رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سد النهضة وليبيا وفلسطين.. كيف تعاملت مصر مع أهم 3 ملفات مؤخرا؟

سد النهضة
سد النهضة

جبهات عدة – محلية وإقليمية – عملت عليها مصر خلال الفترة الأخيرة لما لها من تأثير مباشر على أمنها القومي والأمن العربي أيضًا.

تلك الجبهات الثلاث الأكثر أهمية وتطورًا خلال الأيام الأخيرة هي قضية سد النهضة الإثيوبي ومساعى مصر للحفاظ على أمنها المائي، فضلًا عن مساعيها للحفاظ على أمنها القومي خاصةً من ناحية الغرب الذي يشهد تطورات متلاحقة وتدخلات خارجية من جانب قوى إقليمية معروفة، أما المحور الثالث وهو قضية العرب المركزية "القضية الفلسطينية"، ونستعرض فيما يلى التحركات المصرية الأخيرة على الجبهات الثلاث:

سد النهضة
أجرى سامح شكري – خلال اليومين الماضيين – اتصالات هاتفية مع نظرائه في كل من روسيا وإيطاليا وألمانيا في سياق التطورات والتفاصيل الحالية لقضية سد النهضة، فخلال اتصاله مع وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، قدّم شرحًا حول آخر تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي، موضحًا كافة مجريات المفاوضات وقبول الجانب المصري باستئنافها، وضرورة أن تُسفر عن التوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة، مع التأكيد على رفض اتخاذ إثيوبيا لأي إجراء أحادي دون التوصل لاتفاق.
وفي أعقاب الاتصال، أعلنت وزارة الخارجية الروسية – عبر حسابها الرسمي بـ "تويتر"، أنه "لابد من الاتفاق على كافة المسائل المتعلقة بسد النهضة مع الحفاظ على مصالح الأمن القومي ومهام التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول حوض النيل"
وفي اتصال مماثل مع وزير خارجية إيطاليا لويجي دي مايو، أحاط شكري نظيره الإيطالي بشكل مُفصل بما وصل إليه المسار التفاوضي، وقبول مصر باستئناف التفاوض مع أهمية تجنب أي خطوات أحادية في تلك المسألة.
كما استعرض لنظيره الألماني هايكو ماس -في اتصال هاتفي- آخر مُستجدات ملف سد النهضة، وصولًا إلى الموقف المصري بقبول استئناف المسار التفاوضي بغية سرعة التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة، مؤكدًا على ضرورة رفض أي إجراءات أحادية في هذه القضية الحيوية قبل التوصل إلى اتفاق يُحقق مصالح كافة الأطراف.
وكانت إثيوبيا قد أعلنت -في وقت سابق- عن موافقتها على استئناف المفاوضات مع مصر والسودان بشأن سد النهضة، وذلك في أعقاب مباحثات سودانية-إثيوبية، إلا أن تلك الجولة المنتظرة من المفاوضات لم يتم الإعلان عن أية تفاصيل بشأنها حتى الآن.
واتبعت مصر العديد من الإجراءات فى هذا الشأن، وذلك بين الاتصالات الدبلوماسية مع الدول العربية والأوروبية، وبين اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لتوضيح كافة التطورات الخاصة بمفاوضات سد النهضة.


الأزمة الليبية
في إطار التطورات المتلاحقة على صعيد الأزمة الليبية، وما يمثله انتشار مقاتلين أجانب من مخاطر أمنية على مصر باعتبارها الجارة الشرقية لليبيا، تستغل مصر كافة الفرص للتنديد بالتدخلات الخارجية – لاسيما التركية – في الأزمة الليبية، حيث ندد شكري – خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري للمجموعة المصغرة للائتلاف الدولي لمكافحة داعش، بالدور الذي تضطلع به تركيا في تجنيد وتدريب ونقل الآلاف من المقاتلين الأجانب من سوريا إلى ليبيا.
كما شدد شكري على ما تمثله الممارسات التركية من انتهاكات واضحة للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن وللأهداف التي يصبو الائتلاف إلى تحقيقها، وهو ما يتعين معه أن يعمل الائتلاف على ضمان عدول تركيا الفوري عن هذه الممارسات والالتزام بواجباتها القانونية، فضلًا عن ضرورة اضطلاع مجلس الأمن ولجان العقوبات المعنية التابعة له بمسئولياتها في هذا الصدد.

