رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تفاصيل الحرب الكبرى بين أم كلثوم وعبد الوهاب.. «أنا مجدد والست موضة قديمة»

أم كلثوم وعبد الوهاب
أم كلثوم وعبد الوهاب


كادت المنافسة بينهما تصل إلى درجة الحرب، حرب حقيقية لم يتوقع أحد نهاية لها، عبد الوهاب يقيم حفلًا وجمهوره بالآلاف، وأم كلثوم تلاحقه بحفل وأغنية جديدة، وألحان جميلة. لم يظن أحد أنهما سيتعاونان يومًا ما، لكن شهية الموسيقار، الذي يبحث عن صوت قوي يبرز ألحانه وموسيقاه. كانا يلقبان بـ«الأعداء» في الصحافة، وعشرات المطابع تتولى عملية إشعال النار في ثوبهما، وإشعال الوقيعة بينهما.
تعاونهما أزال الخلاف للأبد، حتى إنها كانت تسرق كلمات الأغاني منه بسلطتها كأنثى، كتب أحمد رامي أغنية «سهران لوحدي» لعبد الوهاب، الذي لحنها بالفعل، لكن أم كلثوم ابتزت رامي عاطفيًا، فخضع لها. كان يحبها، ويرجو منها نظرة، فأخذ الأغنية من عبد الوهاب، ومنحها لأم كلثوم.

والغيرة تحرق قلب أم كلثوم لأن عبد الوهاب مطرب القصور والأمراء، بينما هي للناس، لم تصل إلى هذه المكانة إلا بعد قيام ثورة يوليو.. كانت صوتًا جميلًا يشق طريقه إلى النجومية، بينما هو نجم كبير يعرفه الجميع، ويعمل له ألف حساب، تبلورت المعركة بينهما وظهرت بعد عمرٍ من الابتسامات الصفراء، حين أعلنت الترشح ضده لمنصب نقيب الموسيقيين، وبدآ يتنابذان بالألقاب والكلمات والشتائم والنميمة.

كانت تعرف أنه ملحن خطير، ومطرب كبير، لكنها لا تقول ذلك ولا تصرح به أبدًا، خوفًا من أن يكون اعترافًا منها للرجل بسيادته عليها، وكان تبنيه لعبد الحليم حافظ جزءًا من المعركة.. حين كبر عمره، وانسحب من حفلات الغناء، قرر أن يترك لها شيئًا من أثره يؤرق نومها من بعده حتى بعدما تصالحا، فالكبار لهم «أحكام».

وكان لعبد الوهاب منطق آخر، حين سُئل في أحد الحوارات الصحفية عن المقارنة بينهما، قال له المحاور: من ناحية الأداء، نقول إن أداء أم كلثوم كلاسيكي له طابع مسرحي وفي بعض الأحيان له طابع ديني أو قرآني حتى وهي تغني أغاني الحب والوطنية، بينما لأدائك طابع ذاتي أو مدني.. هل توافق على هذه التفرقة؟ وهل هذا هو سبب البعد الذي كان قائمًا بينكما قبل التعاون الذي بدأ سنة 1964 ؟

كانت تلك أول إجابة صريحة عن الحرب المكتومة بين الاثنين، قال عبد الوهاب: لا شك أني أنا وأم كلثوم كنا على خلاف في الخط، أم كلثوم تمثل الأدب القديم والجناس البديع، اللغة الفصحى التقليدية، الجملة الرصينة.. وأنا كنت أمثل الآداب الجديدة: التفكير، التعبير، القصة. أفتح أبوابي على أوروبا وآخذ منها ما أراه صالحًا لمزيكتي.

ويوضح عبد الوهاب ما يميزه عن أم كلثوم: الفرق بيني وبين أم كلثوم كالفرق ما بين المويلحي وتوفيق الحكيم. هذا أدبه شيء جميل، وله قيمته، والأول له قيمته أيضًا لكن هذا له رأي في الأدب وهذا له رأي آخر، ولذلك لم نتفق كثيرًا، في البداية، أم كلثوم كان لها هذا اللون التقليدي كما قلت، وتجدين جمهورها أو السميعة يمثلون هذا اللون، الناس التقليديون المخضرمون، ولذلك لما لحنت لأم كلثوم ضميت لجمهورها جمهورًا جديدًا من الشباب الصغار.