رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن فى عهد الرئيس


من الطبيعى أن يناقش كل قطاع من قطاعات الدولة المصرية تلك الإنجازات التى تحققت له خلال السنوات الست الماضية، بمناسبة الاحتفال بثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، حيث شهدت كل قطاعات الدولة نجاحات غير مسبوقة على كل الأصعدة الاقتصادية والصحية والصناعية والزراعية.. وغيرها من تلك الإنجازات التى تمس المواطن المصرى البسيط فى حياته المعيشية الحالية والمستقبلية.
حتى على الصعيد السياسى، فإن عودة مصر للساحة الدولية والإفريقية والعربية جعلت لها الريادة فى العديد من المحافل الدولية.. حتى فى المشاكل الإقليمية الحالية التى تشهدها أزمتا «سد النهضة» مع إثيوبيا و«التدخلات التركية» فى ليبيا، فها نحن نشهد حاليًا تحركًا دوليًا لإيجاد حلول لهاتين القضيتين اللتين تمسان الأمن القومى المصرى، بل حياة ووجود المواطن المصرى، ولعل هذا التدخل الدولى خير دليل على ما وصلت إليه مكانة الدولة المصرية لدى المجتمع الدولى.
ومن هذا المنطلق، وبصفتى أتشرف بأن أنتمى لجهاز الشرطة المصرية فإننى أجد أنه من اللازم أن أتناول ما تحقق فى هذا الجهاز من إنجازات خلال تلك السنوات التى تولى فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى دفة القيادة، التى شاءت الظروف أن يتم ذلك عندما كانت جماعة الإخوان الإرهابية تعيث فى الأرض فسادًا، وتقتحم عناصرها المقار الأمنية والشرطية فى جميع المحافظات، لتحرق بعضها وتستولى على الملفات الخاصة بجرائمها من البعض الآخر.
وشهدت البلاد انفلاتًا أمنيًا غير مسبوق وانتشارًا واسعًا لجرائم الخطف والسطو المسلح وتجارة السلاح والمخدرات، وتنامى ظاهرة تهريب الأسلحة إلى البلاد من الحدود الشرقية والغربية والجنوبية، وتحوّلت سيناء إلى مقصد للإرهابيين وعناصر الجماعات المتطرفة، وتزايدت العمليات الإرهابية المدروسة والمخطط لها من أجهزة مخابراتية لدول عربية وإقليمية.. وتزايدت المشاكل الناتجة عن الفتن الطائفية والقبلية.
كانت تلك هى الصورة وذلك هو المناخ الذى كان يسود البلاد منذ أحداث يناير ٢٠١١ وحتى ثورة يونيو ٢٠١٣، حيث كانت الشرطة المصرية تعانى التفكك والتجريف والإقصاء والتنمر ضدها منذ بداية تلك الفترة العصيبة.
ولذلك فإنه لم تكن الأجهزة الأمنية بكل تخصصاتها بعيدة عن الشعب المصرى الذى خرج فى حشود مليونية غير مسبوقة ينادى بإسقاط حكم الفاشية الدينية المتمثلة فى جماعة الإخوان الإرهابية.. بل كان لها الدور الأكبر فى تأمين تلك الحشود ومساندتها حتى تم تحقيق الهدف النبيل من ثورة يونيو ٢٠١٣، وإزاحة هذا الكابوس البائد.. ثم قامت أيضًا بذات المهام عندما خرج أبناء الشعب المصرى يطالبون المشير عبدالفتاح السيسى بالترشح لتولى زمام البلاد، وقيادة سفينة الوطن إلى بر السلام والاطمئنان بعد سنوات من الفوضى والانهيار.
كانت وزارة الداخلية، وتحديدًا قطاع مباحث أمن الدولة، الهدف الأول لجماعة الإخوان الإرهابية منذ قيام أحداث يناير ٢٠١١، وحتى قبل أن تستولى على حكم البلاد، حيث سارعت فى العمل على تفريغ هذا القطاع من أبرز كوادره، الذين كانوا يمثلون حجر عثرة أمام تحقيق أى نجاحات أو إنجازات أو حتى عمليات إرهابية لها.. وراحت الجماعة تضع التصورات والخطط المختلفة لإعادة هيكلة الوزارة، بحيث يتم التخلص من معظم قياداتها والبحث عن كوادر متوسطة تدين لها بالولاء أو على الأقل لم يسبق لها الصدام معها.. وبالرغم من أن ذلك الهدف لم يتحقق لها نتيجة وعى وولاء رجال الشرطة للوطن دون الأشخاص أو التنظيمات، فإن تلك المحاولات نجحت إلى حد كبير فى تقويض عمل كل الأجهزة الشرطية وتحجيمها، خاصة على ضوء ما تعرضت له خلال أحداث يناير ٢٠١١.
