رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة العتبة الخضرا بين طاهر باشا وإسماعيل ياسين

العتبة الخضرا
العتبة الخضرا

في العام 1959 قدم المخرج فطين عبد الوهاب والنجوم: إسماعيل يس، صباح، أحمد مظهر، عمر الحريري، وزينات صدقي، فيلم "العتبة الخضرا" ومن يومها وارتبطت العتبة في الذهنية المصرية بأنها تلك المنطقة التي اشتراها الصعايدة.

أحداث الفيلم تتلخص في عملية نصب يقع فيها "مبروك" علي يد النصاب يوسف الذي يوهمه بامتلاك حي العتبة فيشتريه منه مبروك، وينطلق بعدها لجمع الإيجار من المباني التي يؤجرها للحكومة كالمطافي وقسم الشرطة ومكتب البريد وغيرها.

ويبدو أن هناك أصل تاريخي وراء فكرة الفيلم يشير إليها الكاتب صلاح عيسي في كتابه «هوامش المقريزي.. حكايات من مصر» الصادر عن دار الكرمة للنشر، إلي أن القاهريين سمعوا باسم "العتبة الخضراء" لأول مرة عام 1845 ففي ذلك العام انتهى أحمد باشا طاهر من بناء قصر العتبة الخضراء بعد ثلاث سنوات من العمل المستمر، وكان القصر يقع على الأرض التي يشغلها الآن ميدان العتبة وقسم الموسكي ومركز المطافي وهيئة البريد، والشارع الذي يمتد من جانب هيئة البريد إلى تمثال إبراهيم باشا.

وكان قصر العتبة الخضراء يتكون من قسمين: "سراي الحرملك" أي دار الحريم، و"سراي السلاملك" أي دار استقبال الضيوف، وكانت عتبة كل منهما من الحجر الأخضر، ولهذا سمي القصر بــ"العتبة الخضراء".

وفي أواخر حياته وقف أحمد طاهر أملاكه وعين زوجته خديجة خاتون مشرفة علي الوقف، وصاحبة حق في ريعه مدى حياتها، ولذريتها من بعدها.

وقد حدث في عام 1852 أن باعت الأرملة سراي الحرملك للسيدة بمبا قادن والدة الخديوي عباس الأول، وأجرت لها السراي الثانية لستين عاما، بإيجار قيمته 15 مليونا من الجنيهات.

وفي عام 1863 باعت بمبا قادن حق الإيجار للخديوي إسماعيل، فلما أفلس وتحملت الحكومة ديونه حلت محله في إيجار القصر، وعلى امتداد خمسين عاما شهدت المحاكم قضية بين ورثة طاهر باشا والحكومة المصرية حول ملكية القصر، ثم الأرض التي كان عليها فيما بعد أن هدم، ولم تسقط القضية إلا بإلغاء الوقف، بعد ثورة يوليو 1952.

احتفظ الميدان باسم القصر، فيما خلا فترات قليلة سمي باسم الملكة فريدة الزوجة الأولي للملك السابق فاروق، ثم باسم محمد علي الكبير، ثم عاد إلى اسمه مرة أخرى، وكان طاهر باشا حاكما للصعيد لمدة 22 عاما متتالية، جمع خلالها ثروة ضخمة من عرق الصعايدة، مكنته من صرف مليون جنيه على قصر العتبة الخضراء الذي تحول الآن إلى ميدان يدوسه الصعايدة أحيانا بأقدامهم.