رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محاولة إنقاذ.. كيف تواجه دور النشر تراجع المبيعات بسبب «كورونا»؟

دور النشر
دور النشر

لم تصب لعنة فيروس «كورونا المستجد» القطاعات الاقتصادية الرئيسية حول العالم فحسب، بل طالت أيضًا منظومة طباعة ونشر وتوزيع الكتب، بعد أن تسببت الإجراءات الاحترازية التى اتخذها الجميع فى تراجع بل وانعدام حركة بيع وشراء إصدارات دور النشر، ما عرضها لأزمات طاحنة تهددها بالغلق النهائى.
فى السطور التالية، تتحدث «الدستور» مع عدد من مسئولى دور النشر عن تبعات الجائحة على هذه الصناعة الثقافية المهمة، وكيف تأثرت المنظومة بسبب إجراءات الإغلاق والحظر، إلى جانب الوسائل البديلة التى لجأوا إليها لتفادى الخسائر وإنعاش الحركة، والمبادرات التى أطلقوها لتطوير العمل فى ظل هذا الوباء.



بتانة»: كل منتجاتنا على «جوجل بلاى»
أكد الدكتور عاطف عبيد، رئيس مجلس إدارة دار بتانة للنشر والتوزيع، أن حركة البيع تأثرت خلال فترة أزمة «كورونا»، ولكن الدار استثمرت هذه الفترة فى التجهيز للأعمال التى ستطرحها، ومنها كتاب للمفكر ثروت الخرباوى وعدة إصدارات أخرى.
وقال «عبيد»: «نظرًا لتوقف حركة البيع لتوقف المعارض وغيرها كان لزامًا علينا أن نجد البديل، وبالفعل طرحنا كل كتبنا على تطبيق (جوجل بلاى)، ونشطت حركة البيع إلكترونيًا، لكنها لم تكن البديل المثالى، ومع ذلك ساعدت فى حدوث انفراجة خفيفة».
وتابع: «قضينا أيام الأزمة نجهز لما سينشر، وبالفعل لدينا خريطة إصدارات جيدة خلال الفترة المقبلة».
«دارك»: أطلقنا «كتالوج» للبيع بالتقسيط
ذكر هيثم حسن، مدير دار «دارك»، أن حركة البيع تأثرت بشكل كبير جدًا منذ بداية أزمة «كورونا»، ما أدى إلى تراجع المبيعات بنسبة تصل إلى ٩٠٪ عن المعدل الطبيعى، ودفع دور النشر للتوقف عن نشر إصدارات جديدة فى المكتبات انتظارًا لعودة الأمور إلى طبيعتها.
وأشار إلى تفكير الدار فى طرق عمل بديلة لتقليل الخسائر، بداية من الاتجاه للبيع الإلكترونى مع تحمل مصاريف الشحن عن طريق أحد مواقع البيع، ثم إطلاق مبادرة «كتالوج دارك للتقسيط» لبيع الكتب بالتقسيط دون فوائد أو رسوم إضافية.

«الكتب خان»: معرض القاهرة ٢٠٢١ «قبلة الحياة»

شددت كرم يوسف، مدير دار الكتب خان للنشر والتوزيع، على أن نشر إصدارات جديدة خلال الأزمة بمثابة حكم على تلك الكتب بالموت، بسبب ضعف الإقبال وتوقف المعارض وإغلاق الأسواق.
وقالت «يوسف»: «كل محاولاتنا تمثلت فى تقليل الخسائر عبر البحث عن طرق بديلة، لكن تلك الطرق لا تعوض البيع المباشر للكتاب الورقى»، موضحة: «الخسائر تصل فى بعض دور النشر إلى ٨٠٪، وهو رقم مهول، وأعتقد أن هناك من تجاوز هذه النسبة».
وأضافت أن «توصيل الكتب للمنازل وإطلاق الكتاب الإلكترونى وغيرهما من الطرق لا تستطيع أن تعوض خسائر دار نشر، خاصة أن المجتمعات العربية تفضل الكتاب الورقى عن الكتب الإلكترونية».
وذكرت أنه «بعد الانفراجة التى حدثت منذ أيام، بدأنا نستقبل الأعمال الجديدة على أمل أن إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب العام المقبل ستكون بمثابة قبلة الحياة للناشرين».



