رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دواجن مصر.. ولوردات بريطانيا!


خبر تصدير مصر للدواجن، بعد توقف ١٤ عامًا، كان أهم لدى «هيئة الإذاعة البريطانية»، بى. بى. سى، من قائمة المعينين الجدد فى مجلس اللوردات، التى ضمت جو جونسون، الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء البريطانى، وخلت من اسم رئيس مجلس العموم السابق، فى سابقة لم تحدث منذ قرنين!.
مجلس اللوردات، House Of Lords، هو الغرفة الأعلى فى البرلمان البريطانى، ويضم نوعين من الأعضاء: يوصف النوع الأول بـ«اللوردات الروحيين»، وهم أكبر أساقفة إنجلترا، ويضم النوع الثانى «اللوردات الدنيويين»، أو ممثلى النبلاء. وهؤلاء وأولئك، لا يتم انتخابهم بل تختارهم الحكومة، ويصدر قرار تعيينهم من الملكة. ولعلك تعرف أن الملكة إليزابيث الثانية، التى احتفلت فى ٢١ أبريل الماضى بعيد ميلادها الرابع والتسعين، هى أطول ملوك بريطانيا عمرًا، وصارت سنة ٢٠١٢، الأطول جلوسًا على العرش.
الموضوعات العشرة الأكثر قراءة، فى الموقع العربى لـ«بى. بى. سى» الخاضع لإشراف، أو سيطرة، الخارجية البريطانية، جاء ترتيبها كالتالى: غضب مصرى واحتفال إثيوبى لبدء ملء سد النهضة، مالك نادى نيوكاسل يونايتد مازال «ملتزما بنسبة ١٠٠٪» بالصفقة السعودية، ترامب يقول إنه سيحظر تطبيق تيك توك فى الولايات المتحدة، إلغاء حكم الإعدام بحق مفجر ماراثون بوسطن، وفاة ١٠ مدمنين هنود تناولوا مطهرات تحتوى على كحول بعد إغلاق متاجر بيع الخمور، ما هى التدخلات الخارجية فى ليبيا وما دوافعها؟، أعراض الإصابة بفيروس كورونا وكيف تحمى نفسك منه، طلاب عرب اختاروا الدراسة فى بريطانيا.. ثم جاء الوباء، ثعلب لص يستولى على أكثر من ١٠٠ حذاء، و«كيف يكون شعورك عندما تكونين سوداء ويهودية؟».
بعيدًا عن الموضوعات العشرة أو العشرين، لا ذكر على الإطلاق، حتى كتابة هذه السطور (الرابعة والنصف عصر السبت)، لقائمة الأعضاء الـ٣٦ الجدد فى مجلس اللوردات، التى نشرتها الحكومة البريطانية، الجمعة، ضمت أيضًا، فيليب ماى، زوج رئيسة الوزراء السابقة، تيريزا ماى، «تقديرًا لخدماته السياسية»، مع أن نشاطه السياسى، بحسب ما قاله لبرنامج «ذا وان شو»، على تليفزيون «بى. بى. سى»، يتلخص فى أنه اعتاد أن يخرج القمامة من المنزل، ومع انشغال زوجته الزائد، بعد توليها رئاسة الحكومة، أصبح يعد الشاى والعشاء!.
قائمة المعينين الجدد فى مجلس لوردات بريطانيا، ضمت عددًا كبيرًا من مؤيدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»، أما جو جونسون (٤٨ سنة)، المؤيد للاتحاد الأوروبى، فسبق أن عيّنه شقيقه وزيرًا لكنه استقال، فى سبتمبر الماضى، بزعم حرصه على «المصلحة الوطنية»، واصفًا استراتيجية شقيقه فى ملف «بريكست» بأنها متشددة جدًا، ومعربًا عن دعمه لإجراء استفتاء ثان حول مغادرة بريطانيا للاتحاد. وكما أشرنا، كانت تلك هى المرة الأولى، منذ قرنين، التى لا يتم فيها تعيين رئيس سابق لمجلس العموم فى مجلس اللوردات. بعد أن خلت القائمة من اسم جون بركو، الذى ينتمى لحزب المحافظين، والمتهم بالانحياز له!.
المفاجأة الأكبر، كانت تعيين يفجينى ليبيديف، رجل الأعمال البريطانى الروسى الأصل، مالك جريدتى الـ«إندبندنت» و«إيفينينج ستاندرد»، وابن رجل الأعمال الروسى ألكسندر ليبيديف، الذى كان عضوًا فى الحزب الشيوعى السوفيتى وفى الدائرة الأولى للمخابرات الروسية، كى جى بى. لكنه صار بعد انهيار الاتحاد السوفيتى واحدًا من كبار رجال الأعمال والإعلام، واستقر فى لندن، التى عمل بها فى ثمانينيات القرن الماضى عميلًا سريًا فى السفارة الروسية، وربطته علاقة صداقة قوية برئيس الوزراء البريطانى الحالى.
بعد يوم واحد من فوزه فى الانتخابات العامة، التى جرت فى ديسمبر الماضى، حضر جونسون احتفال ليبيديف الأب بعيد ميلاده الستين، ومع تعيين نجل الأخير، الذى احتفل فى ٨ مايو الماضى بعيد ميلاده الأربعين، والـ٣٥ الآخرين، وصل أعضاء مجلس اللوردات إلى ٨٠٠ عضو، معينين مدى الحياة، لا يمكن عزلهم، ولن يغادروا المجلس إلا بالوفاة أو بالاستقالة.
بهذا الشكل، كان طبيعيًا أن تثير القائمة غضب خصوم جونسون، الذين كان أبرزهم بيت ويشارت، عضو مجلس العموم عن الحزب الوطنى الإسكتلندى، الذى قال إن تلك التعيينات كشفت عن «أسوأ أنواع المحسوبية»، واتهم رئيس الوزراء بأنه «منح وظائف مدى الحياة للأصدقاء وللذين قدموا خدمات له». كما قال دارين هيوز، رئيس «منظمة الإصلاح الانتخابى» إن جونسون «يثير السخرية بتعيينه مجموعة من النواب السابقين والموالين لحزبه وشقيقه»، مؤكدًا أن تمكنه من القيام بذلك «يكشف إلى أى حد تحول هذا المجلس إلى نادٍ خاص لأعضائه».
قلوبنا، طبعًا، مع الشعب البريطانى، ولا نعتقد أننا نتجاوز لو قلنا إن ملايين المشردين منه أحق بالأموال التى تهدرها المخابرات البريطانية على وسائل إعلام، لا ترى الخشبة فى عين بريطانيا وحلفائها، أو أتباعها، وتبحث عن أى قشة فى عيون الدول التى تستهدفها!.