رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العريان.. و«شهداء» دين الإخوان



الإخوان، طبعًا، لا دين لهم، غير أن المفهوم الاصطلاحى للدين يتيح لنا إطلاق وصف «دين الإخوان» على ما يعتنقه أعضاء تلك الجماعة الإرهابية، اعتقادًا، قولًا، وعملًا. أما العريان، فهو قيادى إخوانى، شاهدناه يقطع، فى مقطع فيديو، بأن «مبارك لن يخرج من السجن»، وحين قيل له إن ذلك «ممكن بشىء من الرحمة» رد ساخرًا: «ممكن يخرج على نقالة إلى القبر». ثم كانت سخرية القدر أكبر، وحملت «النقالة» ذلك العريان أمس الأول، الخميس، من سجنه إلى قبره، فى تأكيد جديد لقول المولى عز وجل: ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
الطرف الثانى فى مقطع الفيديو، كان عمرو موسى، أشهر وزراء خارجية مبارك، الرئيس الأسبق، ووقت تسجيل المقطع، فى أكتوبر ٢٠١٢، كانت جماعة الإخوان تحكم مصر، عبر ممثلها فى قصر الاتحادية، محمد مرسى العياط، وعبر سيطرتها على البرلمان: مجلس الشعب ثم مجلس الشورى، أما عمرو موسى فكان قد أسس «حزب المؤتمر»، وواصل، من خلاله وبصفته رئيسًا لذلك الحزب، اللعب بـ«البيضة والحجر» بعد أن حلّ خامسًا فى مسرحية انتخابات ٢٠١٢ الرئاسية، بعد محمد مرسى العياط، أحمد شفيق، حمدين صباحى، وعبدالمنعم أبوالفتوح.
غير ارتباط الاثنين فى ذاكرتى بهذا المشهد، ارتبط موسى والعريان، فى ذاكرتى أيضًا، بتمثيلية انسحاب رجب طيب أردوغان من جلسة المنتدى الاقتصادى العالمى، دافوس، فى ٢٠٠٩، إثر ملاسنةٍ مع الرئيس الإسرائيلى السابق شيمون بيريز. إذ شن العريان هجومًا حادًا على عمرو موسى، الذى كان وقتها أمينًا عامًا لجامعة الدول العربية، لأنه لم ينسحب من تلك الجلسة، فى حين وصف أردوغان، رئيس وزراء تركيا وقتها، بأنه «سياسى بالفطرة». ثم شاء السميع العليم ألا تمر سنة ٢٠١٢ حتى يظهر الوجه الصهيونى لجماعة الإخوان، ونكتشف أن «بيريز» هو صديق الرئيس الإخوانى العزيز، وبالصوت والصورة، رأينا ذلك العريان، فى برنامج على «قناة دريم»، يوجه الدعوة إلى اليهود المصريين للعودة مرة أخرى، زاعمًا أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قام بطردهم، وقائلًا لهم إن «مصر أولى بكم»!.
عصام الدين محمد حسين العريان، الذى احتفل فى ٢٨ أبريل الماضى بعيد ميلاده السادس والستين، شغل منصب الأمين العام المساعد لنقابة أطباء مصر، وانتخب عضوًا فى مجلس الشعب لعدة دورات، فى زمن تزوير الانتخابات الجميل، وعلى مستوى الجماعة، ظل يتدرج فيها حتى ترأس مكتبها السياسى، ثم صار نائب رئيس ذراعها السياسية، أو ما كان يوصف بحزب الحرية والعدالة. وحين ثار المصريون وكنسوا الجماعة من الحكم، لم يتمكّن العريان من الهرب، كما فعل بعض زملائه، فذهب إلى مكانه الطبيعى: السجن.
مصادر أكدت أن الأزمة القلبية، التى أودت بحياة المذكور، داهمته بعد نقاش حاد، تطور إلى مشاجرة، مع قيادى آخر بالجماعة، قيل إنه خيرت الشاطر، حول وضعهم الحالى وأخطائهم وسياساتهم المستقبلية، وبعد أن أقرت الجماعة الإرهابية، فى بيان، بأن العريان توفى بسبب «أزمة قلبية داخل سجن العقرب»، عادت إلى سيرتها الأولى، وأطلقت أكاذيب رددها أعضاؤها ومركوبوها على شبكات التواصل الاجتماعى، وفى وسائل إعلام تحت مستوى الشبهات، وكانت الكذبة الأكبر، هى وضع كلمة «الشهيد» قبل اسم ذلك الإرهابى، الذى تسبب فى قتل آلاف الأبرياء، وقالت أحكام قضائية، نهائية وباتة، إنه خان وطنه وتخابر لصالح دول معادية، وعوقب عن تلك الجرائم بالسجن، كما كان ينتظر حكمًا بالإعدام، بعد تخفيف حكم مماثل إلى المؤبد.
القيادى الإخوانى كان يقضى عقوبة السجن لمدة قرن تقريبًا فى عدة قضايا: عوقب بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن إهانة القضاء، وصدر ضده حكم نهائى بات بالسجن المؤبد، فى قضية اقتحام الحدود الشرقية، وعن أحداث البحر الأعظم ومسجد الاستقامة، عوقب أيضًا بالسجن المؤبد، كما عوقب بالسجن المشدّد لمدة ٢٠ سنة فى أحداث الاتحادية، وفوق ذلك، كان قد صدر ضده حكم بالإعدام فى القضية الأولى، قضية اقتحام الحدود الشرقية، غير أن محكمة النقض ألغت الحكم، وتم تخفيفه بعد إعادة المحاكمة، وفى ١٥ أكتوبر الماضى، عوقب بالإعدام أيضًا فى قضية «فض رابعة»، ولا يزال الطعن فى هذا الحكم منظورًا، أمام محكمة النقض.
.. وأخيرًا، نتمنى ألا نجد من يردد المثل الوضيع القائل «الجنازة حارة والميت كلب»، لأن كل الكلاب ستدخل الجنة، أو All dogs go to heaven، كما قالت رسومات «جرافيتى» ملأت حوائط شوارع اليونان، فى أكتوبر ٢٠١٤، بعد وفاة «لوكانيكوس»، ذلك «الكلب الثورى»، أو «الأسطورة»، كما وصفه ديفيد روفيك فى أغنية شهيرة، وبالمرة، ندعوك إلى قراءة كتاب «فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب» للشيخ العلامة أبوبكر محمد بن خلف بن المرزبان، الذى يعدد فيه مزايا وفضائل الكلاب، مقارنة بمساوئ بعض المنتمين إلى جنس البشر.