«المصرية اللبنانية»: لجأنا للكتب الصوتية.. ولم نصل لربع المبيعات

رأى موسى على، المدير الإدارى لـ«الدار المصرية اللبنانية»، أن جميع دور النشر تأثر بأزمة «كورونا»، خاصة الدور الصغيرة التى لا تملك مكتبات كبيرة، ما عرضها لخسائر أكبر مقارنة بغيرها، بسبب إلغاء المعارض وتوقف عمل المكتبات.
ولمواجهة ذلك بدأت «المصرية اللبنانية» فى البحث عن منافذ بيع أخرى «تعوض ولو قليلًا من حجم الخسائر»، ومن بينها بيع الإصدارات بصيغة «PDF»، إلى جانب الكتاب الصوتى وغيرهما، لكن «بالطبع لم يغط هذا ولو جزءًا من خسارة الدار الكبيرة فى هذه الأزمة»، وفق «على». وأوضح أن الدار لم تصل لـ٢٥٪ من حركة بيع ما قبل «كورونا»، كما أنها أجلت نشر أى كتب جديدة إلى ما بعد انتهاء الأزمة، لأن «نشر أى كتاب فى ظل هذه الظروف هو حكم نهائى عليه بالفشل»، لكن «بعد الانفراجة التى حدثت منذ أيام نوهنا عن كتابين جديدين سيكونان قريبًا فى المكتبة».

«النخبة»: تخفيضات على الإصدارات وتسليمها «ديليفرى»
وصف أسامة إبراهيم، رئيس مجلس إدارة دار «النخبة»، قطاع الطباعة والنشر والتوزيع بأنه من أكثر القطاعات تضررًا منذ بداية العام الجارى، بسبب جائحة «كورونا»، لتراجع مبيعات الكتب بشكل غير مسبوق، وتوقف عمل منافذ التوزيع والمعارض الدولية.
وأضاف «إبراهيم»: «نتيجة لذلك تعرضت دور النشر لخسائر متراكمة، فاضطر بعضها لوقف النشاط تمامًا، تجنبًا لمزيد من الخسائر، ولعدم قدرتها على دفع الإيجارات أو رواتب العاملين، فيما لجأ آخرون إلى تقليص عملهم بنسبة كبيرة، وتخفيض رواتب العاملين، واستبدال المقار بأخرى أقل تكلفة». وعن دار «النخبة» تحديدًا، قال: «حاولنا البحث عن بدائل أخرى للنشر التقليدى، منها العمل فى مجال النشر الإلكترونى، وإنشاء وإدارة المواقع الإلكترونية فنيًا وتحريريًا لحساب جهات أخرى، إضافة إلى طرح عروض خاصة وتخفيضات على كتب الدار، وإتاحة خدمة توصيلها للمنازل «ديليفرى»، وتوسيع نشاط البيع الإلكترونى».



«العربى»: منصات إلكترونية.. وجذب القارئ بالخصومات

«بدأت المكتبات تغلق أبوابها تدريجيًا، وانخفضت المبيعات بنسبة ٩٠٪، خلال الأشهر القليلة الماضية»... بهذه العبارة لخص شريف بكر، مدير دار «العربى»، الأوضاع الصعبة التى تعيشها حركة نشر وبيع الكتب فى ظل «كورونا».
وقال «بكر»: «لا توجد معارض، وآخر معرض لنا كان فى مسقط وتم إلغاؤه فى منتصفه، كما أن حركة الطيران توقفت تمامًا، وبالتالى لا طيران أو شحن».
وأضاف: «لا يوجد دخل، لذا فكر كثيرون فى التسويق المباشر لكتبهم، واعتمدوا على الكتب الإلكترونية، إلى جانب طرح خصومات لتحفيز القارئ على الشراء».
وواصل: «كل كتبنا متاحة على العديد من المنصات الإلكترونية، خاصة جوجل بلاى التى زادت حركة البيع عليها بنسبة ١٠٠٪، لكن فى المجمل المبيعات قليلة، إذ نبيع من ١٠ لـ٢٠ كتابًا ونأمل فى زيادتها، أما الكتب الصوتية فزادت نسبتها ٥٠٠٪ لكنها غير مجدية».