كما حازت الأزمة الليبية على نصيب كبير خلال اتصالات وزير الخارجية سامح شكري مع نظرائه الروسي والإيطالي والألماني، وهي البلدان اللتي تمثلان ثقلًا كبيرًا في الأزمة، وخلال اتصاله مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، بحث الوزيران آخر مُستجدات الوضع على الساحة الليبية، حيث تم التشديد على أهمية دفع مسار التوصل للتسوية السياسية الشاملة للأزمة بين الأطراف الليبية، ورفض التدخلات الخارجية في ليبيا، على أن يتم ذلك بالتوازي مع دعم جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة داخل الأراضي الليبية.
وفي ذات السياق، توافق الوزيران على أهمية تنفيذ عملية المراقبة الأوروبية "إيريني"، مع الاحترام الكامل للاعتبارات المتعلقة بسيادة الدول، ووفقًا للولاية المنوطة بها وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتصدي لعمليات نقل العناصر الإرهابية والمقاتلين وتقديم الدعم للجماعات الإرهابية في ليبيا.
وفي اتصاله مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، أكد شكري على ضرورة دعم الجهود الأممية للتوصل إلى حل سياسي شامل بما يحقق استعادة الأمن والقضاء على كافة مظاهر الإرهاب.
وخلال مباحثات شكري مع نظيره الألماني، تم التوافق على أهمية العمل على تنفيذ مقررات مؤتمر برلين، ودعم الجهود الأممية للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة، بما يحقق استعادة الأمن والاستقرار ويُسهم في محاربة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا.

القضية الفلسطينية
"رفض أي إجراءات إسرائيلية أحادية بضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة".. هكذا أعلنت مصر موقفها الواضح تجاه ما أعلنته إسرائيل بشأن نيتها فرض سيادتها على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن.
الموقف المصري أعلنته وزارة الخارجية المصرية في أعقاب اتصال هاتفي بين وزير الخارجية سامح شكري ونظيره الأردني أيمن الصفدي، والذي أكد خلاله الوزيران على أهمية مواصلة الدفع قدمًا بجهود استئناف عملية السلام في إطار مبدأ حل الدولتين، ومن خلال تكاتف المجتمع الدولي نحو تشجيع العمل على تهيئة المناخ الملائم لذلك وخلق أفق واضح نحو التسوية العادلة والشاملة؛ وذلك مع التشديد على رفض أي إجراءات إسرائيلية أحادية بضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة لما ينطوي عليه ذلك من خرق للقانون الدولي ومقررات الشرعية الدولية، ولما له من تبعات وخيمة في تقويض أي أمل في التوصل إلى ما هو منشود من سلام واستقرار وأمن بالمنطقة.
وخلال الاتصال، أكد الوزيران تمسكهما بالسلام كخيار استراتيجي وضرورة إقليمية ودولية، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه سوى من خلال المفاوضات دون أي إجراءات أحادية وعلى أساس حل الدولتين ومرجعيات القانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة.

اتصالات دبلوماسية متواصلة
وخلال اليومين الماضيين، أجرى سامح شكري عدة اتصالات هاتفية مع نظرائه فى الدول الأخرى لبحث مستجدات القضية الفلسطينية.
فخلال اتصاله مع نظيره الألمانى هايكو ماس، بحث شكري جهود إحياء عملية السلام بناء على حل الدولتين، حيث حذر الوزيران من مغبة اتخاذ أي خطوات أحادية تقوض تلك الجهود وتدفع الأوضاع في المنطقة إلى المزيد من التعقيد.
وفي اتصال مماثل مع وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، تم الاتفاق على أهمية الحفاظ على فرص التوصُل إلى تسوية سياسية شاملة وعادلة للقضية في إطار حل الدولتين مع التحذير من مغبة أي إجراءات إسرائيلية أحادية بضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة باعتبارها لن تؤدي سوى إلى تعقُّد الموقف والتأثير على الاستقرار والأمن الإقليميين

قضية العرب المركزية
وعلى الرغم من ما تعاني منه دول العالم من تفشي فيروس كورونا المستجد، واستغلال إسرائيل لتلك الظروف، إلا أن وزير الخارجية سامح شكري، قد أكد – خلال اجتماعات الدورة غير العادية لجامعة الدول العربية والتى عقدت في أواخر أبريل الماضي – على أن أي أزمة، مهما بلغت خطورتها وارتفعت كلفتها، لا يمكن أن تشغل مصر أو الدول والشعوب العربية الشقيقة، عن القضية الفلسطينية، قضية الأمة العربية المركزية، مؤكدًا أن أي إجراء أحادي لضم المستوطنات في الضفة الغربية وغور الأردن هو انتهاك صارخ لكافة مبادئ القانون الدولي، والمبادئ والأعراف التي تحكم العلاقات الدولية وفي مقدمتها عدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة، ويضرب المنظومة الدولية برمتها في مقتل، كما من شأنه دفع المنطقة نحو دائرة من العنف فضلًا عن تأجيج الإرهاب والأفكار المتطرفة، بما يعد انتكاسة لكافة الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب عبر العقود الماضية، إضافة لما سيمثله مثل هذا الإجراء الأحادي من استمرار للظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني وإحباط تطلعاته المشروعة في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ودعا شكري - خلال الاجتماع – إلى تكثيف الاتصالات مع المجتمع الدولي للتشديد على ضرورة ألا يأتي انشغاله بمواجهة فيروس كورونا وتداعياته على حساب القانون الدولي وأسس ومرجعيات عملية السلام، وللتأكيد على أن موقف الدول العربية من الحقوق الفلسطينية العادلة وغير القابلة للتصرف هو موقف ثابت لا يتغير.