى، اقتصادى، ثم برلمانى. وهذا ما قد نوضحه، لاحقًا، لو كان لنا عمر.