«المحروسة»: تقليل المصروفات.. ومبادرات لتعويض الخسائر
أرجع محمد أبومسلم، مدير دار «المحروسة»، ما تعانيه دور النشر والتوزيع وتأثر حركة بيع الكتب بصورة كبيرة فى ظل أزمة «كورونا» إلى كون الكتب «سلعة تدخل فى بند الترفيه».
وقال «أبومسلم»: «مثل أى دار نشر تضررنا، وزاد الضرر بتوقف ٦ معارض دولية كان من المفترض إقامتها على فترات متباعدة، وعلى رأسها معرض مسقط للكتاب. ولأن هذه المعارض تُبنى عليها خطط مستقبلية، خاصة للناشرين الكبار، لا أعتقد أن أحدًا نجا من الأزمة، خاصة مع توقف حركة الشحن بالتزامن».
ولذلك «حاولت كل دور النشر تخفيف الخسائر بالعديد من الطرق، على رأسها: توصيل الكتب للمنازل، لكن ذلك أسهم بنسبة ٢٠٪ فقط، واستمراريته محفوفة بالمخاطر، فى ظل عمل الدار على أن تمول نفسها وتقلل المصاريف الأساسية للحفاظ على الزملاء العاملين»، وفق مدير «المحروسة».
وإلى جانب توصيل الكتب إلى المنازل، كشف «أبومسلم» عن إطلاق الدار مبادرتى «كتاب صوتى» و«كتاب إلكترونى» بهدف تقليل الخسائر، لكن «لم نُعوض بالشكل الكافى».
وأشار إلى طرح الدار بعض الإصدارات خلال فترة الوباء منها: الجزء الثانى من سلسلة «أحداث مؤسفة»، وروايتى «ذوبان الثلوج» و«الطاعون»، مختتمًا: «لدينا خطة طموحة أعددناها للنشر، وسنعمل عليها بمجرد ظهور أى بوادر لانتهاء أزمة كورونا».

«العين»: إصدار عملين خلال الأيام المقبلة

كشفت فاطمة البودى، مدير دار العين للنشر والتوزيع، عن أن خسائر الدار تصل إلى ٨٠٪ و«الكارثة حلت على الجميع، لكننا فى الدار كنا متكاتفين وتعاملنا كأسرة واحدة لخوض هذه المعركة بصلابة».
وقالت: «دشنا مبادرات، منها طرح ١٠ مجموعات شعرية أو ١٠ كتب قصصية، لكن لم تكن بديلة عن الوسائل المتعارف عليها، ولكن أن تبيع القليل أفضل من ألا تبيع على الإطلاق».
وتابعت: «أوقفنا النشر تمامًا، لأن إصدار كتاب فى هذه الأزمة مجازفة بعينها، وحكم على الكتاب بالموت، ونشاطنا خلال الفترة الماضية توقف، فقط اتفقنا على إصدار كتابين سيتم طرحهما خلال الأيام المقبلة».


«الهالة»: «تطبيق موبايل».. ومسابقة لأدب الناشئة
قالت هالة البشبيشى، مؤسسة دار «الهالة»، إن سوق النشر تأثرت بشكل كبير منذ أكثر من ٣ أشهر، وربما من بعد النسخة الأخيرة من معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى يناير الماضى.
وأوضحت أنه «مع بدايات انتشار جائحة كورونا تأثرت سوق النشر تأثرًا بالغًا، وتعرضت المكتبات لأزمة كبيرة بعد التزامها بقرارات الإغلاق والحظر التى أقرتها الحكومة، كما أن الأجواء السلبية التى فرضتها الجائحة، التى كان منها التزام البيوت وتقليل الاختلاط، تسببت فى توقف حركة البيع، لذلك لجأ القراء إلى الكتب الإلكترونية باعتبارها أكثر أمانًا».
وأضافت: «أغلقنا مكتبة الهالة فى المعادى بسبب أزمة كورونا لمدة ٤ أشهر، ولم تبع إصدارًا واحدًا، وبالتالى فإن وجودها فى حد ذاته خسارة لا تحتمل».
وأشارت إلى بذل «الهالة» جهدًا كبيرًا لتفعيل خدمة توصيل الكتاب للقارئ فى منزله، عن طريق مندوب يلتزم بكل تعليمات وزارة الصحة من نظافة وتعقيم، بجانب توفير إصداراتها إلكترونيًا على منصات «السوشيال ميديا» وعبر تطبيق موبايل خاص بها.
كما أطلقت الدار مسابقة لكتابة أدب الناشئة لأول مرة، وهى تحمل اسم الكاتب الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق، ويحصل الفائزون فيها على جوائز مالية، إلى جانب نشر الأعمال الفائزة منفردة وليست بشكل جماعى.




