رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لقاح كورونا.. الإنتاج قبل النتائج



لا تزال الدول وشركات الأدوية الكبرى، تتسابق لتطوير لقاح مضاد لفيروس «كورونا المستجد». ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يوجد حاليًا حوالى ٢٠٠ لقاح قيد التطوير، من بينها ١٠ فى مرحلة التجارب على البشر، وسبق أن طالب حوالى ١٤٠ شخصية، من بينهم رؤساء دول وحكومات، بأن تكون تلك اللقاحات مجانية للجميع.
شركة «سينوفاك» الصينية قالت، فى ٥ مايو الماضى، إنها تستعد لإنتاج ١٠٠ مليون جرعة من لقاح يعمل عليه باحثوها، وأعلنت شركة «موديرنا» الأمريكية عن اعتزامها بدء إنتاج الدفعات الأولى من لقاحها فى يوليو الجارى. بالإضافة إلى مجموعة «سانوفى» الفرنسية للصناعات الدوائية، التى كانت وكالة «بلومبرج» قد نقلت عن رئيسها التنفيذى أن أولوية الحصول على اللقاح، الذى تقوم بتطويره، ستكون للولايات المتحدة الأمريكية. وبعد حالة الاستياء التى أثارتها تلك التصريحات فى غالبية دول العالم، وبعد أن دعا مسئولون، أبرزهم الرئيس الفرنسى ورئيس المفوضية الأوروبية، إلى توزيع «منصف وعادل وشامل» للقاح، حال التوصل إليه، عادت المجموعة التى تتلقى دعمًا من الحكومة الفرنسية خطوة أو اثنتين إلى الوراء، وزعم رئيس مجلس إدارتها أن تصريحات الرئيس التنفيذى «تم تحريفها»!.
بشكل مختلف، يتعامل العالم مع اللقاح الذى تقوم بتطويره جامعة أكسفورد، وستتولى إنتاجه شركة «أسترازينيكا» البريطانية السويدية، خاصة، بعد أن تعاقدت تلك الشركة مع إيطاليا وألمانيا وفرنسا وهولندا لتزويدها بـ٤٠٠ مليون جرعة من اللقاح، فور إنتاجه. وبعد أن كتب روبرتو سبيرانتسا، وزير الصحة الإيطالى، السبت، فى حسابه على «فيسبوك»، أن التجارب وصلت إلى مرحلة متقدمة، والمرجح الانتهاء منها فى الخريف المقبل، متوقعًا أن تكون الدفعة الأولى من الجرعات متاحة بحلول نهاية العام الجارى.
بدأت تجارب «لقاح أكسفورد» على البشر أواخر أبريل الماضى، ومن المتوقع أن تظهر النتائج فى سبتمبر المقبل، غير أن وكالة الأنباء الفرنسية نقلت، الأسبوع الماضى، عن باسكال سوريو، المدير العام لـ«أسترازينيكا» أنهم لن ينتظروا النتائج لبدء الإنتاج كسبًا للوقت: «نبدأ إنتاج هذا اللقاح الآن، لكى يكون جاهزًا عند صدور النتائج». وبسؤاله عن مدى خطورة هذه «المجازفة المالية»، قال إن «هذه هى الطريقة الوحيدة ليكون لدينا لقاح متوافر، لو نجحت التجربة». وبحسب جريدة «ديلى ميرور» البريطانية فإن الشركة ستقوم بتزويد السوق فى بريطانيا بأكثر من ١٠٠ مليون جرعة من اللقاح، حال الموافقة على إنتاجه واستخدامه، كما تعاقدت الشركة مع الحكومة الأمريكية على إنتاج مليار جرعة فور الانتهاء من التجارب.
ما قد يقلل من خطورة المجازفة، كما نتصور، هو أن الشركة حصلت على دعم يتجاوز المليار دولار من هيئة البحث والتطوير الطبى الحيوى التابعة لوزارة الصحة الأمريكية «BARDA» من أجل تطوير، وإنتاج، وتسليم اللقاح، وبلغت قيمة تعاقدها مع مؤسسة بيل وميليندا جيتس الخيرية، ٧٥٠ مليون دولار، والرقم نفسه حصلت عليه الشركة من تحالف ابتكارات الاستعداد لمواجهة الأوبئة «سيبى»، والتحالف العالمى للقاحات والتحصين «جافى»، مقابل ٣٠٠ مليون جرعة من اللقاح، أما نصيب الدول النامية، فتعاقدت عليه الشركة مع معهد «سيروم» الهندى، أكبر مُصنّع للقاحات فى العالم، على إنتاج مليار جرعة للدول ذات الدخل المتوسط أو الضعيف، لمضاعفة القدرة الإنتاجية، وبلوغ عتبة المليارى جرعة.
لم نعرف طبيعة الدور الذى لعبه ذلك «المصرى الوحيد فى فريق جامعة أكسفورد لإنتاج اللقاح المضاد لفيروس كورونا»، كما جرى وصفه فى برنامج «الحكاية» على شاشة «mbc مصر»، لكنه بدا كما لو كان المتحدث الرسمى باسم الفريق، وباسم الشركة، شركة «أسترازينيكا»، وباسم معهد «سيروم» الهندى، الذى زعم أن الدول التى ستنتظر الحصول على جرعات منه، سيكون أمامها طابور طويل، ونصح «الجهات المصرية»، لو كانت لديها إمكانيات، بأن تتواصل مع «الجهات الرسمية» وتطلب تصنيع اللقاح، حتى تتفادى طول الانتظار!.
هنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن الشركة، التى تأسست سنة ١٩٩٩ بعد دمج شركتى «أسترا» السويدية و«زينيكا» البريطانية، لها فرع فى مصر، AstraZeneca Egypt، عنوانه ١٣٣ شارع التسعين بالتجمع الخامس، وأنشأت سنة ٢٠٠٦ مصنعًا بمدينة السادس من أكتوبر، تمت توسعته فى ٢٠١٧، باستثمارات قيمتها ٥ ملايين دولار، كما قامت، خلال سنة ٢٠١٦ بضخ ٢٠ مليون دولار فى تطوير عدد من خطوط الإنتاج.
.. ولا يبقى غير أن نقول، مجددًا، إن الكلام العلمى والرسمى عن ظهور لقاح مضاد لفيروس «كورونا المستجد»، لا يختلف كثيرًا عن كلام المصاطب: يخاصم بعضه بعضًا، ويتناقض أحيانًا، لكن ما قد يُطمئن هو أن هناك شبه إجماع على أن هذا الفيروس القاتل سيختفى بعد أسابيع، شهور، سنوات، أو بعد عمر طويل، إما بظهور اللقاح المضاد، أو بحدوث طفرة جينية تحوله إلى فيروس وديع، لطيف، وظريف!.