رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا قتل السراج رئيس مخابراته؟


المعلومة المؤكدة، أو شبه المؤكدة، هى أن ميليشيات فايز السراج هى التى قتلت عبدالقادر التهامى، رئيس مخابرات التشكيل العصابى، حكومة الوفاق المزعومة، أو ما يوصف بـ«المجلس الرئاسى الليبى»، منتهى الصلاحية، فاقد الشرعية، الذى يحركه، ويستعمله، الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والعائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة.
طائرات تركية ذهبت بمساعدات طبية إلى جنوب إفريقيا وحملت أسلحة إلى ليبيا. ويواصل أردوغان دعم عميله أو غلامه السراج بالأسلحة والمرتزقة. وفى الفترة الأخيرة، تم تكثيف هذا الدعم لشن هجمات على المناطق التى يسيطر عليها الجيش الوطنى الليبى. ولعلك تعرف أن الدعم التركى القطرى للإرهابيين فى ليبيا لم يتوقف منذ ٢٠١١، وأنه خرج للعلن، نهاية العام الماضى، مع توقيع مذكرتى تفاهم بين أردوغان والسراج. التى لم تتوقف بعدها تركيا عن تصدير الإرهابيين من سوريا لإنقاذ الإرهابيين الذين حاصرهم الجيش الليبى فى الغرب.
خسائر الميليشيات الإرهابية تتزايد. وغالبية المرتزقة الذين غادروا سوريا مسلحين، عادوا جثثًا، أو التهمت الكلاب الضالة أشلاءهم. ووسط هذه المعجنة لقى التهامى مصرعه، وزعمت مواقع إلكترونية محسوبة على الميليشيات الإرهابية أنه توفى متأثرًا بـ«أزمة قلبية»، بينما أكدت مصادر ليبية أن ميليشيات تابعة لفتحى باشاغا، وزير داخلية السراج، اختطفت الرجل، وبعد يومين من إخفائه، قامت بتسليم جثته إلى أسرته.
التهامى، الذى يحمل رتبة لواء، يقود جهاز المخابرات بعصابة «حكومة» السراج، منذ أبريل ٢٠١٧. وخلال فترة حكم الرئيس الراحل معمر القذافى، كان أحد الضباط البارزين فى جهاز الأمن الخارجى «المخابرات الليبية». ومنتصف العام الماضى، أقيل من منصبه، لكنه عاد إليه دون تفسير أو تبرير. وقيل وقتها إنه يستمد قوته، أو حصانته، من احتفاظه بملفات سرية.
الأهم من ملفاته السرية هو أنه مهندس العلاقات مع المخابرات التركية، وأحد أبرز من ساعدوا الميليشيات الإرهابية فى السيطرة على العاصمة طرابلس. وحدث فى فبراير الماضى أن أعلن وزير داخلية السراج عن تعرض جهاز المخابرات للاختراق على أيدى ميليشيات لم يذكر اسمها، اتهمها بأنها «بدأت تتآمر على الشرطة»، وتردد وقتها أنه كان يقصد «ميليشيات النواصى».
لا تسأل مَن مع مَن ضد مَن، ليس لصعوبة السؤال، ولكن لأن الإجابة ستكون بلا جدوى. ولو عدت إلى اتفاق الصخيرات، الذى أوضحنا منذ أيام أنه سقط منذ توقيعه، ستجده ينص فى ملحق الترتيبات الأمنية على إخراج الميليشيات المسلحة من المدن الليبية بما فيها طرابلس بعد سحب أسلحتها الثقيلة، على أن يتم بعد فترة زمنية سحب ما تبقى من سلاحها الخفيف، مع دمج أفرادها فى قوات الجيش أو الشرطة أو فى وظائف مدنية أخرى.
خمس سنوات مرت على توقيع هذا الاتفاق الساقط، وما زالت ميليشيات بالعشرات تلهو وتلعب فى طرابلس: ميليشيات باب تاجوراء، التابعة لتنظيم داعش، ميليشيات الحرس الرئاسى التابعة للإرهابى عبدالحكيم بلحاج، ميليشيات الصمود بقيادة صلاح بادى، ميليشيات القوة المتحركة، ميليشيات ثوار طرابلس، ميليشيات الحلبوص، ميليشيات المحجوب، و... و... وتعد ميليشيات «قوات الردع» واحدة من كبرى تلك الميليشيات، إذ يزيد عدد مسلحيها على ٥ آلاف، يسيطرون على العديد من المنشآت الكبرى فى طرابلس، وعدة بنوك والجزء العسكرى من مطار معيتيقة.
الحكم فى طرابلس، باختصار، تتقاسمه أو تتنازعه ميليشيات متشددة ومرتزقة تركيا. وأواخر أبريل الماضى، هاجمت ميليشيات «قوات الردع»، المدعومة بعدد من المرتزقة السوريين، أحد مواقع ميليشيات «ثوار طرابلس»، بأمر مباشر من باشاغا، الذى حوّل تلك الميليشيات إلى ذراع عسكرية لفرض توجهاته الإخوانية. وهذه الميليشيات، يتزعمها عبدالرءوف كارة، الذى يشرف على عمليات التعذيب ضد المعتقلين فى سجن معيتيقة، ويمارس تلك العمليات بنفسه، أحيانًا.
الجيش الوطنى الليبى أطلق، الخميس، عملية «طيور الأبابيل» الجوية. وبأكثر من ١٨ ضربة جوية استهدف شحنات أسلحة وغرفة العمليات التركية والكلية العسكرية فى مصراتة، معقل المرتزقة السوريين. كما شنت مقاتلات سلاح الجو الليبى سلسلة من الغارات على عدة أهداف استراتيجية لميليشيات طرابلس. وتوالى إسقاط الطائرات التركية المسيرة، لتلحق بأكثر من ٩٠ طائرة بيردقدار تم إسقاطها منذ انطلقت عملية تحرير أو تطهير طرابلس. وأمس الأول السبت، بدأت قوات الجيش الليبى تحركات واسعة تجاه قلب العاصمة، للسيطرة على مراصد تابعة لمرتزقة أردوغان، وتوسيع مناطق نفوذها فى الجزء المتبقى من طرابلس.
كان «آخر خدمة الغز علقة»، والآن صاروا ينحرون الخدم، العملاء، والغلمان. وقد يزول العجب وتعرف السبب: سبب اغتيال السراج لرئيس مخابراته، لو عرفت أن الرئيس التركى قال، الإثنين الماضى، فى كلمة تليفزيونية: «ستردنا قريبًا أخبار سارة جديدة من ليبيا». ما قد يعنى أن اختفاء «سارة» أو انتحارها، هو سبب تصفية الرجل أو نحره.