«تشكيل»: عروض ترويجية وفعاليات «أونلاين» 
لم يختلف رأى سيد شعبان، مدير دار «تشكيل»، عن سابقيه بشأن تأثر حركة بيع وتوزيع الكتب بسبب أزمة فيروس «كورونا»، قائلًا: «الأزمة أثرت بالسلب على مختلف قطاعات النشر فى العالم كله».
وأوضح «شعبان» أن «أغلب موارد دور النشر يتمثل فى إقامة المعارض والفعاليات المحلية والدولية التى يحضر إليها الناشرون من جميع الأنحاء، وتكون مصدرًا للبيع والتوزيع وحصد ثمار العمل، ونظرًا لإلغاء تلك المعارض والالتزام بإجراءات العزل والتباعد، توقف المورد الرئيسى لهذه الدور».
وأشار إلى اتجاه دور النشر، من أجل تخفيف تلك الآثار السلبية، إلى البيع عن طريق الإنترنت، وتوصيل الكتب إلى المنازل، وطرح عروض ومبادرات ترويجية، مثل التشجيع على القراءة للتخفيف من الآثار النفسية للجائحة خلال العزل المنزلى.
وكشف عن توجه دور النشر وعلى رأسها «تشكيل» إلى إقامة «فعاليات ثقافية إلكترونية» مثل مناقشات وعروض الكتب واستضافة المؤلفين عبر قنواتها على مواقع التواصل الاجتماعى، لكن «كل هذه البدائل لم تحقق نسبة البيع المرجوة».

«تويا»: البدائل لا تغنى عن «الورقى»

كشف شريف الليثى، مدير دار «تويا»، عن غلق بعض المكتبات بشكل تام، بسبب تأثر حركة البيع بشدة فى أوقات الحظر الذى فرضته الحكومة فى إطار إجراءاتها الاحترازية لمواجهة فيروس «كورونا المستجد».
وقال «الليثى» إن «تويا» لم تنشر أى كتاب خلال فترة أزمة «كورونا»، لأن النشر فى هذا الوقت محفوف بالمخاطر، بينما اتجهت إلى تسويق إصداراتها إلكترونيًا، معتبرًا ذلك «وسيلة بديلة لكنها غير كافية أو قادرة على تعويض الكتاب الورقى».
واختتم: «خسائر الدار تصل إلى ٧٠٪، والنسبة المتبقية استطعنا تجنبها من خلال خدمة توصيل الكتب للمنازل، والبيع الإلكترونى».

«نهضة مصر»: خطة لطرح مجموعة جديدة من الكتب

مثل بقية دور النشر والتوزيع تأثرت حركة بيع إصدارات دار «نهضة مصر» بوباء «كورونا»، لأن المعارض والمكتبات توقفتا تمامًا عن العمل، وفق كاملة سلام، مديرة العلاقات العامة بالدار.
ولذلك عملت «نهضة مصر» على التوسع فى خدمات البيع «أونلاين»، من خلال التطبيق الخاص بالدار الذى طرحته الأسبوع الماضى بهدف «إيجاد قناة للتواصل مع القارئ مباشرة دون وسيط».
وأضافت: «البيع الإلكترونى أصبح من أكثر الحلول العملية والآمنة فى الوقت الحالى، لكنه يظل مجرد محاولة للتخفيف»، مشيرة إلى إعداد الدار «خطة نشر» تتضمن إصدار مجموعة جديدة من الكتب خلال الفترة المقبلة.


«سما»: 80% منها مهددة بالغلق نظرًا للإيجارات وأجور العاملين

بشكل جزئى توقفت حركة النشر فى دار «سما»، وعلى الرغم من إصدارها عددًا من الكتب ومحاولة بيعها «أونلاين»، فإنها لم تحقق مبيعات أكثر من ١٠٪ فقط، كما أن طرح إصداراتها إلكترونيًا بصيغة «PDF» لم يعوض الخسائر.
وقال محمد عبدالمنعم، مدير الدار: «المبيعات تراجعت جدًا بسبب الظروف الحالية، وتم إلغاء ٦ معارض دولية تعد هى المتنفس الرئيسى لنا، وحتى معرض القاهرة لا توجد أخبار عنه، وبالتالى نحن فى حيرة، لأننا نخشى أن نصدر كتبًا ثم يُلغى المعرض فتلقى الإصدارات فى المخازن، علمًا بأن كتب ٢٠٢٠ لم توزع حتى الآن».
وأضاف: «نحن مطالبون بدفع إيجارات ورواتب عمال، وكل ذلك يقع على عاتق صاحب الدار فى ظل عدم وجود دخل، لذا لو استمر الوضع على هذا النحو فإن ٨٠٪ من دور النشر ستكون مهددة بالغلق أو التحول لنشاط آخر». وأشار إلى ترجمة الدار رواية «عيون الظلام»، التى كتبت عام ١٩٨١ وتعد أول رواية توقعت حدوث «كورونا»، وكُتب عنها ٢ مليون بحث، ورغم ذلك لم تتجاوز مبيعاتها ١٠٠ نسخة، بسبب عدم وجود منافذ بيع.
واقترح على الهيئة العامة للكتاب وقف إنتاج «مكتبة الأسرة» ليتم شراء كتُب الناشرين، فى إطار العمل على تعويض الناشر ودعمه بشكل حقيقى من وزارة الثقافة.