ومن هذا المنطلق، فلم يكن من السهولة إطلاقًا أن تستعيد تلك الأجهزة كفاءتها وحيويتها إلا إذا كانت هناك إرادة سياسية قوية وحقيقية فى دعمها ومساندتها لها، كى تقوم بأداء دورها الوطنى على الوجه الأكمل، لتحقيق أمن وأمان المواطن الذى افتقد هذا الشعور منذ هذه الأحداث، وما شهدتها من فوضى وانتهاكات لحقوق الإنسان وحالات التمييز والإقصاء للكوادر الوطنية فى كل مناحى الحياة السياسية والأمنية والإعلامية بل الثقافية والاجتماعية أيضًا.
تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسى قيادة الدولة المصرية وكانت غالبية القطاعات الأمنية فى أشد الحاجة إلى إعادة قدرتها وهيبتها.. وتزامن ذلك أيضًا مع تزايد العمليات الإرهابية فى العديد من مناطق شمال سيناء، وكذلك على الحدود الغربية المتاخمة للدولة الليبية، حيث كانت بلدية درنة هناك تمثل ملاذًا آمنًا للعناصر الإرهابية الهاربة من سيناء، وأيضًا من سوريا والعراق.. بل إن بعض هذه العمليات الإرهابية كان يحدث فى قلب القاهرة نفسها، ناهيك عن محاولات إثارة الفتن الطائفية فى بعض محافظات الوجه القبلى.
وكان من أهم اهتمامات الرئيس إعادة الثقة والروح المعنوية لدى رجال الشرطة فى مختلف المواقع والمجالات.. وبقدر ما كانت المهمة ثقيلة، فقد كانت الهمة حقيقية وكبيرة، وسرعان ما نجح الرئيس السيسى فى اختيار القيادات الأمنية الكفيلة بالنهوض بمستوى أداء كل تلك الأجهزة، وعلى رأسها قطاع الأمن الوطنى الذى راح يواجه جرائم الإرهاب بكل جسارة وقدرة على التعامل معها، وذلك بالتنسيق مع قطاعات العمليات الخاصة والأمن المركزى التى تم تدعيمها بأحدث الأسلحة والمعدات وأيضًا التدريبات على أعلى المستويات.
وبدأت الضربات الاستباقية تتوالى هنا وهناك بهدف اجتثاث الإرهاب من جذوره وتتحقق النجاحات تلو الأخرى حتى لم نعد نسمع عن أى عمليات إرهابية منظمة حاليًا، والحمد لله، إلا بعض تلك الأعمال الفردية المحدودة التى تتسم بالخسة والجبن والخوف من المواجهة.. وعلى الرغم من سقوط بعض الضحايا والشهداء من رجال الشرطة، فإن ذلك لم يثنيهم عن الاستمرار فى أداء دورهم بكل إخلاص وتفانٍ.
يأتى هذا أيضًا متزامنًا مع نجاح أجهزة الأمن العام فى ضبط معدلات الجرائم الجنائية وجرائم التهريب والمخدرات والجريمة المنظمة، وسرعة ضبط الجناة نتيجة استخدام أحدث الوسائل التقنية والتكنولوجية المتبعة فى أعمال البحث والتحرى.. وكذلك الحال بالنسبة للقطاعات الخدمية التى تتعامل مع المواطنين، لتوفير احتياجاتهم ومصالحهم مثل: المرور والأحوال المدنية والجوازات وتصاريح العمل.. إلخ، بعد تزويدها هى الأخرى بأحدث وأسرع أساليب الأداء والإنجاز.
وتثبت الأيام أنه لولا ذلك الدعم الذى قدّمه الرئيس لجهاز الشرطة بكل تخصصاته وفى مختلف المجالات لم تكن لتتحقق تلك الإنجازات والنجاحات وهذه النتائج التى أعادت للشعب المصرى شعوره بالأمن والأمان والطمأنينة.
وتحيا مصر.