رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفئران قد تأكل ملكة بريطانيا!


مشوية على الفحم، يأكلها البشر فى عدة دول أبرزها كمبوديا، الهند، والصين طبعًا. لكن العكس قد يحدث، بحسب هيئات الصحة الوطنية الأمريكية، التى حذرت من سلوك «عدوانى غير معتاد» طرأ على الفئران، التى تعيش فى المدن، دفعها إلى محاولة أكل لحوم البشر، بعد أن صارت عاجزة، طوال شهرين، عن العثور على الغذاء فى نفايات المطاعم وقمامة الشوارع.
فى إرشادات لمكافحة القوارض، تم تحديثها مؤخرًا، قالت «مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها» CDC، إن عمليات الإغلاق على المستوى العام، لمواجهة فيروس «كورونا المستجد»، أدت إلى نقص الطعام المتاح للفئران، خاصة تلك التى تعيش فى المدن والمناطق التجارية الكثيفة، ما جعلها تبحث، بنشاط زائد وعدوانى، عن مصادر جديدة للغذاء.
المؤسسة الأمريكية الرائدة فى مجال الصحة العامة، أكدت أنها رصدت مستويات مرتفعة من السلوك العدوانى الجديد للفئران فى مدينة نيويورك، وتلقت شكاوى من مدينة شيكاغو عن إصابات. وتصلها تقارير متزايدة عن قيام فئران بمحاولات لأكل لحوم بشرية. وعليه، نصحت المراكز بـ«منع القوارض من دخول المنازل والشركات، وإزالة الأنقاض والنباتات الثقيلة، ووضع القمامة فى صناديق مغلقة بإحكام، وإزالة أغذية الحيوانات الأليفة من ساحات المنازل».
اضطرابات القوارض، كما قالت المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، أمر شائع خلال الكوارث الطبيعية، غير أن الواقع يقول إن هذا الأمر شائع فى المطلق، بدليل أن الفئران هاجمت، منذ سنوات، كتاكيت طائر القطرس البحرى، والتهمت أعدادًا كبيرة منها، وهددت حياة حيوانات وحشرات نادرة، على جزر آنتيبودس، جنوب شرقى نيوزيلندا، التى كان يسكنها ٢٠٠ ألف فأر، حين بدأت محاولات التخلص منها، سنة ٢٠١٦، بأضخم خطة إبادة شهدها العالم، كلفت خزينة الدولة ٧٣٥ مليون دولار.
أيضًا، فى جزيرة جوف، التابعة للمملكة المتحدة، والواقعة جنوبى المحيط الأطلسى، سجلت الكاميرات، فى ديسمبر الماضى، هجمات شرسة شنتها عصابات من الفئران ضد طيور كبيرة. وأشار باحثون من الجمعية الملكية لحماية الطيور إلى أن الفئران فى تلك الجزيرة اعتادت على مهاجمة صغار الطيور وأكلها، إلا أن الهجمات الجديدة أصبحت تستهدف، للمرة الأولى، طيورًا كبيرة يزيد حجمها على ٣٠٠ ضعف حجم الفأر. وللتأكد من طبيعة تلك الهجمات، وضع الباحثون كاميرا مراقبة بجوار عش للطيور، وفوجئوا بهجوم مروع شنته ٩ فئران، استهدفت فى بدايته طائرًا كبيرًا، أحدثت به إصابات شديدة، ثم انتقلت إلى صغاره والتهمتها حية!
الفئران تمثل مشكلة أزلية فى مدن العالم الكبرى. وسبق أن ذكر موقع «بيزنيس إنسايدر»، منتصف يوليو ٢٠١٨، أن مدينة نيويورك يسكنها أكثر من مليونى فأر، ولا تستطيع التخلص منها، لعدة أسباب، أبرزها أن نمط معيشة القوارض يتلاءم أكثر مع الحياة فى المدينة، كما أنها قادرة على التحرك فى مختلف الأماكن بشتى الوسائل، من خلال تسلق الجدران والمشى عبر كابلات التليفونات وتجنب الفخاخ. بالإضافة إلى أنها تتكاثر بسرعة، إذ تصل لسن التكاثر عند بلوغها ٥٠ يومًا، ويصل معدل إنجابها إلى ١٢ فأرًا كل ٨ أسابيع.
الوضع فى لندن لا يقل سوءًا. وعلى خلاف ما يعتقده البعض، لا يقتصر نشاط الفئران فى العاصمة البريطانية على الأحياء الفقيرة فقط، بل يمتد إلى الراقية أيضًا، مثل منطقة «إيتون سكوير»، التى يصل سعر المنزل فيها إلى ٧٠ مليون جنيه إسترلينى. كما تنتشر بصورة كبيرة فى أروقة وغرف مبنى مجلس العموم «البرلمان» البريطانى، لدرجة أن بعض المسئولين طالبوا، فى مارس ٢٠١٥، بتربية القطط فى ذلك المبنى الأثرى. والأهم والأخطر من ذلك كله هو أن فئران وجرذان بريطانيا تلهو وتلعب فى قصر باكنجهام، مقر إقامة ملكة بريطانيا!
قصر باكنجهام، Buckingham Palace، يعود بناؤه إلى سنة ١٧٠٣، وصار المقر الرسمى لملوك بريطانيا منذ سنة ١٨٣٧، ومع ذلك لا يخلو من الفئران والجرذان، التى ذكرت صحف بريطانية، أواخر يونيو الماضى، أنها سببت ذعرًا للملكة إليزابيث الثانية. وطبقًا لما نشرته جريدة «صن»، فقد استعان القصر الملكى بفريق متخصص لوضع السم وتدريب عدد من عمال القصر على الطرق المثلى للتعامل معها. غير أن الخبراء قالوا، وقتها، إن نوعًا من الفئران البريطانية استطاع أن يطور مقاومة ضد السم فى جهازه المناعى!
الملكة إليزابيث الثانية، التى احتفلت الشهر الماضى بعيد ميلادها الرابع والتسعين، هى أطول ملوك بريطانيا عمرًا. وسنة ٢٠١٢، صارت الأطول جلوسًا على العرش، بتخطيها الستين سنة، فترة جلوس جدة جدها الملكة فيكتُوريا. واستنادًا إلى تحذيرات «مراكز مكافحة الأمراض» الأمريكية، وبالنظر إلى ما حدث فى جزيرة جوف البريطانية وفى جزر آنتيبودس النيوزيلندية، لا نجد ما نقوله غير ترديد النشيد الوطنى للمملكة المتحدة ونيوزيلندا: حفظ الله الملكة!